قال كبير المفاوضين في الاتّحاد الأوروبي ميشيل بارنييه يجب أن تبقى المملكة المتّحدة في أعقاب بريكست مواكبة لقواعد الاتّحاد المتعلقة بمجموعة من المجالات، إذا كانت تريد إبرام صفقة تجارية مع معه.
وأوضح بارنييه أن وصول بريطانيا إلى أسواق الاتّحاد الأوروبي من دون فرض رسوم جمركية على بضائعها أو اعتماد مبدأ الحصص، يتوقف على إدراج "آلية لتبني المعايير العالية التي لدينا في القضايا الاجتماعية والبيئية والضريبية ومساعدات الدولة، اليوم وفي أي تطوّرات مستقبلية".
وأضاف أيضاً أن الصفقة ستكون "مشروطة" باتفاق يمنح أساطيل الصيد التابعة لدول الاتّحاد الأوروبي الحقّ في الوصول إلى المياه البريطانية، على أن يكون هذا الجانب خاضعاً لـ "محكمة العدل الأوروبية" التابعة للاتّحاد الأوروبي.
ومن المتوقّع أن يكون مدى مواكبة المملكة المتّحدة لقواعد الاتّحاد الأوروبي هو ميدان المعركة الرئيسية في المحادثات التجارية المقبلة بين الجانبين. وقد حذّر بارنييه من أن الاتّحاد الأوروبي "سيكون متطلّباً للغاية" في اشتراطاته الخاصة بالمملكة المتّحدة، وأن هدفه هو "ضمان ألا يصبح التباعد التنظيمي أداةً للمنافسة غير العادلة، بحيث تكون هناك انعكاسات سلبية على صناعات الاتّحاد الأوروبي".
ومن المرجّح أن يكون اقتراح المفاوض الأوروبي بشأن إدراج "التطوّرات المستقبلية" لقواعد الاتّحاد الأوروبي ضمن قانون المملكة المتّحدة عقبة فعلية، لأن ذلك يستبعد تطبيق بند بسيط في الصفقة هو "عدم التراجع" وإبقاء المعايير البريطانية على المستوى الذي هي عليه الآن.
وكانت "المفوّضية الأوروبية" قد نشرت يوم الإثنين الماضي تفويضها لإجراء المحادثات مع بريطانيا الذي كشف عنه كبير المفاوضين بارنييه في مؤتمر صحافي عقده في بروكسل. وينبغي أن توافق عليه الدول الأعضاء في الاتّحاد في اجتماع يُعقد في وقتٍ لاحق من هذا الشهر.
واتى الإعلان عن التفويض في اليوم نفسه الذي حدّد فيه رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون النهج الذي ستتّبعه المملكة المتّحدة في المفاوضات، وذلك في خطاب ألقاه في لندن. وقال رئيس الوزراء إنه سيكون مستعداً لقبول مبدأ الرسوم الجمركية في التجارة مع الاتّحاد الأوروبي، إذا كان ذلك يعني أن بوسع المملكة المتحدة أن تتباين من حيث القوانين الناظمة لهذه التجارة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن في حال فشل رئيس الوزراء البريطاني في التفاوض على اتفاقية خالية من الرسوم الجمركية أو من الحصص، فستُفرض رسوم وحصص قابلة للدفع على كل البضائع التي تتحرّك بين أجزاء مختلفة من المملكة المتّحدة عبر البحر الإيرلندي، وذلك لأن اتفاق جونسون للخروج من الاتّحاد الأوروبي يضع حدوداً جمركية بين بريطانيا العظمى وإيرلندا الشمالية. وستكون هناك عمليات تدقيق جمركية وتنظيمية سواءٌ جرى التفاوض على صفقة أم لا.
وبخصوص مسألةٍ معقّدة منفصلة الجدال المذكور آنفاً، ينصّ التفويض الذي منحه الاتّحاد الأوروبي لإجراء محادثاتٍ مع لندن، على عدم تطبيق الصفقة التجارية على جبل طارق. ويوضح في هذا الإطار أن إبرام أي "اتفاقاتٍ منفصلة" سيتطلّب "موافقةً مسبقة من مملكة إسبانيا"، ما يمنح الحكومة الإسبانية الحقّ في نقضها.
وامتنع كبير مفاوضي الاتّحاد الأوروبي ميشيل بارنييه عن إعطاء مزيد من التفاصيل عن طريقة إجراء المواءمة التنظيمية، وقال للصحافيّين في بروكسل "لا يمكنني الخوض في تفاصيل الآلية التي ستخضع كلها للمناقشة في المفاوضات".
وبخصوص إسهام "محكمة العدل الأوروبية" في الإشراف على الصفقة التجارية، اعتبر مسؤول أوروبي أن "دور محكمة العدل الأوروبية مهم، وسينطبق على الاتفاقية بأكملها. وكلما كانت هناك مسألة تفسير لقانون الاتحاد الأوروبي، فإن المحكمة الوحيدة التي يمكنها القيام بذلك هي محكمة العدل الأوروبية. لا يمكننا اختراع محكمة جديدة أو نظامٍ قانوني جديد للقيام بذلك. إن الاتّفاقات الدولية تأتي تحت قانون الاتّحاد الأوروبي، لذا فهي جزء من التفسير الذي يتعيّن على المحكمة أن تقدّمه".
وأضاف "إن ذلك ليس خيارا، بل هو واقع. وعندما تكون هناك قضية تتعلق بقانون الاتّحاد الأوروبي، يتعيّن على محكمة العدل الأوروبية أن تبتّ بها".
وبموجب اقتراح الحوكمة في الاتّحاد الأوروبي، يتوجّب على لجنة المنازعات المشتركة أن تقرّر ما إذا كانت أي مسألة مرتبطةً بقانون الاتّحاد الأوروبي أم لا، ثم تدعو إلى تدخّل "محكمة العدل الأوروبية" إذا اقتضى الأمر. أما إذا اعتُبر أن القضية لا تتصل بالقانون الأوروبي، فستبتّ بها اللجنة نفسها.
وأكّد المسؤول في الاتّحاد الأوروبي أن المحادثات التي من المقرّر أن تبدأ في الأسبوع الأول من شهر مارس (آذار) المقبل، ستُجرى في كلّ من بروكسل ولندن. ومن المتوقّع أن تؤكد الدول الأعضاء التفويض بإجراء المحادثات، في اجتماع على مستوى الوزراء الأوروبيّين يُعقد في 25 فبراير (شباط) الجاري.
© The Independent