قال علماء إن ارتفاع درجة حرارة المحيطات بسبب التغير المناخي ربما يساعد في حدوث طفرة "غير مسبوقة" في أعداد الحيتان التي تعلق في شباك الصيادين.
ويُعتقد أن ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية هو المسؤول عن زيادة وتيرة موجات الحر البحرية وشدتها. ويذكر أن موجة حر شديدة تعرّض لها الساحل الغربي للولايات المتحدة بين عامي 2014 و2016 أدت إلى تسجيل رقم قياسي لجهة أعداد الحيتان الحدباء والأنواع الأخرى التي علقت بالشباك.
ومن المعتقد أن ارتفاع حالات الوقوع بالشباك قد حدث لأن المياه الدافئة دفعت الحيتان للبحث عن غذائها في منطقة أقرب إلى الساحل ينصب فيها الصيادون شباكهم للظفر بالسلطعون، وذلك وفقاً لدراسة نُشرت في مجلة "نيتشر".
ودعا الفريق الذي أجرى البحث إلى اتخاذ تدابير جديدة لتنبيه الصيادين لخطر التفاف شباكهم على الحيتان ومساعدة المدراء على التكيّف مع التغيرات السريعة والمتكررة في البيئة البحرية.
وقال جارود سانتورا، وهو المؤلف الرئيس للبحث وعالم أبحاث في "مركز علوم مصائد الجنوب الغربي التابع لمصائد الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي"، في سانتا كروز بكاليفورنيا، "مع ارتفاع درجة حرارة المحيط، رأينا تحولاً في النظام البيئي وفي سلوك تغذية الحيتان الحدباء، مما أدى إلى أن تعلق أعداد أكبر من الحيتان في معدات صيد السلطعون".
وأضاف الباحث "نحتاج إلى وضع المعلومات بين يدي أولئك الذين يمكنهم استخدامها في وقت يمكن أن يحدث ذلك فرقاً.. نشهد تغييرات تأتينا بطرق لم يسبق لها مثيل من قبل".
في هذه الأثناء، يطور الدكتور سانتورا وزملاؤه موقعاً إلكترونياً يستخدم بيانات مسوحات المحيطات للتنبؤ بالمناطق الأكثر احتمالاً أن تفِد إليها الحيتان للتغذية على الساحل الغربي للولايات المتحدة.
وسيتمكن صيادو السلطعون حينها من استخدام المعلومات لمساعدتهم في تحديد الأماكن التي يستطيعون نصب مصائدهم فيها أو يجدر بهم أن يتجنبوها. وقد تساعد المعلومات المدراء أيضاً على تقرير أماكن الصيد ومواعيد البدء به أو منعه.
وقد تسببت حالات التشابك العديدة في رفع دعاوى قضائية بيئية تهدد بتقييد صيد السلطعون. كما أدى التركيز على وقوع الحيتان في شباك الصيادين وإجراء بحوث أوفى لمعرفة أسباب ذلك إلى حصول تواصل أفضل بين الصيادين والمجموعات البيئية والمدراء.
وقال جون ميلور، وهو صياد سلطعون من سان فرانسيسكو كان يتحدث عن الحوادث المتزايدة للوقوع في الشباك "لو كانت مجموعة العمل تعرف حينها ما نعرفه الآن، ما كان ذلك ليحدث.. كلما زاد فهمنا للصورة بأكملها، كلما كانت فرصتنا أفضل في التخفيف من الآثار".
يشار إلى أن موجة الحر البحرية التي بدأت في عام 2014 باتت تُعرف باسم "النقطة الدافئة"، بسبب الامتداد الكبير لدرجات حرارة مرتفعة بشكل غير عادي هيمنت على المياه قبالة الساحل الغربي. وجذبت درجات الحرارة المرتفعة هذه أنواعاً شبه استوائية نادراً ما تشاهَد في المنطقة، وبات نمو كائنات الكريل التي عادةً ما تتغذى عليها الحيتان الحدباء نادراً.
إلا أن الحيتان تحولت بدلاً من ذلك إلى التغذية على كميات كبيرة من أسماك الأنشوجة التي دفعتها المياه الدافئة، والأقل إنتاجية، إلى داخل شريط ضيق بالقرب من الساحل.
في الوقت نفسه، أدت درجات الحرارة المرتفعة إلى ازدياد غير مسبوق في نمو الطحالب السامة، الأمر الذي أفضى إلى منع صيد السلطعون على الساحل الغربي من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2015 ولغاية مارس (آذار) 2016. وعندما تراجعت مستويات السموم وافتتُح موسم السلطعون الصخري أخيراً، نصب الصيادون العديد من مصائدهم في الشريط الضيق نفسه الذي كان العديد من الحيتان يتغذى ضمنه بالقرب من الشاطئ.
وأكدت منطقة الساحل الغربي لـ "مصائد الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي" وجود 53 حوتاً عالقاً، وهو رقم كان قياسياً في عام 2015، ثم 55 حوتاً في عام 2016.
تعيش عالمة بحوث الأحياء كارين فورني من "مركز علوم مصائد الجنوب الغربي"، وهي مؤلفة مشاركة في البحث، في موس لاندينغ بولاية كاليفورنيا. ومن مقر إقامتها الذي يتمتع بإطلالة على خليج مونتيري، تشاهد بانتظام حيتان حدباء تتغذى بالقرب من الشاطئ. وخلال سنوات "النقطة الدافئة"، كانت ترى دائماً من 30 إلى 40 حوتاً من نوافذ بيتها الأمامية.
قالت فورني "كان هذا الأمر غير مسبوق، في الوقت الذي أمضيناه من حياتنا هنا.. لقد عرفنا أن شيئاً مختلفاً بشكل كبير هو الذي كان يجذب تلك الحيتان لتقترب من الشاطئ".
وذكرت الدكتورة فورني أن الخلاصة التي يمكن تعلمها من البحث هي أنه يجب على العلماء والصيادين تبادل مزيد من المعلومات لمساعدة بعضهم البعض على فهم كيفية تأثير الروابط البيئية المعقدة على الأنواع البحرية وعلى مصائد الأسماك.
نُشر البحث في مجلة "نيتشر كوميونيكشنز"
© The Independent