Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصابو الحرب السورية يطالبون بمكانهم على مائدة المفاوضات

ينبري القانونيون والناشطون الحقوقيون إلى مطالبة المجتمع الدولي بعدم غضّ الطرف عن ملف ضحايا النزاعات المسلحة، فهذا الملف من أكثر الملفات المعقدة

فرحة طفلة سورية بعد تركيب طرف صناعي سفلي لها (اندبندنت عربية)

تحدٍ كبير يُواجهه ذوو الإعاقة في النزاعات المسلحة في سوريا، يُرافقه جهدٌ من ناشطين وحقوقيين وأطباء وغيرهم من قطاعات المجتمع للوقوف إلى جانبهم. وحده الدافع الإنساني يحتّم على الجميع المشاركة في قضيةٍ أرّقت أصحاب الضمائر في المؤسسات الدولية والإنسانية، التي قرعت جرس الخطر ملوّحة بالقوانين الدولية والإنسانية، إلا أن أجساد الضحايا الشاهد الأبلغ على فداحة الحرب وقساوتها.

والحرب السورية المستعرة منذ العام 2011، التي أدت من جراء النزاع المسلح إلى مصرع أكثر من 400 ألف شخص، وفقاً للبنك الدولي، إضافة إلى 5 ملايين طالب لجوء، وأكثر من 6 ملايين نازح، وفقاً لوكالات أُممية في يونيو (حزيران) العام 2017، تركت بصمتها الأوسع على أجساد السوريين وتسبّبت منذ مارس (آذار) العام 2011 بإعاقة دائمة لمليون ونصف مليون سوري، بينهم 86 ألف شخص نتجت من إصاباتهم حالات بتر، وفق تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية في ديسمبر (كانون الأول) العام 2018.

في المقابل، تتفاقم أزمة إنسانية وصحية كبيرة وهي الرعاية الكبيرة التي يفترض أن تُهيَّأ لتواكب احتياجات المصابين، الذين تتزايد أعدادهم سنوياً، ويتزايد معها عدد مراكز الأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي، وإعادة التأهيل في سوريا، في وقت يرى خبراء أن نجاح هذه المراكز يكون في الوصول إلى منتج يمكّن المصاب من العودة إلى حياته الطبيعية وممارسة نشاطه ولو في جزئياً.

ألقت بعكازيها أرضاً، وأسندت يديها إلى طرفين حديديين، وأخذت تخطو أولى خطواتها، ومع كل خطوة تخطوها على الأرض تزداد ابتسامتها تألقاً ويشع وجهها نضارة. هي بسمة، الطفلة التي فقدت الابتسامة بعد بتر طرفها السفلي في الأحداث الأخيرة. ومع فرحة بسمة، التي عبرت عنها بعناق أسرتها، دفعت بكل المشاعر الإنسانية إلى الاختلاط بين الفرح والحزن والألم.

تركيب الطرف الاصطناعي كان بمثابة معجزة، ما كانت لتتحقق حتى في أحلام هذه الطفلة التي بترت ساقها الحرب. وفي مركز يتبع إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر في حلب، ركّب هذا الطرف الاصطناعي، بجهود أطباءٍ ومعالجين وفنيين. وهذه الأطراف تُقدم بالمجان في المراكز التابعة للمنظمات الإنسانية ومنها الصليب الأحمر والهلال الأحمر، وهي بذلك تكسر احتكار المراكز الخاصة التي تصنع أطرافاً اصطناعية باهظة الثمن.

ومع تسارع الحرب عبر السنوات الطويلة، بدأت الخبرة في هذا المجال بالتطور أكثر، من الناحيتين التقنية والمعرفة. فرحى المعارك الضروس بدأت تحصد الأرواح والأطراف معها وتجتزّها من جذورها، ومعها بدأت المنظمات الإنسانية بالتحرك لتطوير خبرتها وزيادة فاعليتها.

