تهيمن حالة من التنافس بين زعماء الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لإيران على ملء الفراغ الذي خلفه مقتل أبو مهدي المهندس في قيادة قوات "الحشد الشعبي"، التي تضم عشرات الآلاف من المقاتلين، وتحصل على تمويل حكومي خاص لتسليحها وتجهيزها وتغطية رواتب العاملين فيها من المدنيين والعسكريين.
وقتل المهندس، الذي كان يشغل منصب نائب رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، في غارة أميركية بمطار بغداد، في 3 يناير (كانون الثاني)، عندما كان يرافق قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، الذي كان متوجهاً للقاء رئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي.
العامري يرفض منصب النائب
وبعد سلسلة اجتماعات بين زعماء الميليشيات، اتُّفق على ترشيح زعيم منظمة "بدر" هادي العامري لخلافة المهندس في المنصب، لتجنب أي فراغ في سلسلة القيادة، في لحظة تشهد تطورات داخلية وخارجية متسارعة.
لكن العامري رفض هذا المنصب في تطور مفاجئ، ما أربك حسابات أطراف عدّة، كانت تخطط لإزاحة فالح الفياض من منصب رئيس هيئة الحشد الشعبي، بعدما قدم أداءً متذبذباً خلال مرحلة التصعيد بين الولايات المتحدة وإيران.
وكشفت مصادر مطلعة لـ "اندبندنت عربية" عن أن مفاوضات جرت خلال الأيام القليلة الماضية، وأسفرت عن تعديل المنصب الذي رُشح له العامري من نائب رئيس الهيئة إلى رئيسها، مشيرةً إلى أن نتائج هذه المفاوضات لن تعلن قبل تهدئة الشارع الذي صعّد من احتجاجاته مجدداً خلال الـ 48 ساعة الماضية.
تنافس ثلاثي
وتؤكد المصادر أن ثلاثة من أبرز زعماء الميليشيات العراقية يتنافسون على دور الرجل الثاني في الحشد الشعبي، الذي كان يلعبه المهندس، وهم زعيم حركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي وزعيم حركة النجباء أكرم الكعبي وزعيم كتائب الإمام علي شبل الزيدي.
وتُعدُّ الميليشيات الثلاث، من أبرز فصائل الحشد الشعبي العراقي، إلى جانب كتائب حزب الله العراقية، التي كان يقودها المهندس شخصياً.
وتذكر المصادر أن التنافس بين الزعماء الميليشياويين الثلاثة، يتجسد في مدى الالتصاق بالقرار الإيراني من جهة ومستوى التصعيد ضد الولايات المتحدة في العراق من جهة أخرى، مشيرةً إلى أنّ طهران تركت الزعماء الثلاثة في حالة التنافس القائمة، لانّها تضمن تأهبهم الدائم لمواجهة أي طارئ في أي وقت، بما في ذلك شن هجمات على مصالح الولايات المتحدة أو قواتها في العراق.
الصدر يتحدى
لكن التحدي الأكبر، يأتي من مقتدى الصدر، الذي يتزعم تياراً شعبياً واسعاً، ويترأس ميليشيات تضم آلاف الأفراد، عُرفت سابقاً بـ "جيش المهدي"، والآن تُعرف بـ "سرايا السلام".
وفي حال تأكدت مؤشرات اقتراب الصدر من المعسكر الإيراني بعد قطيعة لسنوات بين الجانبين، فإنّ قادة "سرايا السلام" قد يلعبون دوراً محورياً في إعادة تشكيل قيادة قوات الحشد الشعبي.
وتقول المصادر إن إيران عرضت بالفعل دوراً كبيراً على أحد أتباع الصدر في قيادة قوات الحشد الشعبي، في حال انخرط ضمن المعسكر الموالي لها ضد الولايات المتحدة في العراق.
ودعا الصدر إلى تظاهرة مليونية في العاصمة بغداد يوم الجمعة المقبل، في 24 يناير، لطرد القوات الأميركية من البلاد، سرعان ما حظيت بتأييد معظم قادة الميليشيات الموالية لإيران، وهو ما اعتُبر استجابة صريحة لرغبة طهران في هذا المجال.
ويرى مراقبون أن الأيام التي تلي تظاهرة الجمعة المقبلة، ربما تكون حاسمة في تحديد مستقبل الحشد الشعبي، بعد مقتل المهندس واقتراب الصدر من المحور الإيراني مجدداً.