Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الانتخابات الرئاسية في موريتانيا: تصدع الغالبية والمعارضة

لمّ الشمل والالتفاف خلف مرشح واحد يشكلان أكبر تحد قد تواجهه المعارضة الموريتانية في الوقت الراهن

قد يكون الرئيس الموريتاني المقبل آخر عسكري يحكم البلاد (غيتي)

تسعى الغالبية والمعارضة في موريتانيا، وهما على أعتاب صيف انتخابي يبدو أنه سيكون ساخناً، إلى إعادة ترتيب البيت الداخلي من أجل أن تضمنا خوض الانتخابات الرئاسية، المزمع تنظيمها في منتصف يونيو (حزيران) المقبل، بأقل الخسائر الممكنة، من خلال توحيد الصفوف والخروج بمرشح توافقي موحد في كلي المعسكرين.

المعارضة والتحدي

لمّ الشمل والالتفاف خلف مرشح واحد يشكلان أكبر تحد قد تواجهه المعارضة الموريتانية في الوقت الراهن. فهي لا تبدو على قلب رجل واحد، وفق ما يُستشف من تعدد أحزابها واختلاف مشاربها الأيديولوجية وتنوع قادتها.

مع ذلك، تكثف الأحزاب الستة المشكلة للمنتدى الوطني للديموقراطية والوحدة وأحزاب تكتل القوى الديموقراطية واللقاء الديموقراطي والتناوب الديموقراطي، لقاءاتها من أجل الاتفاق على مرشح واحد، من ضمن ثلاثة أقطاب منضوية في المعارضة، وهي القطب السياسي الحزبي وقطب المجتمع المدني وقطب الشخصيات المستقلة.

خارج الإجماع

إجماع المعارضة على البحث عن مرشح موحد، خرج عنه حزب الصواب بفعل تعهد سابق بترشيح بيرام الداه أعبيد، النائب البرلماني عن الحزب وزعيم حركة "إيرا" المناهضة للرق، الحائز على المرتبة الثانية، بنسبة 9 في المئة، في آخر استحقاق رئاسي في مواجهة الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز.

ويقول رئيس حزب الصواب عبد السلام ولد حرمه إن "دعمنا المرشح بيرام الداه أعبيد، ينطلق من حقيقة ومبدأ: الحقيقة هي أنه أبرز مرشح من داخل صفوف المعارضة إلى الآن، إذ يمتلك القدرة على تقديم البرنامج السياسي البديل الأكثر وضوحاً لخلق القطيعة المطلوبة مع بنية الفساد والتخلف المخيّمة على دولتنا ومجتمعنا. أما المبدأ فهو التزامنا السياسي بأن نكون جزءاً من التيار الوطني الداعم هذا المرشح من خلال اتفاقنا معه على ذلك في مايو (أيار) 2018".

إحباط المعارضة

حالة الإحباط والتصدع داخل صفوف المعارضة كانت وراء إعلان أحمد سالم ولد بوحبيني، المعارض البارز والنقيب السابق لهيئة المحامين الموريتانيين، استقالته، الاثنين، من منتدى المعارضة على خلفية ما وصفه بـ "فشل المعارضة في تقديم خطاب يتماشى مع متطلبات المرحلة، وعجزها عن توحيد الرؤى والإستراتيجيات". وقال ولد بوحبيني، في رسالة الاستقالة التي وجهها إلى المنتدى، "إنكم تقفون عاجزين أمام اختيار حاسم، وكلما تأخر، أصبحت فرص نجاحكم أقل. وكلما تأخر، انفضّ من حولكم الناخبون. كم مرة عبرت لكم عن أسفي على البطء الشديد في اتخاذ القرارات المصيرية تحت ضغط المشاحنات الجانبية والضغائن المميتة، التي جعلت منكم زمراً متفرقة ومشتتة وغير قادرة على القيام بأي فعل سياسي مُجد؟ وكم مرة أخذتم عليّ مواجهتكم بالحقائق التي من أبسطها تبديدكم آمال ناخبيكم وتخاذلكم كلما دق جرس الانتخابات؟".

الحاضر الغائب

لن يشارك أحمد ولد داداه، الزعيم التاريخي للمعارضة الموريتانية ورئيس حزب التكتل، الذي شكل أبرز منافس للرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع في الانتخابات التعددية الأولى التي شهدتها البلاد عام 1992، في الانتخابات هذه المرة، بسبب القانون الموريتاني المعدل أخيراً الذي يمنع الترشح على من تجاوز الخامسة والسبعين من العمر. مع ذلك، يبقى دور ولد داداه وازناً في العملية السياسية، شأنه في ذلك شأن رئيس مجلس النواب الأسبق مسعود ولد بلخير، رئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي نفى ما تردد في شأن اعتزامه الترشح إلى الانتخابات، مؤكداً أن عمره لا يسمح له بذلك.

الغالبية الحاكمة

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حسمت الغالبية أمرها وقررت دخول السباق الرئاسي من بوابة الجيش مرة أخرى، عبر مرشح واحد، بعدما أعلن الرئيس الموريتاني اختياره وزير الدفاع اللواء المتقاعد محمد ولد الغزواني خليفة له، منهياً بذلك مساعي البرلمان التي كانت تهدف إلى تعديل الدستور من أجل بقائه في سدة الحكم. ويعتبر ولد الغزواني من أقرب المقربين إلى الرئيس ولد عبد العزيز، فهو صديقه الشخصي وشريكه في الانقلابات التي أطاحت الرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، عام 2008، وقبله العقيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع عام 2005.

ويقول سيدي محمد ولد محم، رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ووزير الثقافة، إن "مرشح الغالبية الوحيد هو ولد الغزواني، ونعتبره الخيار الأفضل، نظراً إلى ما يتمتع به من خبرة كبيرة بملفات البلد وشؤونه الأمنية والسياسية كافة". وأضاف أن "إجراءات الترشح على المستويات السياسية والحزبية ستكتمل في وقت لاحق".

تململ داخل ائتلاف الغالبية

نقلت صحيفة 28 نوفمبر الإلكترونية عن محفوظ ولد عزيزي، القيادي في ائتلاف الغالبية الحاكم، قوله إن "تعليب المواقف بعد عشر سنوات لم يعد مطروحاً"، مؤكداً أن "أحزاب الغالبية لن تدعم مرشح الرئيس قبل التفاوض معه مباشرة". وفي تجل آخر من تجليات التململ داخل ائتلاف الموالاة، وصف محمد الأمين ولد البان، رئيس حزب العدالة الديموقراطي، شراكة حزبه مع حزب الاتحاد بأنها "كانت سيئة وتفتقر إلى الوضوح والشفافية".

وفي خضم الجدل داخل الغالبية الحاكمة، تتحدث مصادر مقربة من رئيس الوزراء الأسبق مولاي ولد محمد لغظف عن إمكان ترشحه إلى الانتخابات الرئاسية. وهو ما قد يُنظر إليه على أنه شق لعصا الطاعة ضد حزب الاتحاد.

مرشح مستقل

وتؤكد مصادر مقربة من رئيس الوزراء الأسبق سيدي محمد ولد ببكر، الذي يحظى بالقبول على نطاق واسع، وفق أنصاره، أنه بصدد إعلان نفسه مرشحاً مستقلاً إلى الانتخابات الرئاسية.

في المقابل، يرى المناضل الحقوقي والكاتب الصحافي أحمد الوديعة أن استحقاق هذا العام ستكون له ما بعده في ما يتعلق بالتناوب السلمي على السلطة. ويضيف أن "من أهم مؤشرات فرصة استحقاق 2019 انتقال السلطة، الذي يُفرض بقوة الدستور من رئيس إلى آخر. وهي فرصة كبيرة ما كان لها أن تكون وليس لها أن تتم، من دون تضافر جهود المعارضة صاحبة الريادة في النضال من أجل الديموقراطية منذ ربع قرن. لكن أيضاً من مصلحة بعض القوى في السلطة أو محيطها إحداث تحول ولو شكلي في هرم السلطة. وهذا ما عُبّر عنه رفض التعديلات الدستورية على مستوى مجلس الشيوخ".

ويجزم وزير الإعلام الأسبق محمد ولد أمين بوصول ولد الغزواني إلى سدة الحكم من دون عناء، إلا أنه يعتقد أنه قد يكون آخر عسكري يحكم موريتانيا، ما سيتيح للبلاد فرصة التناوب السلمي على السلطة بين المدنيين في المستقبل.

المزيد من العالم العربي