Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قراءة في برنامجي الحزبين المتنافسين في الانتخابات البريطانية

تباين واضح بشأن البريكست والعلاقة مع امريكا والضرائب والأعمال

بوريس جونسون خلال حملة انتخابية لحزب المحافظين (أ.ف.ب)

لم يتسع الوقت للجمهور البريطاني لاستيعاب ما عرضته الأحزاب المتنافسة في الانتخابات المبكرة التي تجرى يوم 12 ديسمبر ضمن بياناتها الانتخابية التي أعلنتها نهاية الشهر الماضي. ومع أن الموضوع الرئيسي للانتخابات هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) فقد قدم الحزبان الرئيسيان (المحافظين الحاكم بزعامة رئيس الوزراء بوريس جونسون والعمال المعارض بزعامة جريمي كوربن) برامج تغطي كل شئ تقريبا.

طرح المحافظون برنامجهم الذي أعلنه بوريس جونسون في 59 صفحة، بينما جاء برنامج العمال الذي أعلنه جريمي كوربن في 105 صفحة. شعار برنامج المحافظين "تشكيل بريطانيا جديدة" تبدأ بخروجها من الاتحاد الأوروبي في 31 يناير دون تمديد الفترة الانتقالية التي تنتهي بنهاية ديسمبر 2020.

وأهم الوعود الانتخابية إلى جانب إنجاز البريكست كانت تتعلق بـالخدمات الصحية الوطنية والشرطة، وتحديدا وعدٌ بتعيين 20 ألف شرطي إضافي وتعيين 50 ألف ممرض إضافيين على مدى خمس سنوات.

أما حزب العمال فكان عنوان برنامجه هو "بيان الأمل" ويطرح "الخطة الأكثر طموحا وراديكالية لتغيير البلاد منذ عقود". وأهم ملامحها إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على البريكست وطرحه في استفتاء ثان، وتأميم عدة خدمات مثل الماء والكهرباء والسكك الحديدية والبريد، إضافة إلى توفير انترنت مجاني لكل البيوت في بريطانيا.

السياسة الخارجية

قد لا تشكل السياسة الخارجية أولوية للناخب البريطاني حين يختار الحزب الذي يصوت له في الانتخابات العامة، لكن الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة حين يعلنون برامجهم تتضمن في ذيلها سياستهم الخارجية.

بالنسبة للمحافظين، ركز برنامجهم على تشكيل تحالفات تجارية مع الدول خارج الاتحاد الأوروبي والتفاوض على اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة واستمرار التحالفات العسكرية لبريطانيا وفي مقدمتها دورها في حلف شمال الاطلسي (الناتو).

وبما أن البريكست هو موضوع الانتخابات الرئيسي، ومع تعهد بوريس جونسون بالخروج من أوروبا نهاية شهر يناير 2020 سيكون ملف السياسة الخارجية الأول لحكومة المحافظين هو ترتيب علاقة بريطانيا مع دول الاتحاد الأوروبي الست والعشرين، كل على حدة.

وستكون أوروبا متوجسة من توجه جونسون نحو أمريكا على حساب علاقة بلاده مع أوروبا، وبالتالي سيصعب على الحكومة لو شكلها المحافظون الحفاظ على الشريك التجاري الرئيسي لبريطانيا (دول الاتحاد الأوروبي) بما يحفظ مصالح بريطانيا التجارية والاقتصادية.

وما لم يتمكن جونسون من ترتيب اتفاقات خروج تضمن علاقة تجارية واقتصادية مع دول أوروبا على غير قواعد منظمة التجارة العالمية، سيكون موقف الحكومة في التفاوض على اتفاقات تجارية مع الشركاء غير الأوروبيين ضعيفا.

أما حزب العمال، فزعيمه جريمي كوربن الذي كان مناضلا قبل أن يصبح سياسيا في الصفوف الأولى، فيتبنى توجهات راديكالية في السياسة الخارجية. لذا فبرنامج العمال للسياسة الخارجية يركز على قطع علاقات بريطانيا مع الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ووقف بيع الأسلحة البريطانية لها وأن تكون بريطانيا الحليف الند للولايات المتحدة.

وحسب بيان الحزب، فإن حكومة كوربن ستعمل على "الاعتراف الفوري بدولة فلسطين".

ويتفق الليبراليون الديموقراطيون في برنامجهم الانتخابي مع العمال في الموقف من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنهم يركزون على تقوية العلاقات مع الاتحاد الأوروبي – بغض النظر عن البريكست. ويتفقون مع المحافظين في استمرار الإنفاق العسكري البريطاني ضمن الناتو.

وهكذا، تجد برنامج حزب الليبراليين الديموقراطيين به بعض من مواقف قريبة من المحافظين وأخرى قريبة من مواقف العمال. وسنشير إلى برنامجهم عندما يكون هناك موقف متميز بارز.

البريكست

كما يكاد يجمع المراقبون والمحللون البريطانيون فهذه انتخابات حول البريكست أساسا، والواقع أنها بسبب عدم قدرة الطبقة السياسية على الاتفاق بشان طريقته وشكله. لذا يحتل أولوية في برامج الأحزاب: فالمحافظون طرحوا برنامجهم على أساس أن "البريكست أولا"، والعمال لا يختلف برنامجهم عن مواقفهم المتأرجحة خلال السنوات الثلاث الأخيرة أما الليبراليون الديموقراطيون فهم بشكل حاسم مع بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وكذلك الحزب القومي الأسكتلندي.

بالنسبة للمحافظين، حين أعلن بوريس جونسون البرنامج الانتخابي تعهد بأن يبدأ في تنفيذ اتفاقه الأخير مع الاتحاد الأوروبي على الفور ليتمكن من إنجاز البريكست في 31 يناير 2020. وحسب الاتفاق ستكون بريطانيا خارج السوق الموحدة وكل اتفاقات الرسوم والجمارك الأوروبية من أول فبراير.

كذلك تعهد بألا يمدد الفترة الانتقالية إلى ما بعد نهاية العام المقبل، وهي الفترة التي يتم فيها التفاوض على شكل العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الاوروبي في كافة المجالات.

أما حزب العمال، فحسب برنامجه ستتفاوض حكومة جريمي كوربن مع الاتحاد الأوروبي على اتفاق خروج جديد حتى مارس 2020 على أن يطرح الاتفاق على الناخبين البريطانيين للاستفتاء قبل نهاية الستة أشهر الأولى من حكم العمال.

ولم يوضح البرنامج موقف الحزب من البريكست في الاستفتاء المفترض، وهذا هو الغموض الذي ميز موقف العمال في السنوات الأخيرة. حتى إن البرنامج لم يؤكد على مبدأ حرية الانتقال بين بريطانيا وأوروبا، كي لا يبدو رافضا للبريكست وإن أشار إلى فوائد الهجرة.

الصحة

وعد برنامج المحافظين بزيادة عدد العاملين في قطاع الخدمة الصحية الوطنية باضافة 50 ألف ممرض بحلول عام 2023 لتعويض النقص الحالي في الممرضين البالغ 43 الفا. كما وعد بإضافة نحو 6 آلاف طبيب جديد لعيادات طبيب العائلة.

اما حزب العمال فوعد بزيادة ميزانية الخدمة الصحية الوطنية بنسبة 4.3 في المئة سنويا، وهو تمويل يصل إلى الحد الأعلى مما يطالب به مسؤولو القطاع لسد العجز. ويهدف حزب العمال من ذلك إلى تفادي أي خصخصة في الخدمات الصحية.

ووفقا لحزب برنامج العمال سيكون تمويل هذا الانفاق الحكومي من زيادة الضرائب على الشركات والأثرياء.

الاقتصاد عموما

يعد برنامج المحافظين بتجميد سقف مختلف أنواع الضرائب والاستقطاعات، أي عدم رفع ضريبة الدخل ولا القيمة المضافة ولا أقساط التأمين القومي، على مدى خمس سنوات، وكذلك رفع حد الدخل الذي يبدأ عنده استقطاع أقساط التأمين القومي.

كما يعد البرنامج بإنشاء صندوق بقيمة 100 مليار جنيه استرليني لتمويل مشروعات البنية التحتية بما فيها الطرق والمواصلات العامة. وضمان وصول شبكة الألياف البصرية والانترنت السريع لكل مكان بحلول عام 2025.

وبالطبع يتعهد البرنامج بالحد من معدلات الهجرة إلى بريطانيا عبر نظام انتقائي يشبه ما تطبقه أستراليا.

اما حزب العمال، فيعد برنامجه بتأميم الخدمات العامة الرئيسية مثل خطوط السكك الحديدية والبريد والغاز والكهرباء وغيرها. وكذلك توصيل انترنت سريع مجاني لكل مكان في بريطانيا.

وتعهد البرنامج أيضا بمبادرة جديدة هي "صفقة خضراء جديدة" للاستثمار في الطاقة النظيفة وقطاعات الاقتصاد الأخضر على أن يتم تمويلها من الضرائب على أرباح شركات النفط والغاز.

وبما أن الليبراليين الديموقراطيين ضد البريكست، فبرنامجهم يرى أن بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي سيوفر 50 مليار جنيه استرليني يعد الحزب في حال فوزه بالانتخابات باستخدامها في زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وغيرها من الخدمات، وكذلك الاستثمار في الطاقة النظيفة.

وإجمالا، يمكن القول ببساطة ان برامج الأحزاب الرئيسية تتضمن وعودا بزيادة الانفاق يتباين حجمه وطرق تمويلها حسب الخطوط العامة لسياسات الأحزاب: فالمحافظون مع خفض الضرائب وتشجيع القطاع الخاص والأعمال وتحسين أداء القطاع العام بالشراكة مع الخاص، والعمال مع زيادة الضرائب على الأثرياء وزيادة الإنفاق على الخدمات العامة والقطاع العام. والليبراليون الديموقراطيون في موقف وسط بين الحزبين الرئيسيين.

  

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات