صرّح مسؤول غربي رفيع المستوى لـ"ذي اندبندنت" أن مسؤولين أمنيّين أوروبيّين اعترضوا اتصالات دبلوماسي إيراني، تشير إلى تورطه في مخططات مزعومة العام الماضي، لتفجير اجتماع لجماعة معارضة إيرانية قُرب باريس، بالإضافة إلى التنسيق مع زملاء له في إيران بهذا الخصوص.
وُصفت الاتصالات بين الدبلوماسي الإيراني أسد الله أسدي، ونظرائه في إيران بأنها رسائل نصية، أو محادثات جمعتها أجهزة استخبارات أوروبية.
قال المسؤول، الذي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لكشفه عن معلومات سرية حساسة، إن "أدلة تواصل الدبلوماسي مع النظام تتضمن محادثات مسجلة".
نفى مسؤول إيراني ادعاءات وجود أدلة من هذا القبيل، وأكد أن المخططات المزعومة ضد باريس وغيرها من الدول الأوروبية، لُفّقت للضغط على طهران في خضم مواجهتها الولايات المتحدة وخصميها الإقليميين، إسرائيل والمملكة العربية السعودية.
يُعد المخطط المزعوم لهجمات في فرنسا من بين مخططات عدّة يُزعم تنفيذ إيرانيين لها في دول أوروبية؛ أثارت بدورها توترات في العلاقات بين طهران والدول الأوروبية، كما يُحتمل أن تُعرّض التزام هذه الدول بالاتفاق النووي الموقع عام 2015 للخطر، بعد أن انسحبت إدارة دونالد ترمب منه العام الماضي.
خلال عطلة نهاية الأسبوع، أزاح مسؤولون بريطانيون وفرنسيون وألمان، الستار عن نظام تبادل تجاري باسم "إنستكس"، يتيح الفرصة لتبادل تجاري بين إيران وأوروبا، يتجاوز سيطرة الولايات المتحدة على النظام المالي العالمي. وأشار مسؤول أوروبي إلى أن نظام إنستكس "خطوة صغيرة، لكنها في الاتجاه الصحيح لمجابهة تفرّد الولايات المتحدة بالقرار".
لكن صادق آملي لاريجاني، رئيس السلطة القضائية الإيرانية، سرعان ما أبدى اعتراضه على شروط التبادل التجاري التي تتضمن الالتزام بالقواعد الدولية لمكافحة غسل الأموال، وتقييد برنامج بلاده لتطوير الصواريخ.
إن عدم ارتياح إيران لمحاولات أوروبا استئناف العلاقات التجارية مع الجمهورية الإسلامية، بالإضافة إلى الغضب الأوروبي حيال العمليات الإيرانية السرية المزعومة التي تستهدف معارضيها وبرنامجها الصاروخي، كلها عوامل تهدد بتقليص دعم الدول الأوروبية للاتفاق النووي، الذي وعد إيران بتطبيع العلاقات التجارية مقابل فرض قيود على برنامجها الذري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ذكرت وسائل الإعلام الإيرانية تفاصيل اجتماع محتدم في 8 يناير (كانون الثاني)، في طهران، بين دبلوماسيين أوروبيين وإيرانيين؛ سعى خلاله الأوروبيون لتقديم شكوى حول الصواريخ الإيرانية، في حين طالب الإيرانيون باعتذار عن عدم إحراز تقدّمٍ في تنفيذ بنود الاتفاق وعن إيواء جماعات إرهابية.
وفي اليوم التالي، وضع الاتحاد الأوروبي نائب وزير الاستخبارات الإيراني، سعيد هاشمي مُقدَّم، بالإضافة إلى أسدي، على قائمة الأفراد الذين تطالهم العقوبات.
يواجه أسدي، الذي عمل دبلوماسياً في السفارة الإيرانية في فيينا، تهماً بالإرهاب، وهو معتقل حالياً في بلجيكا. يُزعم أنه سلّم متفجرات بلاستيكية قوية لزوجين يحملان الجنسيتين البلجيكية والإيرانية، لاستخدامها لمهاجمة تجمعٍ لمنظمة مجاهدي خلق في 30 يونيو (حزيران)، وهي جماعة سياسية إيرانية، غريبة ولكنها مؤثرة، تهدف للإطاحة بالحكومة في طهران.
أقامت الجماعة علاقات قوية مع إدارة ترمب وآخرين في واشنطن، وكذلك مع المملكة العربية السعودية، العدو اللدود لإيران. تحدث عدد من الشخصيات البارزة في إدارة ترمب، بما في ذلك جون بولتون ورودي جولياني، في اجتماع 30 يونيو (حزيران)، ولكن أياً منهما لم يكن ضمن فريق ترمب بعد حينها.
ووفقاً للمسؤول الغربي الذي لم يكشف عن اسمه، فإن المحادثات المُعترَضة توفر دليلاً قوياً على تورّط أسدي في المخطط المُحبَط لمهاجمة تجمّع باريس بالمتفجرات؛ لكنها لا تؤكد إن كان من يتقلدون المناصب العليا في النظام على علم بهذا المخطط أم لا.
في مقابلة نشرتها وكالة أنباء "إيسنا" الإيرانية شبه الرسمية الشهر الماضي، قال السفير الإيراني السابق لدى ألمانيا، علي مجيدي، إن الأدلة التي جمعها الأوروبيون ضد أسدي سيكون من الصعب تجاهلها، رغم أنه رفض ذكر تلك الأدلة، أو كيفية علمه بها.
ونُقل عنه قوله بأن "الدول الأوروبية قدَّمت أدلة يصعب تجاهلها، رغم أن إثبات صحتها ليس سهلاً أيضاً".
أشار المسؤول الإيرانيّ إلى أنّ مجيدي تحرّكه دوافع شخصية، منذ إقالته من وظيفته في ألمانيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018. وقال المسؤول إنّ "مزاعم السيد مجيدي توصف داخل إيران بأنها ذات دوافع سياسية، بسبب إقالته مؤخراً من منصب السفير".
تسببت عملية باريس المزعومة، إلى جانب مزاعم عن مخططات يدبرها عملاء النظام الإيرانيّ ضد الإيرانيّين العرب المنفيّين في هولندا والدنمارك، في فرض الاتحاد الأوروبيّ عقوبات ضد وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانيّة، العام الماضي. كذلك تم إحباط مخطط مزعوم آخر ضد مقرّ منظمة مجاهدي خَلق في ألبانيا، ما دفع الدولة العضوة في حلف شمال الأطلسيّ إلى طرد اثنين من كبار الدبلوماسيّين الإيرانيّين الشهر الماضي.
وفي الأسبوع الماضي، أفادت السلطات الألمانيّة أنّ معارضاً إيرانيّاً، يبلغ من العمر 47 عاماً ويقيم في برلين، زعم أنه تعرّض للضرب المبرّح من قبل أناس ملثّمين ومجهولين يتحدّثون الفارسيّة، في حادثةٍ وصفها للشرطة بأنّها هجوم ذو صلة بنشاطه السياسيّ.
تحدّت إيران أوروبا أن تقدّم أي دليل على وجود تلك المخططات، وطالبت بالإفراج عن أسدي، الذي تصرّ على أنه يتمتّع بالحصانة الدبلوماسيّة. وقال المسؤول الإيرانيّ إنّ "الأوروبيّين اعتقلوا هذا الشخص، وبعد عدّة أشهر لا زالوا يواجهون صعوبة في تقديم دليل ضدّه. إنّ اعتقاله في حدّ ذاته مخالف للقانون الدوليّ. وحتّى لو كان مواطناً عاديّاً، فإنّ اعتقاله المتواصل دون محاكمة هو أمر غير قانونيّ كذلك".
© The Independent