Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جيرمي كوربين.. السياسي البريطاني الذي أعيته خصومة إسرائيل

رشح نفسه للبرلمان أخيراً كمستقل بعد أن مثّل حزب "العمال" لأكثر من 40 عاماً

جيرمي كوربين قاد حزب العمال البريطاني خمس سنوات بين 2015 و2020 (غيتي) 

ملخص

 بعد خمسة عقود من انتمائه إلى حزب "العمال" البريطاني عضواً وزعيماً سابقاً، أعلن جيرمي كوربين ترشحه كمستقل للانتخابات البرلمانية المقبلة، وأطلق ستة وعود تعهد بتنفيذها أياً كان رئيس الوزراء المقبل، ولكن شعبيته الكبيرة في منطقته إيسلينغتون نورث قد لا تكفي لفوزه بكرسي البرلمان إن تحالف ضده جميع الذين يعتبروه "معادياً للسامية".

أعلن الزعيم السابق لحزب "العمال" البريطاني جيرمي كوربين ترشحه للانتخابات البرلمانية المقبلة كمستقل، وتعهد بمواصلة "النضال من أجل المساواة والديمقراطية والسلام"، على رغم أن نضاله هذا، وبخاصة الجزء المتعلق بنصرة القضية الفلسطينية ضد العنصرية الإسرائيلية، جلب له مشكلات كثيرة وأسهم في إخراجه من الحزب الذي عاش في كنفه عقوداً. 

ومثل كوربين منطقة إيسلينغتون نورث اللندنية في مجلس العموم لأكثر من 40 عاماً كنائب عمالي، ولكن الحزب القائد للمعارضة لم يعد يريده عضواً ولا مرشحاً بعد تحقيق أجرته لجنة داخلية مختصة بحقوق الإنسان عام 2020، وتوصلت فيه إلى أن "العمال" تحت زعامته حادوا عن قواعد المساواة وانجرفوا وراء الأفكار المعادية للسامية، على حد وصف اللجنة.

ورفض كوربين نتائج تقرير اللجنة حينها وقال إن تهمة معاداة السامية استخدمت لأغراض سياسية، ولكن الزعيم الجديد للعمال كير ستارمر لم يصغ لمظلومية سلفه وقرر التخلي عنه في سياق حربه المعلنة على "معاداة السامية" بين صفوف الحزب، وهو أكبر إنجاز داخلي يفاخر به ستارمر، ويستدعيه كلما أراد إقناع البريطانيين بقدرته على تغيير البلاد.

وتحت زعامة كوربين بين عامي 2015 و2020 أصبح "العمال" أكبر حزب سياسي في أوروبا مع نحو 600 ألف عضو، لكن ذلك لم يساعده عندما تفجرت التقارير التي تتهمه بتهديد الأمن القومي، وإعلان استطلاع لمؤسسة "يوغوف" أن ثمانية من كل 10 ناخبين يهود في بريطانيا يعتقدون أن سمعة "العمال" كحزب مناهض للعنصرية تشوهت في عهد كوربين.

أسباب ودوافع

واستعرض كوربين أسباب ترشحه كمستقل في مقالة نشرتها صحيفة "إيسلنغتن تريبيون" "Islington Tribune" أمس الجمعة، فكشف أن أعضاء حزب "العمال" في منطقته منعوا من اختيار ممثلهم، وفرض عليهم مرشح ستارمر ودائرته الضيقة. كما أن إيسلينغتون نورث تعاني مشكلات لا يمكن حلها إلا بسياسة جديدة تختلف عن توجهات الأحزاب الكبرى.

وأطلق زعيم "العمال" في حملته الانتخابية الجديدة ستة عناوين، خمسة منها محلية والأخير يتعلق بالصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، فتعهد بالحشد لإنهاء ما وصفه بالحرب غير المنتهية، وقال "إن الأمن الحقيقي لا يأتي من تدمير جارك وإنما عبر التعايش معه". كما شدد على أن سعيه في هذا الإطار جزء من نضاله لتحقيق السلام العالمي وحماية حقوق الإنسان.

وكانت أول وعود كوربين المحلية تحقيق العدالة المجتمعية لأنه من العار أن يعاني 4.2 مليون طفل من الفقر في سادس أقوى اقتصاد حول العالم، كما سيحارب من أجل حق سكان منطقته والبريطانيين بالحصول على سكن أو تمكينهم من الإيجار بأسعار غير منفلتة من الضوابط، إضافة إلى تعهدات تتعلق بدعم البيئة والصحة الوطنية والترحيب باللاجئين.

وتمنى كوربين في مقالته أن يتفهم "العمال" أسباب لجوئه إلى الترشح كمستقل بعد أربعة عقود من العمل البرلماني كنائب عن الحزب، وقال إنه سيقاتل من أجل وعوده ومبادئه أياً كان رئيس الحكومة المقبلة، في إشارة إلى توقع استطلاعات الرأي بفوز المعارضة "العمالية" في الاستحقاق البرلماني المقبل، ووصول كير ستارمر إلى المنزل رقم 10 في لندن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مؤيدون ومعارضون

وانضم كوربين إلى حزب "العمال" عندما بلغ الـ 16 من عمره، فأمضى أكثر من 50 عاماً بين صفوفه قبل أن يترشح كمستقل وهو في الـ 74، وهي مفارقة وصفتها مجموعة "مومينتوم" اليسارية بالفوضى الكبيرة لقيادة ستارمر، منوهة إلى أن الهجوم على كوربين لم يكن يوماً لشخصه وإنما للسياسة الاشتراكية التي تهدد مصالح النخبة في الحزب، وفق تصريحات نقلتها صحيفة "ذا غارديان" عن الرئيسة المشاركة للمجموعة كيت دوف.

وتتوقع الصحيفة البريطانية انشقاق عدد من أعضاء حزب "العمال" دعماً لكوربين في مسعاه، وبرأي عضو الحزب وأستاذ القانون المقارن في جامعة "ميدلسكس" نهاد خنفر فإن الزعيم السابق للعمال يمتلك رصيداً شعبياً كبيراً في منطقته يؤهله للفوز خلال الانتخابات المقبلة، كما أن كوربين "لن يكون النائب العمالي الوحيد الذي يترشح مستقلاً في ذلك الاستحقاق، بعد ما عاشه الحزب أخيراً من أزمة شعبية بسبب تردده في تأييد وقف حرب غزة".

وفي حديثه مع "اندبندنت عربية" ذكّر خنفر بتجربة النائب "العمالي" السابق جورج غالوي الذي فاز بمقعد البرلمان في منطقته قبل أشهر، عندما ترشح عن حزب جديد يؤيد وقف الحرب، ويستنكر تصريحات ستارمر التي قبل فيها بقطع الكهرباء والماء عن غزة خلال مقابلة إذاعية له بعد هجوم "حماس" على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وفي المقابل نشرت صحيفة "ذا تلغراف" مقالة تؤيد فيها عزل الزعيم السابق لـ "العمال" وتصفه بالخطوة الصحيحة، وعلى رغم ذلك يقول الكاتب توم هاريس إن كوربين قد يعيد تجربة النائب العمالي دينيس كانافان الذي حرم من الترشح عن الحزب في أول انتخابات برلمانية اسكتلندية عام 1999، لكنه فاز كمستقل بأكبر مجموع أصوات بين كل المرشحين.

 

الخصومة مع إسرائيل

في شهر نوفمبر (تشرين الأول) الماضي شارك كوربين في تظاهرة خرجت في لندن للمطالبة بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة، وبعدها ببضعة أيام فقط استضافه المذيع المشهور بيرس مورغان للحديث حول ما يدور في الشرق الأوسط ، وحينها رفض زعيم "العمال" السابق وصف حركة "حماس" الفلسطينية بالإرهابية، لكنه دان هجومها على إسرائيل.

وبعد مقابلة أجراها مع كوربين عام 2022 قال موقع "ديكلاسيفايد" إن الهجوم الإعلامي على زعيم حزب "العمال" السابق من 2015 إلى 2020 ربما "يسجل على أنه أكثر الاغتيالات السياسية شدة في التاريخ البريطاني الحديث"، منوهاً بأن الهجوم لم تشنه فقط وسائل الإعلام اليمينية، وإنما أيضاً "اليسارية" التي لطالما عرفت بتأييدها لـ "العمال".

كاتب المقالة مات كينارد قال إنه بحث عما كتب حول كوربين خلال أعوام زعامته لـ "العمال فوجد 34 مقالة وتقريراً يصفه بـ "التهديد" للأمن القومي، لافتاً إلى أن النقمة عليه لم تكن محلية فقط، وإنما نقل أيضاً عن وزير الخارجية الأميركي عام 2019 مايك بومبيو، قلقه من فوز كوربين في الانتخابات البرلمانية البريطانية التي جرت في ذلك العام.   

عندما فاز كوربين بزعامة "العمال" عام 2015 انضم أو عاد للحزب عدد من "اليساريين" المنتقدين للسياسات العنصرية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، وأدرج على أجندة أول مؤتمر سنوي للحزب تحت قيادة كوربين إعلان نية "العمال" الاعتراف بدولة فلسطين إذا وصلوا إلى السلطة، وهي خطوة زادت قلق أصدقاء إسرائيل داخل الحزب وخارجه.

وخلال اجتماع عقد للتضامن مع الشعب الفلسطيني عام 2009 انتقدت تصريحات لزعيم "العمال" السابق وصف فيها "حزب الله" وحركة "حماس" بالأصدقاء، رد كوربين حينها بالحجة ذاتها التي استخدمها لتبرير لقائه مع الجمهوريين الإيرلنديين عام 1987، وقال لهيئة الإذاعة البريطانية "إنه يفضل التحدث مع خصومه فكرياً من أجل التوصل إلى السلام".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير