Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حقوق أجانب الجزائر بين غموض التملك ووضوح الضرائب

يحق للمقيم الإرث بشرط ألا يكون هناك اختلاف في الديانة والدولة فيما تقدر ممتلكات غير المواطنين بنحو 30 ألف عقار

وزارة العمل الجزائرية (مواقع التواصل)

ملخص

الرخصة الإدارية وثيقة ضرورية لأي أجنبي يرغب في بيع عقاراته في الجزائر، وهي مطلوبة حتى في حال بيع الأراضي الزراعية، لأن القانون يشترط الحصول على ترخيص من وزير المالية لإجراء أية تحويلات تتعلق بالحقوق العقارية المملوكة لأشخاص طبيعيين أجانب.

يتفق الجميع على أن استبعاد الأجانب من التمتع بالحقوق السياسية بات تقليداً منتشراً في كل الدول تقريباً إن لم يكن كلها، بينما الحقوق المعترف بها لهم هي مدنية أو خاصة، وعلى رغم ذلك لا تمنح بصورة إجمالية، إذ تكون من طريق بحث كل حال على حدة، أو محاولة تكييفها مع القانونين المحلي أو الاتفاقي، مما يثير في كثير من الأحيان مشكلات يدفع ثمنها الأجنبي أكثر من غيره.

أحقية سياسية ممنوعة

ولا يحق للأجنبي أن يكون ناخباً أو منتخباً في الجزائر، أو أن يشغل منصباً في الوظائف العامة، لأن هذه الحقوق كافة تمثل امتيازاً للمواطنين وحدهم، مما يعني أن الدخول إلى الهيئات السياسية وممارسة سلطة أو وظيفة حكومية أو إدارية محرم عليه باعتباره لا ينتمي إلى المجموعة الوطنية، ويترتب على ذلك أن الأجنبي معفى من الالتزامات العسكرية، لأن الخدمة العسكرية أو الوطنية تمثل واجباً يرتبط بجنسية الشخص.

وفي حين وضع المشرع الجزائري نصوصاً حول هذا الحق أو ذاك بالنسبة إلى الأجنبي، فإن عدم وجود نصوص في بعض الأحيان يفتح المجال أمام اللجوء إلى المنهج التكميلي من القانون المدني، أي إلى الشريعة الإسلامية، أما في حال عدم وجود نص ديني فيعتمد على القانون الطبيعي ومبادئ العدالة.

وأمام المصاعب الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها مختلف الدول، إضافة إلى الأزمات والفوضى والحروب والمجاعات والفقر، تعيش مناطق العالم حركة هجرة واسعة بين شرعية وسرية وغير قانونية أثرت بصورة لافتة في الداخل المجتمعي للأمم بعد أن ظهرت قضايا عدة وظواهر تتعلق بالأجانب.

وتعتبر الحقوق والواجبات أهم انشغال يواجه الحكومات وهذه الفئة على حد سواء، والجزائر واحدة من هذا البلدان التي تعرف تطورات في هذا المجال، ولا سيما ما يتعلق بالإرث والتملك والتجارة والاستثمار والضرائب والتمدرس وغيرها.

حقوق مدنية وخاصة

وفي السياق يقول القانوني والحقوقي آدم مقراني إنه "بناء على أحكام المادة (222) من قانون الأسرة الجزائري، يحق للأجنبي المقيم في الجزائر الحصول على الإرث شرط ألا يكون هناك اختلاف في الديانة بين الوارث والموروث، فلا يجوز التوارث بين مسلم وغير مسلم، وفقاً لما هو متفق عليه لدى جمهور الفقهاء في الشريعة الإسلامية"، لافتاً إلى أن المحكمة العليا (المجلس الأعلى سابقاً) أكدت في التاسع من يوليو (تموز) 1984 أن الشريعة الإسلامية لا تشترط الجنسية في مسألة الميراث ولكنها تلزم بإثبات الانتماء للدين الإسلامي.

وأضاف مقراني أنه في حال كان كل من الوارث والموروث أجانب فيطبق قانون جنسية المتوفى على توزيع التركة، أما إذا كان الوارث أجنبياً والمورث جزائرياً فإن الأجنبي يرث إذا كان مسلماً وفقاً لأحكام قانون الأسرة الجزائري، وإذا كان غير مسلم فلا يرث وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية.

