Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ساسة الجزائر رهائن "ستاتيكو" قبل انتخابات الرئاسة

مراقبون يرون في إعلان تبون موقفه من الترشح فرصة للنخبة في تحديد موقفها  

انتخابات رئاسية وبرلمانية تنتظر الجزائريين في 2024 (أرشيفية - أ ف ب)

ملخص

أرجع رئيس مجلس الأمة الجزائري صالح قوجيل قرار تقديم موعد انتخابات الرئاسة في البلاد من ديسمبر إلى سبتمبر نظراً إلى تزامنها مع موعد التجديد النصفي لمجلس الأمة.

أيقظ تقديم موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر بنحو ثلاثة أشهر عن تاريخها الأول، الأحزاب من الغيبوبة السياسية التي تعيش فيها منذ عام 2019، وبدت حال "ستاتيكو" – أي تثبيت الوضع القائم – هي المسيطرة على المشهد، بل وأبقت تلك الطبقة المنسحبة من النشاط السياسي إلا خلال المناسبات في وضع ترقب من بعيد لما ستؤول إليه الأوضاع لإعلان نوايا الترشح إن كان بالمشاركة أو التحالف أو الانسحاب.

وقبل ما يناهز خمسة أشهر يكاد يغيب زخم الحراك السياسي الذي يسبق استحقاقاً بحجم انتخابات الرئاسة في الجزائر، حاول بعض الأحزاب مواكبة الحدث بنقاشات على هامش سهرات رمضانية وعقد لقاءات، فيما بين قادة النخب تحت عنوان "التنسيق للموعد"، وبدت نوايا الترشح خجولة لا تتناسب مع طبيعة الكم الهائل من مكونات البيئة السياسية التي تزخر بها البلاد.

وإن طمأنت السلطات من أعلى المستويات بدوافع قرار تنظيم انتخابات رئاسية مسبقة في السابع من سبتمبر (أيلول) 2024، الذي واجهته الطبقة السياسية في العموم بأريحية، لم تتمكن في المقابل من فهم طبيعة قائمة المرشحين من الوزن الثقيل حتى تبدي موقفها النهائي في ظل وزنها الشعبي الضعيف.

وفي برنامج تلفزيوني رد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون على سؤال حول ترشحه لولاية رئاسية ثانية، قائلاً إن "الوقت لم يحن بعد للإجابة عن ذلك"، وشدد تبون على أن أولويته تتمثل في تجسيد برنامجه الذي التزم به.

وقال تبون مفسراً تقديم موعد الاستحقاق بالعودة للأجندة العادية لتنظيم الانتخابات بعد التذبذب الذي وقع عام 2019 بسبب الحراك الشعبي، إذ أجل الاقتراع مرتين تلك السنة.

أما رئيس مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان) في الجزائر صالح قوجيل، وخلال جلسة على هامش التصويت على قانون العقوبات الثلاثاء الماضي، فأوضح أن الموعد المختار سلفاً في ديسمبر (كانون الأول) المقبل يصادف موعد التجديد النصفي لمجلس الأمة، فضلاً عن تزامنه مع الحملة الانتخابية الرئاسية، وهو من غير المعقول تقنياً إجراءها معاً، إضافة إلى اعتبارات تقنية صرفة أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنتهي الولاية الرئاسية الأولى للرئيس الجزائري رسمياً، وهي من خمسة أعوام في الـ19 من ديسمبر 2024، فيما تجري الانتخابات قانونياً قبل شهر من نهاية العهدة. لكن موعد الاستحقاق الرئاسي في الجزائر يجري منذ عام 1999 في شهر أبريل، غير أنه تأجل في عام 2019 على خلفية احتجاجات شعبية أسقطت الموعد مرتين.

قرارات حاسمة

ويعتقد مراقبون أن الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها بداية شهر سبتمبر المقبل التي ستكون على أبواب الدخول الاجتماعي، إذ تنتظر البلاد سن قرارات حاسمة على مختلف الصعد، أجبرت السلطة على مراجعة أجندتها، فهذا التوقيت مناسب مع عودة العمال والموظفين لأعمالهم بعد الإجازة الصيفية.

وقبل ذلك سيتعين على السلطات العليا والأحزاب تحضير مقترحاتها لإدخال تعديلات في قانون الانتخابات، وهو مبرر آخر تتذرع به النخب السياسية لتأجيل إعلان نواياها من الترشح، إذ لم تتضح بعد معالم تلك التعديلات المرتقبة على القانون الساري المفعول منذ أربع سنوات.

وخلال هذه الفترة أجريت انتخابات برلمانية ومحلية مكنت من إبراز أوجه القصور في بنود القانون الحالي، منها شكاوى المرشحين من مواد تخص كيفية منع الترشح والإقصاء بمبررات تتضمنها المادة 200 من القانون الانتخابي، ومما تنص عليه ألا "يكون (المترشح) معروفاً لدى العامة بصلته بأوساط المال والأعمال المشبوهة، وتأثيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في الاختيار الحر للناخبين وحسن سير العملية الانتخابية".

