Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الخوف من الكاميرا – الفضيحة

سرقة الهواتف من أيدي المتظاهرين في الانتفاضة اللبنانية

مؤيدون لـ"الثنائي الشيعي" يهتفون ضد المتظاهرين على جسر الرينغ (غيتي)

الهجمة الثانية التي نفذّها مؤيدو "الثنائي الشيعي" على المتظاهرين السلميين على جسر الرينغ ببيروت فجر 25 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، تفضح كمية العبثيّة في نفوس المؤيدين.

هجمة لم تقتصر على الاعتداء على المحتجين، بل طاولت أيضاً المرافق العامة والسيارات وكل ما هو قابل للتكسير أو التحطيم. وتخطت الأذى الجسدي إلى النفسي والوجودي.

تشابه

ثمة تشابه ما بين الهجمتين الأولى (29 أكتوبر) والثانية، من حيث الإستراتيجية التخريبية والعنف تجاه كل من هو سلمي، لكن المؤكد أنهما يتفقان على أن التصوير ممنوع.

لذلك يعمد مؤيدو "الثنائي" الشيعي إلى سرقة أو تحطيم هواتف من يقفون لتوثيق الأحداث.

خلال الاعتصام السلمي فجر اليوم على جسر الرينغ، تجمّع المتظاهرون للاعتراض مجدداً على تجاهل السلطة مطالبهم، وتواجد بينهم الإعلامية ديما صادق وهي شخصية شيعية منبوذة من بيئة "الثنائي الشيعي" لأفكارها المتحررة والمتناقضة مع العادات والتقاليد، والمؤيدة للحراك الشعبي.

سرقة

خلال تصويرها مجموعة تهتف ضدها وتشتمها، أقدم شاب على سرقة هاتفها المحمول والاختفاء بين المؤيدين، ما تسبب لها بنوبة هلع وصراخ، لما يحتويه الهاتف من معلومات تتعلق بعملها وصور شخصية.

ومن الطرائف السخيفة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، اهتمام شخص بشراء الهاتف وعرضه مبلغ 30 ألف دولار ثمناً له.

هي ليست حادثة السرقة الأولى. تكرّر الفعل مراراً في ساحتي رياض الصلح والشهداء. سُرقت عشرات الهواتف من بين يدي المحتجين – المصورين. كما هُدّد عدد كبير من المصورين بتكسير الكاميرات - ومنهم مراسل "اندبندنت عربية" خلال الهجمة الأولى - في حال عدم توقفهم عن التصوير.

الخوف

هو الخوف من الكاميرا – الفضيحة. تلك الآلة القادرة على إظهار حقيقة المؤيدين – المخربين. خوف من انتشار صور لشبان يعتدون على المتظاهرين السلميين، أو يكسرون سيارة أو زجاج محل.

الفضيحة التي تؤثر في طائفة بأكملها، بسبب أفعال صبيانية غير مسؤولة، لكن مخطط لها سابقاً من قبل من هم أكبر شأناً من الهاتفين بالنصر للزعيم أو القائد.

الخوف من الكاميرا – الفضيحة، يدفع إلى فعل الهجوم على المتظاهرين، لكنه في المقابل، يدفع المحتجين إلى فعل المقاومة والتصدي والوقوف في وجه هؤلاء الشبان.

وقد يكون ما فعلته صادق، حين وقفت في وجه من شتمها وصورته، فعلاً مقاوماً وموقفاً ضد الترهيب والإهانات الشخصية.

القصاص

لكن لماذا تُسرق الهواتف المحمولة؟ هو نوع من القصاص لموثقي الانتفاضة ومصوريها، إرهاب نفسي وتعدٍ على الخصوصية، بل اجتياح لها.

يعمد السارق إلى الولوج لهاتف الضحية، باحثاً عن فضيحة ما لنشرها، أو صورة فيها عري مثلاً لإرسالها عبر مجموعات خاصة تتكفل بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي.

لا يعرف السارق أن ما يفعله، يساويه مع الطبقة السياسية الفاسدة، وفعلته تتوازى مع أعمال السرقة والنهب وتخريب المجتمع.

هي قصص وصور ومحادثات شخصية، لا تهم إلا أصحابها، فلِمَ نشرها، والمساعدة في انتشارها حين تصل إلى جمهور فضولي يُحب التلصص على الخصوصيات، وهي ميزة في المجتمع اللبناني.

في المقابل، نجح المتظاهرون في فضح كثير من المعتدين على سلميّتهم، ومنهم قاتل الشهيد حسين العطار بداية الانتفاضة (خليل عواد)، وأسامة شمص الفتى الذي كان يهم بضرب فتاة في ساحة الشهداء خلال الهجمة الأولى، إضافة إلى العديد من الصور التي انتشرت لشبان يخرّبون ويكسّرون ويضربون.

هجوم مضاد

سلاح الكاميرا استعمله أيضاً مؤيدو أحزاب السلطة، حين صوروا وهم يهينون ويضربون شباناً انتقدوا أو شتموا الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله أو رئيس حركة أمل والمجلس النيابي نبيه بري.

إذلال بكل ما للكلمة من معنى، تعرضت له فئة قالت ما تؤمن به من قناعات بصوت عالٍ، شتمٌ وضربٌ وسحلٌ وإجبار على تغيير القناعات، خوفاً من العقاب. عقاب عدم تقبل الآخر بأفكاره، والاستقواء على من لا يملكون إلا الكلمة في وجه السلاح.

بين بغداد وطهران

في سياق متصل، عمدت السلطات في كل من بغداد وطهران إلى تعطيل سلاح الكاميرا، عبر قطعها شبكة الإنترنت لمنع قدرة المحتجين من التواصل في ما بينهم، ونشر ما يتعرضون له من عنف.

ولطالما رافق قطع الإنترنت كل التحركات الشعبية في مدن عربية خلال الربيع العربي.

وبعد قطع الإنترنت في العراق عبّر ناشطون عن خشيتهم من حصول مجزرة بحق المحتجين بعيداً من أنظار العالم.

وانخفضت الاتصالات الوطنية إلى ما دون 19 في المئة، ما أدى إلى عزل عشرات الملايين من المستخدمين العراقيين عن الشبكة العالمية. ولجأت السلطات العراقية أكثر من مرة إلى قطع الإنترنت لمواجهة توسع رقعة الاحتجاجات ضدها.

في المقابل، هي ليست المرة الأولى التي تقطع شبكة الإنترنت في طهران لمنع الإيرانيين من تنظيم أنفسهم والتواصل في ما بينهم.

وبعد الانتخابات الرئاسية في 2009، أدركت الحكومة أن الإنترنت هو مفتاح التواصل بين الناس ليس فقط داخل البلاد، ولكن أيضاً خارجها، لذلك اعتمدت قطعه لإخماد الاحتجاجات.

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2017 ويناير (كانون الثاني) 2018، "بمجرد أن أوقفت السلطات "تيلغرام" انتهت الاحتجاجات لأن الناس لم يتمكنوا من التواصل في ما بينهم"، وفقاً لأمير الرشيدي، وهو باحث في أمن الإنترنت والحقوق الرقمية في مركز حقوق الإنسان في إيران ومقره نيويورك.

وقال ديفيد كاي، المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، "إن التعتيم يجعل من الصعب على الناس التنظيم والاحتجاج".

وأوضح أن "التأثير كبير بشكل غير عادي لأنه يجعل من المستحيل تقريباً على الناس التواصل مع بعضهم البعض على الأرض ومع الأصدقاء والعائلة في الخارج. ويستحيل عليهم الحصول على المعلومات".

وقال دوغ مادوري، مدير تحليل الإنترنت في أوراكل، "إن الحادث الأخير غير عادي، ففي الماضي كانت إيران تعمد إلى إبطاء الإنترنت من خلال خلق اختناقات في عرض النطاق الترددي أو حجب المواقع الفردية مثل فيسبوك وتويتر، أما هذا التعتيم الحالي فهو أكثر تقدماً".

المزيد من العالم العربي