Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مفاوضات جوبا تتعرض لانتكاسة بسبب خرق وقف إطلاق النار

أربعة دبلوماسيين أميركيين يفتحون حسابات مصرفية في السودان للمرة الاولى منذ عقود

رئيس جنوب السودان سالفا كير يرحب برئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان (أ.ف.ب)

على الرغم من إبداء الأطراف السودانية المعنية بعملية السلام (الحكومة والحركات المسلحة) حسن النوايا مع انطلاق المفاوضات التي تستضيفها جنوب السودان بعاصمتها جوبا، والتي تسعى إلى إنهاء الحروب الأهلية الدائرة في أجزاء متفرقة من البلاد منذ سنوات عدة، فإن اتهام الحركة الشعبية شمال، برئاسة عبدالعزيز الحلو، للحكومة السودانية بخرق اتفاق وقف إطلاق النار في مناطق العمليات جنوب كردفان، أدى إلى تأجيل التفاوض المباشر بين الطرفين من قبل لجنة الوساطة لمدة 24 ساعة، لإجراء مزيد من المشاورات لمعالجة الأمر.

يأتي ذلك في الوقت الذي أكدت حكومة الخرطوم تجديد وقف إطلاق النار باعتباره دليلاً على التزامها السلام خياراً استراتيجياً أقرته وثائق الفترة الانتقالية وتسنده الإرادة الشعبية في السودان والإقليم.

حسابات مصرفية أميركية

 

وفي تطور لافت، فتح 4 دبلوماسيين أميركيين حسابات في مصرف بالسودان للمرة الأولى منذ عقود، في محاولة لجذب الاستثمارات الدولية إلى هذا البلد الذي يعاني من وضع اقتصادي صعب.
وكانت واشنطن رفعت في 2017 الحظر الذي فرض لعقود على السودان، لكنها أبقت هذا البلد على لائحتها للدول المتهمة بدعم الإرهاب مما يضر، حسب القادة السودانيين، بالتنمية الاقتصادية ويبعد المستثمرين الأجانب.
وكانت الأزمة الاقتصادية سبب اندلاع حركة الاحتجاج وأدت إلى إزاحة الجيش للرئيس عمر حسن البشير.
وقالت إيلين ثوربرن، مساعدة رئيس بعثة السفارة الأميركية في الخرطوم، لـ(أ.ف.ب.) "رفعنا العقوبات الاقتصادية في 2017 ونريد أن نظهر أن السودان منفتح على الأعمال وأن المصارف الدولية والشركة مرحب بها مجددا هنا".
وفتحت ثوربرن و3 دبلوماسيين آخرين حسابات في بنك الخرطوم.
وأوضحت الدبلوماسية الأميركية أن هذه المبادرة اتخذت في اللحظة المناسبة نظرا لتولي الحكومة الانتقالية مهامها في سبتمبر (أيلول) و"للتغييرات التي قامت بها".

اتهامات وشروط

في المقابل، وضعت الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، في بيان لها ممهور باسم سكرتيرها العام عمار أمون، 4 شروط للعودة إلى طاولة التفاوض مع الوفد الحكومي، من أبرزها وقف العدائيات، مبررة تعليق التفاوض بأن القوات المُسلَّحة السودانية بمُساعدة أفراد قبليين تخطت مساراً مُختلفاً حوله، وأن قوات من الدعم السريع تعتقل 13 مواطناً بعد أن ألقت القبض عليهم في كمين، مؤكدة بأنها لن تباشر التفاوض مع الحكومة قبل التأكد من إصدار إعلان موثق بوقف العدائيات من جانب الحكومة، وإطلاق سراح المواطنين المحتجزين لديها وتسليمهم إلى سلطات الحركة الشعبية فوراً، والانسحاب الفوري من المناطق التي احتلتها، ورفع الكمائن التي نصبتها في خور ورل ومناطق أخرى، فضلاً عن إجراء تحقيق متكامل حول اغتيال الشيخ محمد عبد الفضيل، شيخ قرية الزلطاية.

ملاحقة المتورطين

في حين أوضح المتحدث الرسمي باسم وفد المفاوضات الحكومي، محمد الحسن التعايشي "أن أحداثاً مؤسفة حالت دون عقد جلسة مع الحركة الشعبية شمال، بقيادة عبد العزيز الحلو في جوبا لترتيب أجندة مفاوضات السلام، والجداول الزمنية لبدء النقاش حول جميع القضايا"، لافتاً إلى أن تلك الأحداث التي اندلعت خلال اليومين الماضيين عبارة عن صراع بين مجموعات مسلحة من الرعاة وبعض التجار في مناطق سيطرة الحركة الشعبية بولاية جنوب كردفان، وأعرب التعايشي عن إدانة الحكومة للحادث، وأكد على أنها ستلاحق الفاعلين وتحاسبهم وفقا للقانون.

