هل يكون بوريس جونسون آخر رؤساء الوزراء في المملكة المتحدة؟ بدأت التكهنات تظهر بالفعل بأنّ إرثه القبيح سيتضمّن تقسيم هذه البلاد. من الناحية الانتخابية، يمكن اعتبار خسارة اسكتلندا أمراً إيجابياً من وجهة نظر حزب المحافظين بعد أن تحوّل إلى الحزب القومي الإنجليزي. لكن مع ذلك، لا أظنّه إرثاً يرغب به شخص مهتمّ بالتاريخ مثل جونسون- ويجب ألاّ نغفل أيضاً دور غروره الهائل.
ويظهر أنّ فوز جونسون الساحق يمنحه ما يكفي من النفوذ كي يفعل ما يريد، كي يصبح "دكتاتوراً منتخباً" حسب تعبير زميلي شون أوغرايدي. ويستطيع نظرياً أن يبدأ بتفعيل استفتاء ثانٍ على الاستقلال في اسكتلندا خلال ولاية البرلمان المقبل.
لكن يجب التعامل كذلك مع الوقائع السياسية. أوّلها أنّ اسكتلندا اتّجهت نحو خيار مختلف كلياً عن الخيار الإنجليزي، ممّا أثار غضب مناصري الاستقلال في اسكتلندا. لكن الاستطلاعات أظهرت تغيّر الآراء: إذ تزايد أعداد مناصري خيار البقاء في الإتحاد في المرة السابقة الذين بدأوا بتغيير رأيهم بعد متابعتهم لجونسون. ربّما تتقدم الحملة ببطء لكنها ستبدأ هذا الصباح وستحشد الدعم.
فلنتجه إذاّ إلى المراهنات التي تقول إن الاحتمالات ليست لصالح هذا الخيار الآن.
في موضوع اسكتلندا، تصل احتمالات إجراء استفتاء خلال انعقاد البرلمان المقبل إلى 5 مقابل 1، ما يشير إلى احتمال ضمني نسبته 16.7 في المئة. أعتقد أنّ هذا الاحتمال معقول. ربّما أعقد رهاناً صغيراً على الموضوع مع أنّني لن أحصد أي ربحٍ سوى بعد بضع سنوات.
والاحتمالات أضعف بالنسبة لأجزاء الإتحاد الأخرى- لكنها ليست أضعف بكثير بالنسبة لإيرلندا الشمالية التي تُعدّ ثاني مكان يرجّح أن يعقد فيه استفتاء. فمن أجل "الانتهاء من تنفيذ بريكست" ضحّى جونسون بحلفاء حزب المحافظين في "الحزب الوحدوي الديمقراطي" ورماهم تحت عجلات باص راوترماستر الذي روّج له. لذا، سوف تبرز الحدود من جديد على جزيرة إيرلندا.
من شأن صفقة رئيس الوزراء المشؤومة في موضوع بريكست أن تؤذي شمال إيرلندا أكثر من أي منطقة أخرى في مملكة أضحت غير متحدة. بدأ مزارعو المنطقة يعبرون عن سخطهم لأسباب واضحة. ولا ينحصر الأمر بالمزارعين فقط. يرجّح موقع المراهنة بادي باور أن تصل احتمالات توحيد إيرلندا لدى انعقاد البرلمان الآتي إلى 6 مقابل 1، وهي نسبة أدنى قليلاً (14،3 في المئة) من احتمالات حدوث استفتاء ثان على الاستفلال في اسكتلندا. وهذا ما يعني طبعاً أنّ الجمهورية ستضطر لتحمّل زعيمة "الحزب الوحدوي الديمقراطي"، آرلين فوستر. لا أعتقد أنه من العدل أن يتمنى المرء هكذا مصير لأي أحد.
وتبعد الاحتمالات في مناطق أخرى. فعلى الرغم من تذمّر الحزب القومي الويلزي "بليد سيمرو"، لا تتعدى احتمالات حصول استفتاء على الاستفلال في ويلز 66 مقابل 1 وهو احتمال مبرّر.
لدواعي التسلية البحت، سعيت لاكتشاف احتمالات حصول استفتاء على الاستفلال في لندن: والنتيجة 250 مقابل 1. قبل أن تهزأوا من الفكرة، انتبهوا إلى أنّ لندن- وهي مدينة مناصرة للبقاء في الإتحاد الأوروبي بشدّة- لا تتبع المسار نفسه الذي تتبعه باقي البلاد. ربما اختارت المدينة بوريس جونسون مرتين عمدةً لها ولكنّها لم تعد مولعةً به في الأثناء. وفي لندن حركةُ استقلالية ناشئة، حتّى أنها مدعومة بحزب.
واقعياً، لا تستحق نتيجة الموضوعين التوقف عندها في السنوات الخمس المقبلة. لكن ماذا عن العقد المقبل؟ عودوا بالذاكرة إلى الوضع السياسي منذ عقد مضى مقارنة بالحال الذي وصلنا إليه الآن، وستخطر في بالكم فكرة "وقعت أمورٌ أغرب". فماذا عن السنوات الـ15 القادمة إذاً؟
وهذا على افتراض ألّا تكون لندن تحت المياه بحلول ذلك الوقت. لا شكّ في أنني أمزح- لكن نظراً إلى أسلوب تعاطي طبقة السياسيين الحاليين مع أزمة تغيّر المناخ، قد يكون مثل هذه الاحتمالات مرتفع بدرجة مقلقة.
© The Independent