كما يتحفظ بعضهم على حجم وطبيعة التوقيعات الواجب الحصول عليها من المترشحين الذين يطالبون بخفض عدد التوقيعات المطلوبة لتشجيع أكبر قدر من الشخصيات على الالتحاق بركب المنافسة.

وفي السياق دعت حركة مجتمع السلم (إسلامي) التي تعد كبرى أحزاب المعارضة إلى ضرورة "إعادة النظر في قانون الانتخابات وتحسين البيئة القانونية الناظمة للعملية الانتخابية كضمانة أساسية لنجاح إجراء الانتخابات وحماية الإرادة الشعبية، وذلك عبر حوار وطني يأخذ في الاعتبار تصحيح الاختلالات القانونية والتنظيمية المسجلة في الاستحقاقات السابقة".

وتقاسمها حركة "البناء الوطني" - المشاركة في الحكومة - الرأي بعدما أعلنت تشكيل فريق تقني يعنى بصياغة مقترحات لتعديل قانون الانتخابات، كما قررت الحركة "فتح ورشة وطنية لتقديم مقترحات حول تعديل القانون".

أما حزب "التحالف الجمهوري"، الذي يترأسه مساعد وزير الخارجية السابق بلقاسم ساحلي، فطالب بأن يكون التعديل توافقياً يأخذ في الاعتبار مقترحات الأحزاب السياسية.

وكان هذا الحزب الأخير أطلق ضمن خمسة أحزاب صغيرة تكتلاً سياسياً بحث في أول اجتماعاته، اختيار مرشح واحد عنها لخوض الانتخابات، ويتعلق الأمر أيضاً بحزب "التجديد والتنمية" برئاسة أمير طيبي و"الحزب الجزائري الأخضر" برئاسة علي عمارة، وحزب "الاتحاد من أجل التجمع الوطني" برئاسة هواري حميدي وحزب "الحركة الوطنية للعمال الجزائريين" برئاسة سالم حديدي.

ما بعد 2019

ولحد الساعة لم تعلن سوى الحقوقية زبيدة عسول ترشحها بصفة رسمية، فيما يتريث الساسة الآخرون عن الخطوة إلى ما بعد عيد الفطر.

وأرجع المحلل السياسي الجزائري جيلالي كرايس موقف الطبقة السياسة الباهتة إلى ما فرضته "مرحلة ما بعد 2019 وتغير قواعد اللعبة، وتدشين مرحلة الانتخابات النزيهة والشفافة التي تعني أن كل حزب سياسي عليه أن يعتمد ويعول على قواعده الشعبية، وهذا ما يفتقد إليه كثير من الأحزاب السياسية التي كانت تعيش على علاقة تكاملية مع النظام السباق، تقديم الدعم في مقابل حصة محددة، أو دخول الانتخابات لإعطائها صدقية، اليوم كل هذه الممارسات لم يعد لها مكان والأحزاب السياسة تعرف هذا جيداً".

 

 

وقال كرايس في حديث لـ"اندبندنت عربية" إنه على هذه الأحزاب حسم مواقفها حول المشاركة وتقديم مرشحين أو الاكتفاء بالدعم والمساندة أو اختيار المقاطعة، وهي قرارات من الصعب اتخاذها داخل أحزاب تعاني قطيعة مجتمعية، ونتائجها التي حققتها في التشريعيات والمحليات السابقة تشير بوضوح إلى تراجع كبير في شعبية الأحزاب حتى الكبرى منها، وتعويل المواطن على فئة الأحرار، وهذا ما يزيد صعوبة اتخاذ قرار المشاركة من عدمه.

ويعتقد المحلل الجزائري، أن قرار رئيس الجمهورية حول الترشح لهذه الانتخابات "كفيل بجعل الأحزاب المترددة في الإعراب عن مواقفها من حسم تلك المواقف"، على رغم أن كل المؤشرات تبين الاتجاه نحو عهدة ثانية.

ومن جهة أخرى لا يمكن الحديث عن انتخابات تعددية من دون وجود مرشحين ومنافسة حقيقة، وهذا ما سيحتم على بعض الأحزاب تقديم مرشحين أو حتى شخصيات مستقلة، مثل ما فعلت زبيدة عسول، وكذلك تلميح رئيس حركة مجتمع السلم عبدالعالي حساني إلى استعداد الحركة لكل التطورات بما فيها المشاركة في الرئاسيات المقبلة، لكن الحسم في قضية المشاركة من عدمه ستفصل فيه مؤسسات الحزب.

وهنا يرى المحلل السياسي الجزائري أن القرار الحاسم للأحزاب متوقف على إعلان موقف الرئيس تبون بالمشاركة أو عدمها، وهو الذي ستبني عليه مختلف التشكيلات موقفها من رئاسيات 2024.

المزيد من تقارير