 وأضاف "ما حدث يجب أن يكون دافعا للمضي قدما في طريق السلام الذي ينهي القتال إلى الأبد"، مؤكداً أن الحكومة السودانية جاهزة للتفاوض في كل الموضوعات محل النقاش.

معالجة المشكلة

من جهتها، أصدرت قيادة لجنة الوساطة لمحادثات السلام بيانا أعلنت فيه تأجيل الجلسات لمدة 24 ساعة، موضحة أن "التأجيل جاء بسبب الاحتجاج الذي تقدمت به الحركة الشعبية ضد الحكومة السودانية واتهامها بخرق وقف إطلاق النار في الأحداث التي وقعت في منطقة خور الورل بجنوب كردفان". وأشار البيان إلى أن الوساطة قررت التأجيل لإجراء مزيد من المشاورات بين الطرفين لمعالجة الأمر.

حل شامل

في الوقت ذاته، أصدرت الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة مالك عقار بياناً أكد أن عملية السلام التي تريدها الحركة قائمة على الشراكة في تقديم الحلول ومساعدة كل طرف للطرف الآخر في المصاعب التي تواجهه بغرض قيام نظام جديد ومشروع وطني جديد، ودعت إلى ضرورة أن يتناول الموقف التفاوضي قضايا السودان الأساسية والجوهرية والقومية مع التنسيق مع الجبهة الثورية في كافة المسارات.

فيما أعلن التحالف السوداني للتغيير رفضه منهج الحلول الجزئية للأزمة السودانية وتمسكه بالحل السياسي الشامل المفضي إلى السلام العادل والشامل والدائم، وتحقيق تحول ديمقراطي بمشاركة جميع القوى الثورية الفاعلة في عملية السلام، مبديا عدم اعترافه بالوثيقة التي وقّعها المجلس السيادي والجبهة الثورية بجوبا في 11 سبتمبر 2019 لأنه لم يكن جزءاً منها.

انطلاق المفاوضات

وبدأت المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة بالعاصمة جوبا الاثنين 14 أكتوبر (تشرين الأول) بجلسة افتتاحية حضرها الرئيس الأوغندي يوري موسفيني، ورئيس وزراء إثيويبا أبيي أحمد، ورئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، على أمل التوصل إلى تسوية سلمية تعزز فرص الانتقال الديمقراطي في السودان.

وترأس الجلسة الافتتاحية رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، ورئيس المجلس السيادي السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي أكد التزام حكومته التوصل للسلام في موعد محدد، وأبدى تطلعه لأن تكون هذه الجولة فرصة لوضع حل نهائي لأزمة الحكم في السودان، مشيراً إلى ضرورة وضع كل القضايا على الطاولة ليتم وضع حل نهائي.

وقال رئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد في كلمته "إن حوار جوبا هو تكملة للمصالحة الوطنية التي نشأت بفعل الثورة السودانية، ويجب علينا في منطقتنا الأفريقية أن نعتمد الحوار سبيلا وحيدا لحل جميع مشاكلنا، فبالحوار تمت المصالحة مع إريتريا".

ومن جانبه، أوضح رئيس حكومة الجنوب، سلفاكير مياريت، أن "المشاكل السياسية لا تُحلّ عبر البندقية، والحلول لا يمكن أن تكون فردية، هي نتاج لحوار الجميع." وأضاف "أطالبكم بالتفاوض بجدية وتقديم التنازلات المتبادلة وصولا للسلام".

وأكد رئيس أوغندا، يوري موسفيني، على ضرورة معالجة خطأ التشخيص للأزمة السودانية وعدم إنفاق وقت طويل، مبيناً أن المشكلة واضحة ولا تحتاج لكل هذا الوقت ويجب تقديم المصلحة. ودعا المتفاوضين لعدم إضاعة الوقت والوصول لحلول سريعة لمصلحة الشعب السوداني.

في المقابل، أوضح رئيس الجبهة الثورية، الهادي إدريس، أن الثورة السودانية أوجدت مناخا مناسبا للسلام، وأنه قد حان الوقت لتجاوز إخفاقات الماضي وإنهاء التهميش ومخاطبة جذور الأزمة، موضحاً أن الجبهة الثورية تعلن عن استعدادها للتفاوض وملتزمة إعلان جوبا.

فترة انتقالية

وبدأ السودان منذ 21 أغسطس (آب) الماضي فترة انتقالية تستمر 39 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات، ويتقاسم السلطة خلالها كل من المجلس العسكري، وقوى إعلان الحرية والتغيير، قائدة الحراك الشعبي.

ويعد ملف إحلال السلام أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، وهي أول حكومة في البلاد منذ أن عزل في 11 أبريل (نيسان) الماضي الرئيس السابق عمر البشير من الرئاسة تحت وطأة احتجاجات شعبية منددة بتردي الأوضاع الاقتصادية.

المزيد من العالم العربي