دعا تقرير جديد إلى إجبار عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي على تسليم بياناتها للجهات بحثية مختصة وتمويل بحوث حول الأضرار المحتملة التي تلحق بمستخدميها. ويحظى التقرير بدعم والد مولي راسل، المراهقة البريطانية التي انتحرت في عام 2017.
تأتي المخاوف المتعلقة بتأثير وسائل التواصل الاجتماعي على أشخاص يسهل الإيقاع بهم جرّاء انتحار البعض مثل مولي، التلميذة التي كانت تبلغ من العمر 14 عاماً، وتبيّن بعد وفاتها أنها كانت تتصفح محتوى ضاراً على الإنترنت.
من جانبها، قالت "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" إن الاقتراح بفرض ضريبة بنسبة 2% على إيرادات شركات التكنولوجيا الكبرى في المملكة المتحدة غير كاف. وتطالب بدلاً من ذلك بتطبيق ما يسمى "ضريبة إيرادات" على الإيرادات الدولية، على أن تُخصص بعد الأموال الناجمة عن ذلك للإنفاق على أبحاث تتعلق بالصحة العقلية.
وتحدث إيان راسل، والد مولي، في مقدمة مشحونة بالعواطف كتبها للتقرير عن الحاجة الملحة لاتخاذ المزيد من الإجراءات، في سياق توصيفه "كرة الانتحار المدمرة" التي تدحرجت نحو أسرته و"هشمتها بوحشية"، معتبراً أن "قواعد البرمجيات الانتهازية" تتحمل مسؤولية ما حلّ بالعائلة.
وفي إشارة إلى حسابات ابنته الراحلة على وسائل التواصل الاجتماعي، قال الأب المفجوع "بين صديقاتها في المدرسة، والمجموعات الاجتماعية والمشاهير الذين يتابعهم عادة مراهقون في سن الرابعة عشرة، وجدنا مواداً سوداوية مثيرة للاكتئاب، ومحتوى مصور عن كيفية إيذاء الذات، ومواد رمزية تستعين بالصوت والصورة للتشجيع على الانتحار. ليس لدي أدنى شك في أن الوسائط الاجتماعية ساعدت في قتل ابنتي".
كما ركّز راسل على تفاصيل وردت في إحدى الملاحظات الأخيرة التي تركتها مولي، والتي تصف فيها كيف كانت تشعر "بوضوح يحطم القلب". فقد كتبت "أنا الأخت غريبة الطباع، الابنة الهادئة، الصديقة المكتئبة، والتلميذة التي تشعر بالوحدة. أنا لا شيء، لا قيمة لي، أنا مخدرة، ضائعة، أنا ضعيفة، لقد انتهيت. أنا آسفة. سأراكم بعد قليل. أحبكم جميعاً للغاية. أتمنى لكم حياة سعيدة. ابقوا أقوياء".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإذ يرحب تقرير الكلية بورقة المقترحات التي قدمتها الحكومة حول أضرار الإنترنت، فهو يدعو إلى إقامة هيئة تنظيمية مستقلة تتمتع بصلاحيات تجعلها قادرة على إنشاء بروتوكول يتيح للجامعات الاطلاع على البيانات التي تقدمها شركات التواصل الاجتماعي، كالبيانات السلوكية على سبيل المثال، للاستعانة بها في الدراسات والبحوث ذات العلاقة.
كما يشير التقرير إلى وجود أدلة على أن زيادة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قد تؤدي إلى تردي الصحة العقلية، وخاصة لدى الفتيات.
وقالت الدكتورة بيرنادكا دوبيكا، وهي رئيسة قسم الطفولة والمراهقة في "الكلية الملكية للأطباء النفسيين"، والمؤلفة المشاركة للتقرير، "بصفتي طبيبة نفسية تعمل في الخط الأمامي، فإنني أرى المزيد من الأطفال يؤذون أنفسهم ويحاولون الانتحار نتيجة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والمناقشات عبر الإنترنت.. لن نفهم أبداً مخاطر وفوائد استخدام وسائل التواصل الاجتماعي ما لم تعمد شركات مثل تويتر وفيسبوك وإنستغرام إلى مشاركة بياناتها مع الباحثين.. وستساعد أبحاث هؤلاء في تسليط الضوء على كيفية تفاعل الشباب مع وسائل التواصل الاجتماعي، وليس فقط على مقدار الوقت الذي يقضونه على الإنترنت.. التنظيم الذاتي غير ناجع. لقد حان الوقت كي تتقدم الحكومة وتتخذ إجراءات حاسمة لمحاسبة شركات الوسائط الاجتماعية على زيادة المحتوى الضار المقدم للأطفال والشباب ممن يسهل التأثير بهم".
وقالت كلير مردوخ، المديرة الوطنية للصحة العقلية في " خدمة الصحة الوطنية" إذا كانت " هذه الشركات العملاقة تريد حقاً أن تكون قوة من أجل الخير، وأن تضع رفاهية مستخدميها في طليعة اهتماماتها وتتحمل مسؤولياتها بجدية، فعليها أن تفعل كل ما في وسعها لمساعدة الباحثين كي يفهموا بشكل أفضل آلية عملها والمخاطر الناجمة عنها، ومالم تفعل الشركات ذلك، لن يكون بوسعها أن تقول بثقة إن فوائدها تفوق مضّارها".
من ناحيتها، ذكرت فيسبوك، وهي أكبر شبكة تواصل اجتماعي، أنها "تتخذ بالفعل عدداً من التوصيات " التي أوردها التقرير. وأفاد متحدث باسمها "نزيل المحتوى الضار من منصاتنا ونقدم الدعم لمن يريدونه.. نعمل عن كثب مع الحكومة ومنظمات مثل جمعية ’سامريتانز’ الخيرية المعنية بتوفير الدعم المعنوي للمعرضين للانتحار، وذلك بغرض وضع مبادئ توجيهية للصناعة في هذا المجال".
في هذا السياق، قال متحدث باسم الحكومة "إننا نطوّر حالياً خططاً رائدة على مستوى العالم تهدف إلى جعل الاتصال بالإنترنت أكثر أماناً في المملكة المتحدة. ويشمل ذلك واجب العناية الذي تتحمله شركات الإنترنت، وتشرف على تنفيذه هيئة تنظيمية مستقلة تتمتع بسلطات صارمة من أجل محاسبة الشركات.. ستتمتع الهيئة التنظيمية بصلاحية طلب تقارير الشفافية من الشركات التي تعرض فيها ما تفعله لحماية مستخدمي الانترنت. وستُنشر هذه التقارير حتى يتمكن الآباء والأطفال من اتخاذ قرارات بشأن استخدامهم للإنترنت تستند إلى معرفة وافية بالأمر".
© The Independent