ويشير أحد مراكز الهلال الأحمر السوري بالتعاون مع الصليب الأحمر إلى ارتفاع عدد الأطراف التي صنعها من 250 في العام 2014 إلى 500 في مايو (أيار) الماضي. إذ يصنع المركز حوالي 50 طرفاً في الشهر تقريباً، مع توافد المصابين من المناطق بعد معارك عنيفة أبرزها الغوطة الشرقية قرب دمشق.

في المقابل، ينبري القانونيون والناشطون الحقوقيون إلى مطالبة المجتمع الدولي بعدم غضّ الطرف عن ملف ضحايا النزاعات المسلحة. فهذا الملف من أكثر الملفات المعقدة. صحيحٌ أنه ليس ملفاً سياسياً لكنه ملف إنساني بحت. وتقول الناشطة الحقوقية جافيا علي إنها بدأت بالعمل في هذا الملف منذ فترة، ما دفعني إلى السؤال: هل تراعي أطراف النزاع وجود ذوي الإعاقة؟ وتردف قائلة "خرجت من بيتي على كرسيّ متحرّك، وبقيت أشهراً أتنقل من مكان إلى مكان إلى أن وصلت إلى السويد. وحالياً، أؤسّس منظمة تسعى إلى وضع ملف ذوي الإعاقة على طاولة المفاوضات أو أن يكون لهم خصوصية أثناء اتخاذ القرارات كفئة خاصة ومهمة، لكنها همّشت في المراحل السابقة".

العلي، التي وصلت إلى السويد ودرست الماجستير في القانون، في العام 2015، في جامعة لوند، لم تنسَ ذوي الإعاقة واحتياجاتهم المختلفة، خصوصاً أن هذه الفئة تتزايد في الحرب السورية. كما أن "المعاهدات والأعراف الدولية مقصّرة بحقهم، وحتى معاهدات جنيف لم تذكر الإعاقة بتاتاً، في ما عدا إشارة في إحدى الفقرات إلى المرضى والجرحى. وهناك فرق بين ذوي الإعاقة وجرحى الحرب، فلماذا لا يفرض المجتمع الدولي حماية أولية لهم؟".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تضيف "استطعت أن أوصل الصوت بفكرة ماجستير عنوانها الضحايا المنسيين، تحوّلت إلى رسالة وجهتها إلى منظمات دولية ومنها رسالة إلى حلف الناتو".

وتطالب العلي المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته وعدم تجاهل هؤلاء لأنهم نتاج حرب كارثية، وفي فترة بناء السلام حتى في الحروب والنزاعات المسلحة سيكون هناك أفراد من ذوي الإعاقة يدفعون ثمن هذه النزاعات، لكن ما يحدث أنه يتم تجاهلهم حتى في إنشاء البنى التحتية. وتبيّن الناشطة الحقوقية أنه في مرحلة ما بعد الحرب لا بد من وضع قوانين لذوي الإعاقة، تصب في خدمتهم، كما هو الحال في كولومبيا. وتشير إلى أنه لا بد من تسليط الضوء على هذه الفئة لوضع قوانين لها، خصوصاً أنها ضحية من ضحايا الحرب، مع مخاوف من أن تأتي أجنّة قد تحمل إعاقات في المستقبل.

أبرز ما يعانيه هؤلاء المعاقون بعد الحرب هو الاضطرابات النفسية، والشعور بالإحباط والانعزالية، وسوء معاملة الآخرين لهم، حتى من الأسرة والأهل. وتقع على عاتق المجتمع كله مسؤولية التخفيف من حدة هذه الاضطرابات والتعامل معها في شكل يشعرهم بأنهم أسوياء. ويشير خبراء نفسيون إلى أن الكثير منا لا يعرف المعلومات الكافية عن الجوانب الطبية والنفسية لذوي الاحتياجات الخاصة، ما يجعلنا نزيد من معاناتهم من دون أن ندرك ذلك.

المزيد من الشرق الأوسط