سمّى الرئيس الأميركي دونالد ترمب فريقاً من القانونيّين البارعين الذين سيتولّون الدفاع عنه في محاكمته التاريخية المقبلة أمام مجلس الشيوخ. أحد الأسماء التي تثير ضجّة في هذا الإطار هو محامي الدفاع آلن ديرشويتز، أستاذ القانون في جامعة هارفارد الذي عمل على بعض القضايا القانونية الأكثر إثارةً للجدل في العالم، وهو اليوم يقدّم خدماته لأحد أكثر الرؤساء استقطاباً في تاريخ الولايات المتّحدة.
ومن المتوقّع أن يركّز المحامي اللامع على الحجج الدستورية لدحض التهمتين الموجّهتين إلى الرئيس من جانب "الديموقراطيّين"، من ضمنهما اتّهامه بأنه أساء استغلال سلطته وعرقل عمل الكونغرس أثناء التحقيق. وذكر بيان صادر عن فريق المحامين نشره ديرشويتزعلى حسابه على "تويتر" أن "البروفيسور ديرشويتز محايدٍ عندما يتعلّق الأمر بالدستور –عارض عزل الرئيس الأسبق بيل كلينتون وصوّت لمصلحة المرشّحة هيلاري كلينتون - فهو يعتقد أن القضايا المطروحة على المحكّ تتعلّق بصلب دستورنا الصامد".
وينضم آلن ديرشويتز إلى عدد من المحامين البارزين الآخرين بمَن فيهم المستشار المستقلّ السابق كين ستار والمحامية العامّة السابقة في ولاية فلوريدا بام بوندي. ويُرتقب أن تبدأ المحاكمة يوم الثلاثاء.
عمّن دافع ديرشويتز في الماضي ولماذا هو مدار جدل؟
تبدو أبرز القضايا التي عمل عليها ديرشويتز وكأنها تدرجه في خانة "مَن يكون بين الرجال المثيرين للجدل". فقد جاء أول انتصاراته القانونية البارزة في 1976، عندما قدّم استئنافاً ناجحاً في قضية إدانة هاري ريمس بتهمة نشر الفحشاء من خلال فيلمه الإباحي Deep Throat. ثم في العام 1984، حقق ديرشويتز انتصاره الرئيسي الثاني في قضية كلاوس فون بولاو، الاشتراكي البريطاني الذي دين بمحاولة قتل زوجته صاني (التي دخلت في غيبوبة العام 1980، وتُوفّيت في العام 2008).
في العام 1995، تولى أبرز قضية قانونية في حياته المهنية إلى اليوم، حين عمل مستشاراً لفريق الدفاع عن أو جي سيبمسون، التي مضى في تأليف كتاب عنها.
منذ ذلك الحين، تولّى أيضاً الدفاع عن الراحل جيفري إبستين في العام 2008 بعد اتّهام المموّل الأميركي بالتماس ممارسة الجنس مع قاصرين. وقد ساعده ديرشويتز في التوصّل إلى "اتفاق عدم ملاحقة قضائية"، ما أدّى بإبستين إلى أن يقضي 13 شهراً في السجن فحسب. لكن المدّعى عليه بقضايا ممارسة الجنس مع قاصرين تُوفّي في السجن العام الماضي. وفي العام 2018، كان آلن ديرشويتز مستشاراً قانونياً في قضية هارفي واينستين المنتج الهوليوودي فاقد الاحترام، وهذه الدعوى ما زالت مستمرة.
تعرّض ديرشويتز لاتّهاماتٍ بارتكاب أعمال سيّئة أيضا
في المقابل، ادّعت امرأتان بأنهما وُجهتا نحو ممارسة الجنس مع آلن ديرشويتز أثناء عمله مع إبستين. فقد أفادت فيرجينيا روبرتس غيوفري إحدى أكثر ضحايا إبستين صخباً في الدعوى القضائية العام 2014، أن إبستين أعارها إلى أصدقائه لممارسة الجنس معهم بمَن فيهم آلن ديرشويتز. لكن المحامي الشهير نفى جميع الادّعاءات المساقة ضدّه.