وبالنسبة إلى الأوضاع التي يكون فيها المتوفى أو صاحب التركة أجنبياً فإن قانون الميراث الخاص ببلده، أي بجنسيته، يطبق لأن تحديد التركة وتوزيعها يكون في بلده الأم، أما في ما يخص تملك العقارات فإن الأجنبي الراغب في إجراء أية معاملة عقارية ملزم بالحصول على ترخيص من الوالي المتخصص إقليمياً، وفق آدم مقراني.

 

 

وتابع المتخصص القانوني، "لا يمكن منح هذا الترخيص إلا لمعاملة واحدة"، مشيراً إلى أن "الرخصة الإدارية وثيقة ضرورية لأي أجنبي يرغب في بيع عقاراته في الجزائر، وهي مطلوبة حتى في حال بيع الأراضي الزراعية"، وختم أن القانون الجزائري يشترط الحصول على ترخيص من وزير المالية لإجراء أية تحويلات تتعلق بالحقوق العقارية المملوكة لأشخاص طبيعيين أجانب في الجزائر، وتعد هذه المقتضيات جزءاً من النظام العام، وأي تصرف من دون ترخيص يعتبر باطلاً.

العقارات والمنقولات

من جانبه يوضح متخصص الحقوق ساسي عدنان أهم الحقوق المدنية المرتبطة بالأجنبي قائلاً إنه "يمكن أن تنشأ حقوق الأجانب من طريق تطبيق قاعدة التنازع الجزائري أو من طريق تطبيق القانون الداخلي أو تفسيره أو نتيجة الاجتهاد القضائي"، مؤكداً أن الحق يحدد في الإرث بموجب القانون الوطني العائد للمالك، أي المورث، وفقاً لأحكام المادة الـ (16) من القانون المدني، مما يستتبع إمكان استفادة الأجنبي من هذا الحق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف عدنان أن حق الأجنبي في التبرع أو تلقي الهبة من دون عوض غير مقنن، وإذا كانت مشروعية الهبة لمصلحة الجزائري تفرض نفسها انسجاماً مع المنطق السليم، فإن الواجب لا يبدو مؤكداً في حال الهبة الممنوحة إلى أجنبي، غير أنه يشار إلى أن من قانون الأسرة المتعلقة بالهبة ألا تأخذ بعين الاعتبار الجنسية، كما أن هناك مواد تميز الوصية صراحة بين الأشخاص الذين ينتمون إلى ديانات مختلفة وليس جنسيات مختلفة.

ويواصل المتخصص القانوني قوله إن "حرية البيع والشراء غير مقننة بموجب نص عام، لذا يجب التفريق بين العقارات والمنقولات، إذ تتحدث النصوص عن أن التنازلات عن العقارات والحقوق العقارية العائدة لأشخاص طبيعيين أجانب مقيمين عادة في الخارج تعتبر باطلة وليس لها أثر، وبالتالي لم تقترن بترخيص مسبق صادر عن وزارة المالية، أما في ما يتعلق بشراء عقار يقع في الجزائر من قبل أجنبي فإن استبعاد تمتع الأجنبي بهذا الحق يفرض نفسه نظراً لعدم وجود نص عام حول الموضوع".

وأشار عدنان إلى أن أمر المنقولات يتوقف على قيمة موضوع الصفقة وأهميتها بالنسبة إلى الاقتصاد الوطني، إذ يشترط القانون ترخيصاً مسبقاً من وزارة المالية بالنسبة للعمليات الجارية عن القيم المنقولة والحصص الاجتماعية الجزائرية والأجنبية كافة، إذا حدثت هذه العمليات من قبل أشخاص طبيعيين مقيمين في الخارج، موضحاً أن حق الأجنبي قد يصل إلى الاجتهاد القضائي في حال عدم وجود نص، إذ يمكنه أن يقرر استفادة الأجنبي من بعض الحقوق في حال سكون القانون، وهي حال حق التقاضي الذي يشكل حقاً طبيعياً وليس مدنياً محصوراً في المواطنين، وهذا يعني أنه يحق للأجانب ولوج المحاكم الجزائرية بحرية تامة.

حظر تملك الأجانب

ويخضع وضع الأجنبي في الجزائر لقوانين وشروط عدة مما يجعله يتمتع ببعض الحقوق من دون غيرها، فحتى يتمكن من ممارسة عمل مأجور يتعين عليه أن يحصل على إجازة عمل أو على ترخيص بالعمل الموقت من وزارة العمل، والسمة المميزة للتنظيم الجزائري الجديد في هذا الميدان أن هذه الإجازة أو الترخيص لا يمنحان إلا إذا كان منصب العمل المراد شغله لا يمكن أن يشغله عامل وطني، وذلك فق وزارة العمل التي توضح لوائحها أن القانون ينص على أن الأجانب الذين يسعون إلى ممارسة نشاط تجاري أو صناعي أو حرفي أو عمل حر يخضعون لقانون التجارة والتشريع النافذ المتعلق بوضع الأجانب، والذي يحرّم على الرعايا غير الجزائريين ممارسة مهنة إذا لم يكن بحوزتهم بطاقة مهنية أو ترخيص يقوم مقامها، ولا يمكن الحصول عليهما إلا إذا كانوا يحملون بطاقة مقيم أجنبي.

والقاعدة العامة في التشريع الجزائري هي حظر تملك الأجانب للعقارات، على اعتبار أنها القوام الأساس لإقليم الدولة الذي تبسط سيادتها فيه، إضافة إلى أنها من أهم عناصر الثروة في الدولة، غير أنها أوردت استثناءات على هذا الأصل بموجبها يستطيع الأجنبي التمتع بتلك الحقوق العقارية، وفق شروط وضوابط معينة أهمها الاستثمار.

وفي السياق صادق مجلس الأمة الجزائري عام 2020 على إصلاحات تسمح للمستثمرين الأجانب بالتملك الكامل للمشاريع غير المرتبطة بالقطاعات الإستراتيجية، وبموجب ذلك لن يحتاج الأجانب إلى شراكة مع مستثمر محلي لتنفيذ مشاريع.

 

 

وقدرت المديرية العامة لأملاك الدولة الجزائرية عدد العقارات المسجلة باسم الأجانب في البلاد بنحو 30 ألف عقار، مشيرة إلى أن 55 في المئة من إجمال هذه العقارات تعود للفرنسيين ومعظمها تخص "الأقدام السوداء"، وهم المعمرون الفرنسيون الذين سكنوا الجزائر أو ولدوا فيها أثناء احتلالها من فرنسا بين عامي 1830 و 1962.

أنواع الضرائب

من جانبها تفرض وزارة التجارة شروطاً على الأجانب الراغبين في الاستثمار أو ممارسة نشاط تجاري في الجزائر، إذ لا يمكن للمستثمرين الأجانب في نشاطات إنتاج السلع والخدمات إنجاز استثماراتهم إلا في إطار شراكة تمثل فيها المساهمة الوطنية المقيمة 51 في المئة في الأقل من الرأسمال الاجتماعي للشركة التجارية، وعندما يتعلق الأمر بأنشطة تجارية خارجية ممثلة في استيراد و تصدير المنتجات والبضائع والمواد الأولية بغرض إعادة البيع على حالها، فإنه لا يمكن ممارستها إلا من طرف أشخاص طبيعيين أو معنويين أجانب في إطار شراكة تساوي فيها المساهمة الوطنية المقيمة 30 في المئة في الأقل من الرأسمال الاجتماعي للشركة التجارية.

ويحدد الموطن الضريبي للتاجر الأجنبي بالجزائر سواء على أساس الإقامة المستقرة في الأقل منذ سنة، أو أن الأرباح والمداخيل التي تحصل عليها تخضع للقانون الجزائري بموجب اتفاق دولي.

وعن ذلك يؤكد رئيس الجمعية الجزائرية للاستشاريين الجبائيين أبوبكر سلامي أن الضرائب المفروضة على الأجانب ليست نفسها المفروضة على الجزائريين، موضحاً أن الضرائب على الأجانب لا تخص مجال مشاط محدد من دون آخر وإنما كل المجالات من دون استثناء.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي