Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا لم يتظاهر جمهور حزب الله؟

معلومات عن تورط قياديين في ملف الفساد

لم يلق الخطاب الأخير لأمين عام حزب الله حسن نصرالله صدى طيباً لدى المتظاهرين، ولا ضمن بيئته الحاضنة. الكلمة التي أعلن فيها دعمه للحكومة اللبنانية و"القتال" كي لا تسقط في الشارع، زادت عزيمة المتظاهرين، وثبتت أقدامهم بعدما تخلى نصرالله عنهم وتركهم وحيدين في وجه عاصفة الفساد.

رفض البيئة الحاضنة

في المقابل، ثمة رفض لدى بيئة الحزب للخطاب الأخير، حتى إن لم يكن علنياً، لكن هذا الجمهور يعاني ما يعانيه المواطن العادي من أزمات ومشاكل، خصوصاً بعد تقلص الدعم المادي الخارجي للحزب، والمعلومات عن تقسيط رواتب المتفرغين منذ أشهر عدة.

وتضمن الخطاب الأخير شبه تخلٍ عن الحليف الشيعي الرئيس للحزب نبيه بري، الذي طالته التظاهرات هو وزوجته رندا وهتفت ضدهما. وظهر الرد واضحاً حين لم تعرض قناة "nbn" التابعة لبري كلمة نصرالله، في ما يشبه الرد على القطيعة المحتملة في العلاقة بينهما.

قرأ الحزب أن الحراك الشعبي، وصل الى "الأيقونة الشيعية" (نبيه بري)، ومن المحتمل أن يصوّب الحراك العفوي والمطلبي سهامه إلى الحزب في وقت قريب، بما أنه ركن أساسي من هذا النظام الفاسد، منذ دخوله فعلياً إلى الحكومة عام 2000 بعد تحرير الجنوب.

قمع الجمهور

في سياق متصل، يلاحظ المتابع أن الحزب قادر حتى الساعة على قمع جمهوره والتحكم به أو السيطرة عليه، عبر طرق عدّة أهمها "التكليف الشرعي" وهو غالباً ما يُستعمل في الانتخابات. لكن لماذا لم يشارك الحزب وجمهوره حتى الآن في مكافحة الفساد وهو الشعار الذي رفعه نصرالله أساساً للانتخابات النيابية الماضية.

تبدو الإجابة بسيطة عن هذا النوع من الأسئلة. فالحزب شريك أساسي في منظومة الفساد في البلد، وهو يغطّي أفعال كثيرين من داخل طائفته وخارجها، كما أنه ركن قوي في كل حكومة شُكّلت منذ سنوات، لكن همه الأول كان عقد تفاهمات مع باقي الأحزاب على شرعية سلاحه وكيفية الاحتفاظ به. وكانت المعادلة بسيطة: "اتركوا السلاح وافعلوا ما تريدون".

 

"حروب صغيرة"

من هذا المنطلق، يمنع الحزب جمهوره من المشاركة، ويخاطر بفض الثنائية الشيعية القوية بينه وبين حركة أمل، ومن ردود الفعل على ذلك، ما يُتناقل عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن معارك خفية بين جمهور الحزب والحركة في الضاحية الجنوبية، وحرق عدد من المحتجين نصباً لنصرالله في منطقة العباسية (جنوب لبنان).

وغرّد مناصرون لحركة أمل على الحادث "طابخ السم بدو يدوقو (يتذوقه). جيشتوا العالم لتهاجم الرئيس بري وحركة أمل. قلبت القصة عليكن وعلى أكبر عمامة فيكن".

من جهة ثانية، بدأت العقوبات الأميركية تؤثر في الحزب، فهو يقسّط رواتب مناصريه منذ أشهر، والدعم المادي الذي كان يصله، تقلّص. الأكيد أن ذلك لن يؤثر في عقيدة جمهوره القوية، لكن المؤسسات التي يديرها كالقرض الحسن ومؤسستَيْ الشهيد والجرحى ومحطة الأمانة ومدارس المصطفى والمهدي، غير قادرة على احتواء الأزمة.

الفضيحة

اللافت في الأمر ما يُتداول عبر مجموعات واتس آب ضمن بيئة حزب الله، "عن فساد عدد كبير من المسؤولين فيه كالحاج وفيق صفا مثلاً، وحسن حجيج القريب من قياديي الحزب وهو وكيل أعمال الخرافي في لبنان".

ومما نُشر في بعض المقالات التي تُوَزع أو تُنشر في بعض المجموعات الإلكترونية الخاصة ووصلت إلى "اندبندنت عربية"، أن "إعلان الوزير وئام وهاب عن المرتكبين والمرتشين بفضيحة واتس آب (محمد شقير ويوسف فينيانوس وحسن حجيج) فتح الشهية للإضاءة على تفاصيل برسم من يدَّعون أنهم أمناء وضد الفساد في الحزب".

استطاع حجيج في وقت قصير أن "يرشي قيادات ويدخلها في صفقاته ويمنحهم بدل ربح "شرعي" مقابل سطوة الحزب".

تعاون الرجل "مع وفيق صفا مقابل عمولة، ولم يتوقف عنده، بل وصل إلى طهران والعراق وينتظر انتهاء الحرب في اليمن. ومن هذه الصفقات، دخول شركة النفايات "سيتي بلو" إلى الضاحية الجنوبية، إذ سهّل صفا عملها عبر يوسف نورالدين وعلي عواضه وآخرين ممن هم في دائرته".

تغلغل حسن حجيج في الحزب وقيادته، "حتى أضحى أقوى من أي مسؤول آخر. وصل إلى المعاونين الجهاديين وبات له رأي بالأحداث، وليكون التواصل معه آمناً، أعطوه خطاً هاتفياً آمناً في منزله".

الحاج

وتشير المقالات المنشورة إلى أن "أوّل اسم يتبادر إلى الأذهان عند الحديث عن الفساد في بيئة المقاومة هو اسم مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا، ليس لأنه الأفسد بين زملائه القياديين، بل لأنه في دائرة الضوء بحكم مهامه الحزبية، فيما زملاؤه الذين يفوقونه فساداً مجهولون لدى الرأي العام، كونهم يعملون في الظل".

هو ابن عائلة فقيرة لم يرث عنها إلاّ الحرمان، و"كان قبل تخرجه من الجامعة يعمل مدرّساً للغة العربية، واستغلّ نفوذه لاحقاً للحصول على الإجازة الجامعية".

تدرّج في الحزب، حتى وصل إلى منصب مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق التي تتولى إدارة العلاقات بين حزب الله وسائر الأجهزة الأمنية في الدولة اللبنانية، إضافةً إلى الأحزاب والتنظيمات، ولها أقسام منتشرة في كل المناطق التي يسيطر عليها الحزب.

هذا الموقع أتاح للرجل بناء علاقات واسعة داخل الحزب وخارجه، و"زاد نفوذه مع الوقت مدعوماً بلوبي حزبي يشاركه الاستثمار ويغطّي عليه فساده".

تصاعد هذا النفوذ حين كلّفته قيادته الإشراف على بعض صفقات تبادل الأسرى مع العدو الصهيوني حتى أصبح "رقماً صعباً يتعذر على حزبه التخلي عنه، وبات يدير امبراطورية من السلطة والنفوذ والأموال".

وممّا نشر "بات يملك الحاج وفيق، ملايين الدولارات ويضع يده على مشاعات للدولة في الأوزاعي بالقرب من ملعب الغولف تُقدّر قيمتها بالملايين، واستغل نفوذه في إدخال بعض الضباط إلى المدرسة الحربية، وتغطية نشاطات بعض تجار السلاح ومهربي الكبتاغون من الطائفة الشيعية".

السبب

من هنا يظهر عجز الحزب على فتح ملفات الفساد المتعلقة بالطبقة الحاكمة، التي تحدث عنها نائبه حسن فضل الله، وحُكي عن أكثر من 10 مليارات دولار، لكن المستندات والوثائق التي جمعها على مدار أشهر، اختفت، أو بالأحرى خُبّئت كي لا يُضطر الحزب إلى مواجهة حلفائه في الحكم أو خصومه.

قد يكون ما ذُكر من أسباب كافياً، لعدم نزول جمهور الحزب والمشاركة في التظاهر، لكن إذا سُرّبت كل المعلومات والوثائق عن تورط بعض قياديي الحزب في الفساد، هل سيبقى هذا الجمهور نائماً؟

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي