Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أسرار حرب أكتوبر... مقاتل مصري أتقن العبرية: كشفت شفرة "خريطة سيريوس"

سعد زغلول: دمرنا "مركزا إلكترونيا" إسرائيليا بعدما التقطت إشارة عن مقره... وشاركت في أسر "عساف ياجوري"

شارك المقاتل المصري سعد زغلول في عمليات المراقبة المستمرة للقوات الإسرائيلية بخط بارليف (اندبندنت عربية)

هو أحد أبطال حرب السادس من أكتوبر 1973، أتقن لسان العدو، فصار ترجماناً للقوات المسلحة المصرية، يراقب من كثب ما يدور على الضفة الأخرى، وينقل تفاصيل ومجريات الأحداث التي ترتبت عليها اشتباكات ومناورات ألحقت الخسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي، وأفقدته اتزانه في كثير من المعارك.

في الذكرى الـ46 لانتصارات حرب أكتوبر، التقت "اندبندنت عربية" المقاتل سعد أحمد زغلول، ابن قرية محسن التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية (شمال شرق)، الذي جُنَّد في العام 1970 بسلاح الاستطلاع، بعد إتقانه اللغة العبرية محادثةً واستماعاً.

أبراج المراقبة
في البداية سألناه عن المهام التي كان مسؤولاً عنها إبان فترة الحرب، فقال، "لم تكن بداية مهمات العمل الحقيقية بالنسبة إليَّ مرتبطة بيوم العبور فقط، إذ انتقلت إلى مدينة الإسماعيلية قبل ذلك التاريخ بعام كامل، وشاركت في عمليات الاستطلاع لرصد القوات الإسرائيلية على طول الجبهة، بداية من بورسعيد وإلى بئر عديب جنوبي السويس".

وأضاف، "شاركت أيضاً في عمليات المراقبة المستمرة للقوات الإسرائيلية في خط بارليف مع رصد الدوريات والتدريبات والاتصالات مع القيادة بمنطقة (رفيديم)، وكذلك النشاط الجوي والبحري والتدريب بالأسلحة المشتركة".

 

وبفضل إجادته اللغة العبرية عمل سعد مترجماً للقوات المصرية في أرض سيناء، وتعددت المهام التي استطاع القيام بها، بداية من "التقاط المحادثات المدنية بين الضباط والجنود الإسرائيليين في خط بارليف وبين ذويهم في إسرائيل، وتفريغها لمعرفة الحالة المعنوية لهم، وما يمكن أن يتحدثوا عنه عائلياً عن معايشتهم اليومية وصولاً إلى العديد من المهام الأخرى بالغة الأهمية".

الحرب خدعة
زغلول يؤكد "أن العدو لم يفاجئ بالحرب بل خُدع، فاختيار 6 أكتوبر، وهو عيد الغفران (يوم كيبور) في إسرائيل، كان أحد أهم مقومات خطة الخداع، خصوصاً أن الجيش الإسرائيلي احتياطي، والشعب بالكامل في الجيش، وبمجرد سماع إشارة في الراديو، يذهب كل فرد إلى كتيبته فوراً، وفي ذلك اليوم أغلق المواطنون الراديو لغفران الذنوب".

ويضيف، "بل إن خطة العبور المصرية تتفوق على خطة الدفاع الإسرائيلية شوفاح يونيم، أو برج الحمام، التي تقضي بالدفاع عن خط بارليف على ثلاثة أنساق دفاعية بالدبابات بمسافات معينة بواسطة قوات خاصة وأبطال المشاه من حملة صاروخ الفهد مولوتكا".

سلاح الاستطلاع الإلكتروني للمرة الأولى
يكشف زغلول للمرة الأولى أنه تم استخدام سلاح الاستطلاع الإلكتروني في حرب أكتوبر 1973، "استطعنا تحديد إحداثيات خطة تمركز القوات الإسرائيلية أثناء الثغرة بإشارة عبر الكود الأسود من 3 صفحات، وأُبلغت القيادة العامة بالقوات المسلحة، ومن ثمّ قصف المنطقة بكل أنواع الأسلحة حتى بدت كالجحيم".

وتابع، "أذكر وقتها أن القائد الإسرائيلي أخذ يصرخ (إننا نعاني قصفاً مدفعياً لا يتوقف، جهنم فتحت أبوابها علينا، عندي نحو 300 قتيل وجريح، أرسلوا إلينا طائرات هليكوبتر لنقل الجرحى)".

 

يضيف، "كان انتصاراً يستحق الإشادة والفخر، خصوصاً أنه بعد مبادرة روجرز (مبادرة قدّمتها الولايات المتحدة الأميركية في 5 يونيو (حزيران) 1970 عن طريق وزير خارجيتها وليام روجرز لإيقاف النيران لمدة 90 يوماً بين مصر وإسرائيل)، وقف موشي ديان في مؤتمر صحافي قائلا بغرور، إن الحرب المقبلة مع العرب ستكون حرباً إلكترونية لا قِبل للعرب بها، وقد قامت إسرائيل ببناء أكبر مركز تجسس واستطلاع إلكتروني في وسط سيناء، وكان مركزا ذا أهمية قصوى في عمليات التشويش والتنصت وسمته (كوتر مرجليت) أو جوهرة التاج، وهاجمته قواتنا الجوية، وشل الهجوم حركة الإسرائيليين وعطل راداراتهم وأبطل تأثيره على قواتنا".

وحول مفهوم الحرب الإلكترونية الذي استخدمته القوات المصرية للمرة الأولى في حرب أكتوبر يقول زغلول، "هو استخدام جملة من الممارسات والإجراءات التي تسعى إلى إلحاق الخلل والعطل بالأنظمة والوسائل الإلكترونية الخاصة بالعدو وتحقيق الحماية من وسائل استطلاع العدو المعادي ومقاومته".

وتابع "في 6 أكتوبر أعقنا تماماً الاتصالات اللاسلكية للعدو، وهو ما أفقدهم السيطرة على الأمور بعد تعثر تلقي التعليمات، وقد تم تدمير مراكز الاتصال ومواقع الرادار في سيناء، كما استطعنا التنصت الإلكتروني بواسطة رجال الاستطلاع الذين يجيدون اللغة العبرية، وتحديد الاتجاه وتعيين المكان، حيث تم رصد تحركات العدو، ووجهت له نيران مباشرة أدت إلى خسائر فادحة في الأفراد والمعدات" .

نداء عبري للاستسلام
يعود زغلول بالذاكرة إلى الوراء 46 عاماً، ليسرد نص النداء الذي وجهته القوات المصرية إلى الجيش الإسرائيلي مساء السادس من أكتوبر، والذي جاء فيه، "باتت الأمور أكثر وضوحا بتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة على مستوى العتاد والأفراد، وجاءني تكليف من قادتي بكتابة نداء باللغة العبرية وتسجيله بصوتي على حافة القناة لإذاعته على الجنود الإسرائيليين المحاصرين، يدعوهم إلى الاستسلام مع وعد بالمعاملة الحسنة، وعلاج الجرحى حسب اتفاقية جنيف بشأن أسرى الحرب".

وأضاف، "كنت أسمع استغاثات القوات الإسرائيلية في لهفة، وطلب النجدة من سلاح الجو الإسرائيلي، وأتذكر أن (بيني بيلد) قائد سلاح الجو الإسرائيلي، يرد على استغاثة الجنود الإسرائيليين بقوله، (لن أتمكن من خروج سلاح الجو إلى هذا الحد)، حيث كانت تمركزاتهم في الدشم المواجهة للقناة، وأخبرهم بأنه (ممنوع الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كيلومتراً)، وذلك بعد بدء الحرب، وتقدم القوات المصرية في أول أيامها، وكانت شهادة رائعة للدفاع الجوي المصري".

التقاط أخطر مكالمة لقائد المدرعات الإسرائيلي
وفق شهادة المقاتل، الذي عمل على مراقبة العدو قبل العبور بعام كامل، فإن أخطر ما توصل إليه من معلومات أثناء متابعته وموقفها تجاهها، يقول "في الحادي عشر من أكتوبر 1973، استطعت تحديد مكان الجنرال (إبراهام مندلر)، قائد المدرعات في جبهة سيناء إثر اتصاله اللا سلكي بقائد الجبهة (شموئيل جونين)، الذي كان في طائرة هيلكوبتر، ومن ثم وجهت إليه النيران المباشرة وأسقطته قتيلا".

 

 
يذكر أيضا "أنه في مساء 15 أكتوبر سمعت أحد قادة إسرائيل يبلغ قيادته، (أنظم قواتي وأتحرك على محور لقيقان وفي طريقي إلى خط المياه)، بعد التقاط هذه المعلومات الخطيرة التي تفيد بخطة تمركز القوات الإسرائيلية المتسللة إلى الغرب تم إبلاغ القيادة العامة بالقاهرة، ووجهت إليهم ضربات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة، وظل القائد الإسرائيلي يصرخ (نحن في الجحيم، أرسلوا طائرات الإخلاء، لدي مئات القتلى والجرحى هنا)".
 
سر خريطة سيريوس
من المهام التي نال بسببها زغلول ترقية استثنائية، كان ترجمته خريطة "سيريوس"، التي وصفت بـ"الخطيرة". يقول عنها، "خريطة سيريوس التي وقعت في أيدينا كانت بالغة الأهمية، فمن خلالها استطعنا فك شفرة كل المواقع الإسرائيلية ومراكز قيادتها، إضافة إلى كشف تحركات القوات وتحديدها بأجهزة خاصة، مثل اكتشاف الهجوم المضاد نحو (الفردان)، الذي فشل وأسر بسببه العقيد عساف ياجوري، أشهر أسير إسرائيلي في الحرب باعتباره أرفع رتبة عسكرية، فبعد الهجوم المصري لم يكن أمام عساف ياجوري إلا القفز من دبابة القيادة ومعه طاقمها للاختفاء في إحدى الحفر لعدة دقائق، وبعدها وقعوا في الأسر، وقد كتب ياجوري قصة أسْره كاملة في صحيفة (معاريف) الإسرائيلية، بتاريخ 7 فبراير (شباط) 1975، كما اعترف بتفاصيل هذه الخريطة كتاب المحدال أو التقصير".
يختتم البطل حديثه بمحادثة أخيرة التقطها، "دارت بين الضابط الإسرائيلي شلومو أدنيست، قائد نقطة لسان بورتوفيق الحصينة، وبين قيادته يطلب منهم الإذن بالاستسلام أمام وكالات الأنباء العالمية".
اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي