ربّما فتح بعضكم صفحة الإنستغرام الرئيسية هذا الصباح ليكتشف أنه عاجز عن رؤية عدد نقرات "الإعجاب" على المنشورات. والسبب هو أنّ المنصة تختبر ميزة احتساب نقرات الإعجاب الخاصة عالمياً ما يعني أنه إن كنت جزءاً من هذا الاختبار، سوف تتسنّى لك رؤية أعداد الإعجاب على منشوراتك الخاصة فقط ومعرفة عدد مشاهدات صورك وفيديوهاتك الخاصة كذلك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال مدير تطبيق الإنستغرام آدم موسيري إن هذا الاختبار يشمل "قسماً صغيراً" من المنصة عالمياً، ومع أن مدّة الاختبار غير واضحة بعد، يشير التطبيق إلى تلقيه تعليقات إيجابية على الاختبار المبكر في أستراليا والبرازيل وكندا وإيرلندا وإيطاليا واليابان ونيوزيلندا.
علمت بهذه التغييرات في وقت متأخر من ليلة أمس بفضل إحدى مجموعات الدردشة حيث كانت الفتيات متحمّسات لتبادل الأفكار حول الموضوع.
وأشاع القرار "الراحة الفورية" بحسب وصف إحدى الصديقات. وانتابني الإحساس ذاته وهو أمر غريب لأنني لم أحسب نفسي يوماً من الأشخاص الذين تأثروا بهذا الموضوع.
لا يدعم الجميع التغييرات المحتملة على ميزة "الإعجاب". وهددت مغنية الراب نيكي ميناج مثلاً بمقاطعة المنصة في حال تطبيق هذه التغييرات، زاعمة أنها طريقة أخرى للمنصة كي تكسب المال.
وقالت في بثّ مباشر على إنستغرام لـ107 مليون متابع لها "لا يريدونكم أن تأسسوا شركات تجارية على هامش التطبيق وتقولوا أنكم تحصلون على عدد معين من الإجابات وتتقاضوا المال من العلامات التجارية الكبيرة، بل يريدونكم أن تضطروا للدفع لهم".
ما يعنيه هذا الموضوع ببساطة برأيي هو أنه على العلامات التجارية التركيز على نوعية المحتوى بدل أن تبادر للتعامل مع أيّ مؤثر يحصل على أكبر عدد من الإجابات، وهو معيار لا يؤدي في كل الأحيان إلى تفاعلٍ جيد.
وتقلقني بشكل خاص الضغوطات التي يواجهها شباب يكبرون في عالم لطالما كان الإنستغرام جزءاً منه. فقد أصبح "الإعجاب" في مثابة عملة اجتماعية، والكثير من الشباب يقيّمون أنفسهم بموجب هذه العملة أيضاً.
وأثناء عملي كمحررّة لمطبوعة شبابية اسمها لايف ماغازين، أذكر جيداً محادثة أجريتها مع صبيتين أخبرتاني أنهما يجب أن تحصلا على إعجاب واحد في الدقيقة على أي منشور ترفعانه على إنستغرام كي يُعتبر أنه أبلى "بلاء حسناً" وإن لم تحصلا على 100 إعجاب خلال ساعة من الزمن يدفعهما الإحراج إلى محو المنشور.
ويتبنّى الشباب كل أنواع القوانين العبثية وغير المكتوبة على وسائل التواصل الاجتماعي. فبعضهم لا يلتقطون الصور وهم يرتدون الثياب نفسها مرتين، ومن غير المعقول طبعاً أن يقصد أحدهم فعالية أو حدثاً وهو يرتدي ملابس سبق أن ظهرت في إحدى صوره على إنستغرام.
وعلى الرغم من قلة الأبحاث التي تناولت هذا الموضوع في ذلك الوقت، كتبت عن مخاوفي في كتاب جيما كارني "مشرعة الأبواب: ادوات عن سحر الحياة وفوضاها".
"مع الأسف، يثمّن بعضنا أعداد نقرات الإعجاب التي تلقيناها وعدد الأشخاص الذين يتابعوننا على وسائل التواصل الاجتماعي. ويصبو الكثير من الشباب (والبالغين كذلك) إلى بلوغ مُثل الجمال التي لا يمكن بلوغها سوى بعد تعديلها بواسطة كثير من الفلاتر ونحن نسمح للعلامات التجارية أن تكسب يومياً عبر استغلالها مشاعر نقصٍ لم نعلم أننا نعاني منها في السابق".
حتى أنه تماشياً مع أحدث الموجات الرائجة، أصبحنا نعدّل صور اليدين لكي تبدو مفاصل الأصابع ملساء، فتصبح الأصابع "أشبه بلحم الهوت دوغ" بحسب وصف المؤثرة في المنصات الاجتماعية سارة تاسكر.
والشهر الماضي، ألغت إنستغرام كل فلاتر الواقع المعزز التي تروّج فكرة العمليات التجميلية مخافة من تأثيرها السلبي على صحة الناس العقلية.
ووجد تقرير صدر في العام 2017 تضمّن دراسة للعوامل التي تؤثر في الشباب وتدفعهم للتفكير بالخضوع إلى عمليات جراحية تجميلية، أنّ ارتفاع مستويات "الاستياء من شكل الجسد" يرتبط على سبيل الذكر لا الحصر بزيادة اللجوء إلى تقييم الصور على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال نقر "الإعجاب" مثلاً، بالإضافة إلى انتشار ثقافة المشاهير والشهرة وتعديل الصور والبرامج القائمة على تغيير شكل الأشخاص.
لا أعارض اللجوء للعمليات التجميلية. إنما لا أوافق طبعاً على امتلاك المنصة القدرة على التلاعب بمشاعر النقص لدى الشباب. فالموضة تتغير باستمرار وبعض صيحات الجمال لا تدوم أكثر من شهر أو اثنين لكن القرارات التي يتخذها الشباب دائمة وفي بعض الأحيان خطيرة كذلك.
ولن تحلّ التغييرات في نقرة "الإعجاب" كل مشاكل إنستغرام بالطبع لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح. ومن المهم جداً أن نواصل تعويد الآخرين على مشاهدة صور لكافة أشكال الأجسام من خلال الحركات الإيجابية التي تحتفي بتنوّع الأجسام فيما نتقبل أنفسنا بعيوبنا كلها.
خلاصة القول اسدوا أنفسكم معروفاً وابتعدوا عن شبكة الإنترنت بين الفينة والأخرى!
© The Independent