يبدو أن ديرشويتز يستمتع بجدلية الدفاع عن شخصيات مثيرة للجدل
وقال ديرشويتز في العام 2018 إن ردّة الفعل التي لقيها مقال رأيٍ كتبه يشكّك في شرعية تحقيق المستشار الخاصّ في الحملة التي قادها دونالد ترمب العام 2016، قد أثبتت أن الدفاع عن الرئيس في نظر الرأي العام كان أكثر صعوبة من الدفاع عن أو جي سيمبسون.
وعندما سُئل عن ميله الدائم إلى الدفاع عن شخصيات لا تحظى بشعبية، وعمّا إذا كانت قضية الرئيس دونالد ترمب هي أكثر صعوبة، أجاب في حديث مع صحيفة "نيويورك تايمز" بأن هذه القضية هي أشدّ تعقيداً من أبرز القضايا التي تولاّها في السابق. واعتبر أن "هذه الدعوى هي أسوأ بكثير من قضاياه السابقة مثل قضيه كلاوس فون بولاو أو ليونا هلمسلي أو مايكل ميلكن أو مايك تايسون".
وأضاف "في تلك الدعاوى كان الناس ينتقدونني، لكنهم كانوا على استعداد لمناقشة الأمر. كانوا على أهبةٍ لإجراء حوار. هنا، الأشخاص الذين أعترض عليهم يريدون إيقاف الحوار. إنهم لا يريدون الخوض في أي حديث".
ويرى لورانس ترايب، وهو زميل لديرشويتز في جامعة هارفارد منذ مدة طويلة، في تصريح لصحيفة "ذي نيويوركر"، أن زميله يستمتع بتلك الأنواع من التحدّيات. وقال إنه "يبدع في تولي حالات لا تكون في النهاية مثيرةً للجدل فحسب، بل قريبة جدّاً من أن يكون الدفاع عنها مستحيلاً".
خاض مسيرته في إطار الدفاع عن الحريات المدنية لكنه انتقد "الاتّحاد الأميركي للحرّيات المدنية"
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خاض آلن ديرشويتز أول قضية كبرى عندما دافع عن الفيلم الإباحي Deep Throat مستنداً إلى التعديل الأول في الدستور الأميركي، وركّز على الحريات المدنية على الرغم من أنه قد ذهب إلى انتقاد "الاتّحاد الأميركي للحرّيات المدنية" في الأعوام الأخيرة.
فهو انتقد تلك المنظّمة في العام 2018، بسبب ما اعتبره ميلاً من جانبها إلى الدخول في نشاطٍ سياسي، وبسبب إنفاقها ملايين الدولارات في الأعوام الأخيرة، وقيامها بلعب دورٍ أكثر نشاطاً في الانتخابات الأميركية.
أكد دعم جو بايدن في انتخابات السنة 2020 (إذا انتهى الأمر إلى الاختيار بين نائب الرئيس السابق والرئيس ترمب)
ليست هي المرّة الأولى التي يدعم فيها ديرشويتز "الديموقراطيّين، فقد سبق أن أيّد هيلاري كلينتون في العام 2008، وباراك أوباما في العام 2012. والملفت في دعمه بايدن، هو بروز إسم نائب الرئيس الأميركي السابق في قضية عزل ترمب لجهة الضغط الذي مارسه السيّد الراهن للبيت الأبيض كي تفتح أوكرانيا تحقيقاً في أنشطة شخص لم يكن سوى ابن منافسه بايدن قبيل سباق انتخابات السنة 2020. وقال ديرشويتز لراديو SiriusXM العام الماضي: "أنا مؤيّد كبير لجو بايدن. أحب جو بايدن. لقد أحببته لفترةٍ طويلة، ويمكنني أن أدعم جو بايدن بحماسة".
مؤيد قوي لإسرائيل
يعرّف آلن ديرشويتز نفسه بأنه "مؤيّد لإسرائيل ومؤيّد لفلسطين"، على الرغم من أن السجلاّت تظهر تصريحاً له بإن الشعب الفلسطيني دعم قيام حرب إبادةٍ جماعية. وفيما كان داعماً لانتخاب الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في العام 2012، انتقد في حينه السياسة الخارجية التي اعتمدها بعد امتناع إدارة أوباما عن التصويت على قرارٍ أمني في الأمم المتحدة يشجب بناء إسرائيل مستوطناتٍ في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
© The Independent