بدأ الأفغان يومهم السبت 22 فبراير (شباط)، وسط آمال بتطبيق هدنة تستمرّ أسبوعاً وتشكّل شرطاً مسبقاً لتوقيع اتفاق بين الولايات المتحدة وحركة طالبان في نهاية الشهر الحالي.
وقال سائق سيارة الأجرة في كابول حبيب الله لوكالة الصحافة الفرنسية "إنه صباح أول يوم يمكنني أن أخرج فيه بلا خوف من أن أُقتل بقنبلة أو بهجوم انتحاري... آمل أن يستمر ذلك دائماً".
أما قيس حقجو، وهو حداد في الـ23 من العمر، فبدا أقل تفاؤلاً. وقال في ورشته في العاصمة الأفغانية "أعتقد أن الأميركيين يهربون ويفتحون الطريق لعودة طالبان وتوليهم الحكم كما حدث في منتصف تسعينات" القرن الماضي. وأضاف "السلام لن يأتي أبداً إلى هذا البلد".
التوقيع في 29 فبراير
وتهدف الهدنة الجزئية أو "خفض العنف" إلى إثبات حسن نية المتمردين قبل أن يوقعوا في نهاية الشهر الحالي اتفاقاً تاريخياً مع واشنطن حول انسحاب تدريجي للقوات الأميركية من البلاد مقابل ضمانات أمنية. وتريد واشنطن تجنّب أن تصبح أفغانستان من جديد ملاذاً للمتطرفين.
ويفترض أن يفضي الاتفاق أيضاً إلى بدء مفاوضات أفغانية داخلية تهدف إلى تقرير مستقبل البلاد، بينما رفضت حركة طالبان طوال 18 سنة التفاوض مع السلطة الحاكمة، معتبرةً أنها "دمية" تحرّكها واشنطن.
وحُدد موعد تطبيق الهدنة التدريجية اعتباراً من منتصف ليل الجمعة- السبت. أما الاتفاق فيُفترض أن يوقّعه الطرفان بالأحرف الأولى في 29 فبراير، في حال تراجع عدد الهجمات في مجمل الأراضي الأفغانية، وفق ما تشترط واشنطن.
نجاح الهدنة شرط أساسي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "ما إن يتم تطبيق خفض العنف بنجاح، حتى يسير الاتفاق بين الولايات المتحدة وطالبان قدماً". وأشار بومبيو إلى الوعد الذي قطعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حملته الانتخابية عام 2016، بسحب قوات بلاده من أفغانستان التي تشهد أعمال عنف ولم يعد الوجود الأميركي فيها يحظى بشعبية.
وبينما أكّد بومبيو في بيان بعد زيارة إلى السعودية استعداد بلاده إلى توقيع الاتفاق في 29 فبراير، أفادت طالبان في بيان بأن الأطراف المتحاربة ستخلق "وضعاً أمنياً مناسباً"، مؤكدةً أن الجانبين "اتفقا بعد مفاوضات طويلة على توقيع الاتفاق الذي أُنجز بحضور مراقبين دوليين".
وزير الدفاع الأميركي مايك إسبر قال من جهته، في تغريدة، إنه إذا لم تبرهن طالبان على "التزامها بخفض حقيقي للعنف"، فإن الولايات المتحدة "تبقى مستعدة للدفاع عن نفسها وعن شركائها الأفغان".
الدولة الأفغانية
وفي ضوء الأنباء، قال الرئيس الأفغاني أشرف غني إن التهدئة الجزئية ستبدأ منتصف ليل الجمعة- السبت، مؤكداً أن "خطواتنا المقبلة بشأن عملية السلام ستعتمد على تقييم أسبوع خفض العنف... قوات الأمن الأفغانية ستبقى في وضع دفاع نشط خلال هذا الأسبوع". ورحّبت موسكو على الفور "بالحدث المهم" للسلام، بينما عبر حلف شمال الأطلسي عن ارتياحه لاتفاق يمهد الطريق إلى "سلام دائم". وذكرت الأمم المتحدة السبت أن حوالي 3500 مدني قُتلوا وجُرح سبعة آلاف آخرين عام 2019 بسبب الحرب في أفغانستان.
خلاف في الأفق
غير أن خلافاً يلوح في الأفق، إذ كتب المتحدث السياسي باسم "طالبان" سهيل شاهين في تغريدة أن "الاتفاق" سيعني رحيل "كل" القوات الأجنبية من أفغانستان، حيث ينتشر ما بين 12 و13 ألف عسكري أميركي وقوات لدول أجنبية أخرى.
وقال أحد أعضاء "طالبان" في إقليم مايوند بولاية قندهار (جنوب) لوكالة الصحافة الفرنسية "تلقينا أوامر من قادتنا تطلب منا الاستعداد لخفض أعمال العنف اعتباراً من السبت". لكن حافظ سعيد هدايت، القيادي الآخر في الحركة في قندهار، أكد للوكالة أن خفض المعارك لن يُطبق سوى "في المدن والطرق الرئيسية"، موضحاً أن "هذا يعني أن العنف قد يستمر في بعض الأقاليم" الريفية.
وتُعدّ أفغانستان موطن أطول حرب خاضتها الولايات المتحدة في تاريخها. فبعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 في نيويورك وواشنطن، طرد تحالف دولي بقيادة أميركا حركة طالبان من السلطة التي تولوها منذ عام 1996 وحتى أكتوبر (تشرين الأول) 2001. وخاض المتمردون إثر ذلك حملة متواصلة أودت بحياة أكثر من 2400 جندي أميركي وعشرات الآلاف من أفراد قوات الأمن الأفغانية. وأنفقت واشنطن أكثر من ألف مليار دولار في هذه الحرب التي قُتل فيها أكثر من 10 آلاف مدني أفغاني منذ عام 2009، بحسب أرقام الأمم المتحدة.