Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تصعيد كبير في جنوب العراق... المتظاهرون يلعبون "ورقتهم الأخيرة"

"تعطي المرجعية الضوء الأخضر لدور أممي في توفير بدائل مع حالة العناد الحكومي المستمرة"

متظاهرون عراقيون يرفعون علماً عملاقًا بينما يشعل آخرون الإطارات في مدينة البصرة الجنوبية (أ.ف.ب)

تتصاعد موجة العنف الحكومية في محافظات الجنوب العراقي، بينما يصعّد المحتجون خياراتهم ويقطعون طرقات رئيسة وجسوراً مهمة في مراكز المدن الجنوبية، في حين يشير مراقبون وناشطون إلى أن استمرار القمع الحكومي وعدم الاستماع إلى مطالب المحتجين سيحوّل الاحتجاجات إلى "ثورة".
وسُجل اليوم الثلاثاء مقتل ثمانية اشخاص، مع سقوط ستة قتلى في ثلاثة انفجارات متزامنة تقريبا ًفي بغداد مساءً ومقتل متظاهرَين أحدهما في مدينة كربلاء تزامناً مع تأكيد المحتجين عدم التراجع عن مطالبهم.

"ثورة وليست تظاهرات"

يقول الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي، إن "ما يجري في العراق هو ثورة وليست تظاهرات"، مضيفاً في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "المجتمع المحلي في الوسط العراقي وجنوبه يعاني من حالة إحباط جراء خذلان الكيانات السياسية له، وأزمة الثقة ولّدت ثورة، وليست تظاهرة".
ويؤكد أن "المؤسسات الرسمية بدأت تتصدع، وفي الأيام المقبلة سيكون الوضع أسوأ، ولا خيارات إلّا الذهاب إلى استبدال الحكومة، حتى الأجهزة الأمنية بدأت بالتصدع، إذ إنّ جهاز مكافحة الإرهاب استُهدف في هجمة سيبرانية ودخل في دوامة الاضطراب الحالي".


دور المرجعية

وعن مآلات الاستجابة الحكومية للأزمة الحالية، يوضح أن "موارد إدارة الحكومة اللازمة ضعيفة، وتراهن على الزمن وهذه نظرية خاطئة في إدارة الأزمة"، مشيراً إلى أن "تعطيل الحياة العامة هي الورقة الأخيرة للمحتجين".
وعن دور المرجعية، يذكر الشريفي أن "هناك أطرافاً ضامنة محلية كالمرجعية ودولية كالأمم المتحدة، وتحدثت المرجعية عن تضييق الخيارات أمام الحكومة، كضرورة إقرار قانون الانتخابات والمفوضية تمهيداً للانتخابات المبكرة"، مرجحاً أن "تعطي المرجعية الضوء الأخضر لدور أممي في توفير بدائل مع حالة العناد الحكومي المستمرة".


الصدر وخيارات الثورة

ويرى مراقبون أن المزاج الثوري المتصاعد في ساحات الاحتجاج أسهم بشكل واضح في إخضاع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لمطالب المحتجين، وأعلنوا أن توجه أبناء المحافظات الجنوبية إلى العاصمة العراقية يوم الجمعة المقبل، سيكون بمثابة الضربة الأخيرة للسلطة في بغداد.
بدوره، يقول الكاتب والصحافي حيدر البدري لـ "اندبندنت عربية"، إن "الاتجاه العام للمنتفضين في بغداد وباقي المحافظات كان ثورياً، يطالب بإسقاط النظام بالكامل وإنهاء حالة المحاصصة ومحاسبة كل الفاسدين، لكن التيار الصدري حاول تحويل هذا المزاج إلى مطالبات غير ثورية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "التيار الصدري غير جدي بطرح خيارات حقيقية تتعلق بإقالة الحكومة وحل البرلمان، إذ إنّ الأداء السياسي لسائرون بغية تنفيذ تلك المطالب، غير مقنع ولا حقيقي"، مشيراً إلى أنّ "التيار الصدري صار يدرك أن المزاج الثوري أكبر من إمكانية تطويع المحتجين لتمرير مطالبه، إذ نظّم الشباب أنفسهم وبات من الصعب السيطرة عليهم من جانب الصدر".
ويلفت إلى أن "هناك تسريبات تحدثت عن مفاوضات بين الصدر والقوى السياسية للحصول على مكاسب مقابل إنهاء التظاهرات، لكن ذلك لم ينجح"، كما أن "المزاج العام سواء في بغداد أو باقي المحافظات هو ثوري الآن وهو ما يُخضع الصدر إلى مطالب الشباب وليس العكس".
ويختم "الحديث الدائر حول التوجه إلى بغداد من باقي المحافظات، سيمثّل الضربة الأخيرة للسلطة والضغط عليها للوصول إلى نتائج".


حظر مفاجئ للتجوال

وعلى إثر تصاعد موجة الاحتجاجات الغاضبة في محافظة ذي قار جنوب العراق، أعلن المكتب الإعلامي للمحافظ عادل الدخيلي تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة الثلاثاء 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، وقال مصدر لوسائل إعلام محلية إن "المحافظ قرر إعلان يوم الثلاثاء عطلة رسمية".
من جانب آخر، أكد مصدر أمني أن السلطات فرضت حظراً للتجوال من دون إعلان مسبق، ومنعت دخول السيارات الآتية من جهة البطحاء، بينما تكدست السيارات عند مدخل المدينة بسبب القرار المفاجئ.
وتأتي الإجراءات الأخيرة بالتزامن مع إغلاق متظاهرين طرقات رئيسة في الناصرية، مركز محافظة ذي قار، وقطع الجسر الثاني في المدينة، بعدما أنهوا نصب خيام الاعتصام فوق جسر الزيتون.
وفي وقت سابق، قطع محتجون بالإطارات المشتعلة والحواجز الحديدية جسر الحضارات، وهو أهم الجسور إذ يربط بين ضفتي المدينة عبر نهر الفرات.


الأجواء "مشتعلة"

ويقول ناشط في محافظة ذي قار إن "الوضع خرج من كونه احتجاج وتحوّل إلى ثورة"، مضيفاً لـ"اندبندنت عربية"، "بعد المحاولات لفض الاعتصام والاستخدام المفرط للقوة، صار المحتجون يرفضون وجود تلك القوات في المدينة، وفي بعض الأحيان يلاحقونهم لإخراجهم".
ويشير إلى أن "الدوام الرسمي توقف بالكامل منذ بداية الأسبوع، ولا يمكن السماح باستمراريته بعد كل ما جرى، إلاّ في الحالات الطارئة وللكوادر الطبية وكوادر وزارة الكهرباء"، لافتاً إلى أنّ "القمع الحكومي والصمت وعدم التجاوب لمطالب المحتجين، فضلاً عن إنزال قوات تشتبك مع المعتصمين لإنهاء الاحتجاج بالقوة، هي التي حوّلت الأمور إلى هذا المنحى".
ويؤكد أن "الأجواء في المحافظة مشتعلة، ولا يمكن القبول بأي تفاوض مع أية جهة قبل تنفيذ مطلب استقالة الحكومة"، وأن الوعود التي تطلقها المحافظة لا تتلاءم مع مطالب المحتجين".
 

الجنوب العراقي... عصيان مستمر 

ولا يختلف المشهد في باقي محافظات الجنوب العراقي عمّا هو في ذي قار، حيث يستمر المحتجون بقطع الطرقات والجسور وتعطيل الدوام الرسمي، في حين أشار ناشطون إلى أن ما يجري في محافظاتهم هو ثورة، محذّرين من أن عدم التجاوب الحكومي، سيؤدي إلى تصعيد أكبر.
في كربلاء المشهد مشابه، حيث يستمر إغلاق بعض الطرقات الرئيسة، بعد تدخل القوات الأمنية لفض الاعتصام بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص الحي.
ويقول عباس محمد، متظاهر في كربلاء إن "المحتجين أغلقوا طرقاً رئيسة عدّة وعطّلوا الدوام الرسمي في المحافظة"، معتبراً أن "القمع الحكومي المتزايد، منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، هو الذي يدفع أبناء المحافظة إلى الاستمرار والتصعيد".
ويلفت إلى أن "القوات الحكومية هي التي تريد أن ينجر المحتجون إلى الصدامات المباشرة معهم، حتى يجدوا في ذلك ذريعة للقمع المفرط". من جانبه، يقول حسام الغرباوي، ناشط من محافظة واسط، إن اعتصاماتهم سلمية ومؤثرة، وهي أقوى وأكثر تأثيراً من الانجرار إلى الصدام مع القوات الأمنية، معتبراً أن "التجاهل الحكومي للمطالب قد يتسبّب بالتصعيد في المحافظة".
 

خيارات التصعيد

وعن خيارات التصعيد، يرجح الغرباوي أن "يعمد المحتجون في ما لو أرادوا التصعيد، إلى غلق حقل الأحدب والمنفذ الحدودي مع إيران في المحافظة".
في المقابل، يقول ناشط من محافظة البصرة، إن "الاعتصام في المحافظة ثابت، وتصعيد المحتجين مستمر منذ يوم الأحد، باعتبار أن الشوارع الرئيسة في المحافظة تُقطع من الساعة الرابعة فجراً حتى العاشرة صباحاً لمنع الموظفين من الدوام"، مضيفاً "الإضراب القسري يستمر لليوم الثالث على التوالي، تلك التطورات قد تؤدي إلى ثورة".
ويوضح أن المحتجين لا يثقون بالحكومة الحالية وإجراءاتها، مضيفاً "القوى السياسية ألزمت نفسها بمهلة 40 يوماً، انقضى أكثر من ثلثها الآن وسيكونون ملزمين أمامنا بإقالة الحكومة، وبالتالي محاكمة قتلة المتظاهرين". 


حصيلة ضحايا اليومين الماضيين

وكانت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، قد أعلنت الإثنين 25 نوفمبر، حصيلة الأحداث التي رافقت الاحتجاجات في العاصمة بغداد وباقي المحافظات خلال اليومين الماضيين.
وقالت في بيان إنها "وثّقت استخدام العنف المفرط من قبل القوات الأمنية، ما أدى إلى مقتل متظاهر واحد في بغداد وإصابة 68، ومقتل سبعة متظاهرين في محافظة ذي قار بالقرب من جسرَيْ الزيتون والنصر وإصابة 131، ومقتل ثلاثة متظاهرين في محافظة البصرة - أم قصر وإصابة 90 بسبب الصدامات. وجددت المفوضية دعوتها إلى الحكومة والقوات الأمنية لمنع استخدام العنف المفرط بأشكاله كافة ضد المتظاهرين السلميين، كونه يُعدُّ انتهاكاً صارخاً لحق الحياة والأمن والأمان، مشددةً على ضرورة الالتزام بقواعد الاشتباك الآمن وإحالة من يتخطّى ذلك إلى القضاء".


أرقام وإحصاء

وأشارت إلى "اعتقال 93 متظاهراً في بغداد، أُطلق سراح 14 منهم، واعتقال 38 متظاهراً في البصرة، و22 في ذي قار و34 في كربلاء. كما جدّدت دعواتها إلى مجلس القضاء الأعلى لإطلاق سراح المتظاهرين السلميين الموقوفين".
في المقابل، وثّقت المفوضية قيام عدد من المتظاهرين بضرب القوات الأمنية بقناني المولوتوف وحرق عدد من المباني والمحال التجارية وإقفال الطرق أمام حقول النفط في محافظات ميسان وواسط والبصرة واستمرار إقفال عدد من الدوائر والمدارس والجامعات فيها بسبب الإضراب".
​​​​​​​كذلك، طالبت المفوضية الحكومة والأجهزة الامنية بتكثيف جهودها لمعرفة مصير المخطوفين وإحالة المجرمين إلى القضاء"، مشيدةً "بتعاون قوات الأمن مع المتظاهرين في تشكيل نقاط تفتيش مشتركة لحماية المتظاهرين والحفاظ على سلمية التظاهرات في محافظات النجف والديوانية وبابل والمثنى وميسان وواسط".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي