يعود النجاح الانتخابي لرئيس الوزراء بنسبة كبيرة إلى تعهده المتكرر بـ"تنفيذ البريكست،" ويشمل ذلك إلى حد كبير"إحداث تغيير في نظام الهجرة." وتعتبر الأيام المائة الأولى لبوريس جونسون حاسمة في إعادة هيكلة نظام لا يحظى إطلاقاً بثقة الجمهور. وإذا كان يرغب في الاحتفاظ بدعم الناخبين الجدد الذين فاز بأصواتهم، فسوف يحتاج إلى اجتذاب الوسط.
من خلال الإيفاء بالتزامه "تنفيذ البريكست،" يمكن لجونسون أن يبدد مخاوف أولئك الذين انتقدوا منهجه حتى الآن. لكنه لن يحقق ذلك إلا إذا اتبع الخطة التالية التي تتضمن سبع نقاط.
1. إلغاء هدف صافي الهجرة
يشمل "صافي الهجرة" جميع الأشخاص الذين يغادرون المملكة المتحدة ويدخلونها لمدة عام أو أكثر، ولم يسبق أن تحقق هذا الهدف. لا شيء يمكن أن يرسل إشارة أوضح عن قطيعة نظيفة مع ديفيد كاميرون وتيريزا ماي من وضع حد لهذا الهدف. إذ ألتزم جونسون به بعد أن انتقده في الماضي. لن تتعزز ثقة الجمهور عبر مواصلة الالتزام بهدف غير قابل للتحقيق. ولا يؤمن حتى "مكتب الإحصاء الوطني" بأن الأرقام دقيقة، بالنظر إلى وجود مشاكل كبيرة في ببياناتهم. وتالياً، فإن اتخاذ نهج بديل يعد ضرورياً وعاجلاً.
من الواضح أن عديداً من مواطني الاتحاد الأوروبي يخشون على مستقبلهم في المملكة المتحدة.
2. ضرورة التركيز على اللغة الانجليزية
يجب وينبغي بذل مزيد من الجهد لضمان أن يتكلم المهاجرون اللغة الانجيلزية. وتفرض الحكومة حالياً شرط الفصاحة في اللغة الانكليزية على من يشغلون وظائف حكومية تنطوي على التعامل المباشر مع الجمهور، بصورة حصرية. يجب أن يذهب رئيس الوزراء إلى أبعد من هذا بكثير بفرض هذا المعيار على معظم موظفي القطاع العام، إن لم يكن جميعهم، خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة. ويجب توفير تمويل إضافي لإنهاء القرعة البريدية في تعلّم اللغة الإنجليزية. إن الاندماج هو التزام متبادل: يجب أن نضمن توفير اعتمادات كافية قبل أن نطالب المهاجرين باستخدامها. يمكن أن تدعم الموارد الإضافية محو الأمية باللغة الإنجليزية للجميع، من أجل محاربة الأمية الوظيفية التي نادراً ما يجري الإبلاغ عنها على الرغم من كونها مشكلة متنامية.
3. الترحيب بمواطني الاتحاد الأوروبي
تُظهر أحدث الأرقام أن صافي الهجرة لمواطني الاتحاد الأوروبي قد انخفض بمقدار الثلثين منذ استفتاء عام 2016. ومن الواضح أن عديداً من مواطني الاتحاد الأوروبي يخشون على مستقبلهم في المملكة المتحدة. ينبغي الترحيب بهم لا جعلهم رهائن في الصفقة التجارية الجديدة مع بروكسل. يجب أن تلتزم الحكومة بمنح جميع مواطني الاتحاد الأوروبي الموجودين حالياً في المملكة المتحدة الحق في البقاء بغض النظر عن الصفقة (ما يساعد المواطنين البريطانيين في أوروبا على الاحتفاظ بإقامتهم الأجنبية هناك)
4.نظام في صالح بريطانيا
تحتاج بريطانيا ما بعد البريكست إلى جذب ألمع وأفضل المهاجرين في العالم. ومن دواعي الترحيب بهم، رؤية الحكومة تلتزم بفتح بريطانيا أمام الأكاديميين والعلماء وغيرهم من أصحاب المهارات العالية. ومع ذلك، وعد الكتاب الأبيض الأخير المتعلق بالهجرة بوضع نظام يستند على المهارات لكنه لم يذكر المهارات المطلوبة، واكتفى بذكر الأجور. لا يدل الأجر المرتفع على العمل الذي يتطلب قدراً عالياً من المهارة. منذ 2008، نعتمد على نظام النقاط المعقد للغاية، وقد بات بحاجة إلى مراجعة شاملة. بوضوح، يبدو جونسون وبريتي باتيل، وزير الداخلية، محقان في الرغبة في إصلاحه، لكن يجب عليهما الذهاب أبعد من القيمة الاقتصادية، وصولاً إلى القيمة الاجتماعية للنظام. ويعني ذلك توسيع نطاق خبرة اللجنة الاستشارية للهجرة، التي تقدم مشورة مستقلة إلى الحكومة في شؤون الهجرة، من اقتصاديات العمل إلى القانون والسياسة الاجتماعية. ومن دون إحداث تغيير في اللجنة، ستحصل الحكومة على نفس الاستشارات وستتواصل إحباطات الجمهور.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
5. التركيز على تأثير الهجرة
ترتبط المخاوف العامة بشأن مستويات الهجرة بنقص متصوّر في المراقبة السليمة للحدود. يتوجب زيادة عدد شرطة الهجرة لمواجهة العمل غير القانوني وفضح الزيجات المزيفة. كما يتوجب إعادة العمل بصندوق آثار الهجرة المتمثّل في ضريبة تفرض على طلبات الهجرة (دفعتها أنا عند انتقالي إلى المملكة المتحدة) بهدف الحد من تأثير الهجرة على التعليم والسكن والنقل. وقد أغلق ديفيد كاميرون ذلك الصندوق في 2010. يتوجب إعادة تأسيس ذلك الصندوق ربما كجزء من تعهد جونسون إعادة الاستثمار في الشمال. يتمثّل مفتاح كسب ثقة الناخبين في التقليل من آثار الهجرة وليس من وضع هدف عشوائي لصافي الهجرة غير قابل للتحقيق. إن قلة عدد المهاجرين لا يعني بالضرورة الحصول على طوابير أقصر في أقسام الحوادث والطوارئ لأن المهاجرين في هذه الأقسام يكونوا في الغالب أطباء وممرضين وليسوا مرضى. لذا، يتوجّب على الحكومة تبني منظور أوسع.
6. التمويل الذاتي لنظام الهجرة
يضخ المهاجرون في نظام الهجرة الحالي مبالغ أكبر بكثير مما تتطلّب مقتضيات تشغيله. وقد بلغت أرباح وزارة الداخلية من رسوم طلبات الهجرة 200 في المائة أو أكثر. يمكن إلغاء التصور بأن المهاجرين يشكلون استنزافاً لدافعي الضرائب إذا أنشأ جونسون نظاماً للمهاجرين يُموّل حصراً من قِبَلْ المهاجرين. ومن شأن ذلك توفير مساحة لخفض رسوم الطلبات بشكل عام مع الحفاظ على استدامة النظام بتمويل كاف. وكذلك يمكن توظيف الفائض بوصفه مكتسباً من المهاجرين، في خلق صورة جديدة أكثر ترحيباً بهم باعتبارهم مساهمين صافين في اقتصادنا، وهذه حقيقة سبق أن أشاد بها جونسون.
7. نقاش وطني
أخيرا، لقد مضت 10 سنوات على توصية الفريق الاستشاري للسير برنارد كريك بإجراء إصلاحات لتحسين الاندماج وتعزيز المواطنة. وقد حظيت توصياتي لإعادة النظر في ذلك الإصلاح ومراجعة الفقرة المتعلقة بالحياة في امتحان الجنسية، الذي يشكّل حالياً امتحاناً سيئاً في رأيي، بدعم لجنة الجنسية في مجلس اللوردات بعد الأدلة التي قدمتها إليهم. ينبغي على الحكومة الجديدة اغتنام الفرصة لتقريب وجهات النظر في البلاد حيال الهجرة عِبْرَ عقد مشاورات على المستوى الوطني حول نوع الجنسية البريطانية ما بعد البريكست التي يريدها الجمهور. وإذا كان الاستفتاء قد علّمنا شيئاً ما، فذلك يتمثّل في أن كثيراً من الناس يشعرون بتجاهل أصواتهم في القضايا الأكثر أهمية بالنسبة لهم. لقد تأخر كثيراً إجراء نقاش وطني عن المواطنة البريطانية.
تعتبر الهجرة مصدراً محتملاً للقلق ومجالاً للفرص في الوقت نفسه. ولحسن حظ تيار الوسط، فإن جونسون "مؤيد للهجرة" بلا خجل، ولديه الآن أغلبية عملية لإصلاح نظام بات في أمس الحاجة إلى تغيير عاجل. وتبقى كيفية إنجازه ذلك الامر، إذا تصدى لفعله، كفيلة بتشكيل وتحديد فترته في رئاسة الوزراء.
يعمل توم بروكس أستاذاً القانون والحكومة في "جامعة دورهام". وألّف كتاباً عنوانه "أن تصبح بريطانياً".
© The Independent