Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تقود الاعترافات الفردية بفلسطين إلى موقف أوروبي موحد؟

تباينات بين دول القارة العجوز بشأن جدوى الخطوة في هذا التوقيت

146 دولة حول العالم اعترفت بفلسطين حتى اليوم (غيتي)

ملخص

أثار اعتراف إسبانيا وإيرلندا والنرويج بدولة فلسطين تساؤلات في شأن احتمال تمدد الخطوة في القارة العجوز وإمكان تحولها إلى قرار رسمي من الاتحاد الأوروبي، لكن محللين ومراقبين استبعدوا ذلك، وقالوا إن دولاً كبيرة في التكتل ترفض هذه المساعي، ولن تقدم على هذه الخطوة إلا بعد انتهاء الحرب والتنسيق مع الولايات المتحدة.  

قبل أشهر قليلة أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل خطة من 10 نقاط، لإنهاء أقدم نزاع في تاريخ الشرق الأوسط الحديث. النتيجة المنشودة هي إقامة دولة فلسطينية تجاور إسرائيل، أما أبرز الخطوات لتحقيقها فتتمثل بإطلاق مؤتمر دولي للسلام يجمع الأطراف المعنية عربياً ودولياً.

بعد إعلان الخطة بأقل من ثلاثة أشهر كشف بوريل نفسه عن نية دول عدة في القارة العجوز الاعتراف بفلسطين حتى قبل ولادة "خطة النقاط الـ10"، ثم جاءت خطوة النرويج وإيرلندا وإسبانيا لتكشف عن جزء من القائمة فقط، إذ توقع رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز انضمام دول أوروبية للخطوة في الأسابيع المقبلة. 

ثمة أسئلة تطرح حول تأثير الاعتراف الثلاثي في مواقف دول أوروبية أخرى في المجال ذاته، وإلى أي حد يمكن أن يلعب ذلك الاعتراف دوراً في تسريع إنجاز خطة "النقاط الـ10 للسلام"، أم أن مفعولاً عكسياً قد يطاول تعاطف التكتل مع الفلسطينيين بعد تسويقه من "حماس" كـ"نصر لهجوم السابع من أكتوبر 2023"؟

التباين الفرنسي - الألماني

من برلين يقول الباحث في الشأن الأوروبي ناصر جبارة إن خطوة الدول الثلاث جيدة من ناحية توسيع قائمة الدول المعترفة بفلسطين حول العالم، ولكنها لن تؤدي إلى موقف موحد للاتحاد الأوروبي في هذا الشأن. فثمة تباينات واضحة بين الأعضاء إزاء جدوى هذا الفعل في الوقت الراهن، وماذا يمكن أن يضيف قبل وقف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وحلحلة كل النقاط العالقة والمتعلقة في تلك الحرب.

ويلفت جبارة في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن الاختلاف الواضح بين فرنسا وألمانيا إزاء حرب إسرائيلية على غزة هو عائق أمام إصدار قرار أوروبي موحد نحو الاعتراف بدولة فلسطين، ومن دون توحيد رؤية باريس وبرلين لن تولد خطوة رسمية من الاتحاد تجاه السلام في الشرق الأوسط، حتى أن الدور القيادي للدولتين في التكتل قد يمنع حكومات أوروبية من أن تحذو حذو إسبانيا والنرويج وإيرلندا.

ويشدد جبارة على أن تأييد برلين الكبير لإسرائيل لن يسمح بخطوة أوروبية قد تزعج تل أبيب، مشدداً على أن هذا التأييد لا يستند فقط على "الشخصية الألمانية النادمة على النازية ومحارق الهولوكوست في حق اليهود"، بل يعود أيضاً لخشية الحكومة من رد فعل أباطرة المال والأعمال المؤيدين للحرب الإسرائيلية في ألمانيا، وهؤلاء ليسوا من اليهود فقط وإنما من فئات وخلفيات دينية واجتماعية عدة، على حد قوله. 

واعترفت بفلسطين حتى اليوم 146 دولة من أصل 193 مسجلة في الأمم المتحدة. خطوة النرويج وإسبانيا وإيرلندا رفعت عدد المعترفين في القارة العجوز إلى 12 دولة. كانت السويد أولها في أوروبا الغربية عندما خطت هذه الخطوة في عام 2014، أما الدول الثماني المتبقية بولندا وبلغاريا وقبرص والتشيك وهنغاريا ومالطا ورومانيا وسلوفاكيا، فاعترفت جميعها بدولة فلسطين قبل انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أهمية التوقيت والتنسيق     

برأي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس الدكتور خطار أبو دياب، لن يقود الاعتراف الثلاثي إلى موقف موحد للاتحاد الأوروبي في شأن القضية الفلسطينية. صحيح أن دول التكتل أصبحت اليوم "أكثر انفتاحاً تجاه هذه المسألة"، ولكن أقطاب الاتحاد مثل فرنسا وألمانيا والنمسا "لن يقدموا على خطوة كبيرة في هذا الملف تحديداً من دون اختيار التوقيت المناسب، والتنسيق مع الولايات المتحدة بالدرجة الأولى".

ويلفت أبو دياب في حديث مع "اندبندنت عربية" إلى أن فرنسا كانت أول دولة في القارة العجوز تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتستقبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، ولكن الوضع الآن مختلف، ولا يتوقع من باريس أن تقود الاتحاد الأوروبي نحو الاعتراف بدولة فلسطين من دون مفاوضات ثنائية بين طرفي الصراع للتوصل إلى اتفاق في شأن حل الدولتين، وهذا ما تضغط الولايات المتحدة باتجاه الشروع فيه.

ويشير أبو دياب إلى أن الاعتراف الثلاثي يعزز من المواقف المؤيدة للسلام داخل إسرائيل، ولكن هذه الأصوات لن تسمع في ظل حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية، "ولن نرى تغيراً في رفض تل أبيب لحل الدولتين حتى تتغير هذه الحكومة التي تسوق للاعتراف الثلاثي كنصر لحركة ’حماس‘ المصنفة على قوائم الإرهاب أوروبياً".

في المحصلة تؤخذ قرارات الاتحاد الأوروبي عادة بإجماع 27 دولة، وبرأي أستاذ القانون الدولي في جامعة باريس لن يحصل إجماع في هذا الملف قبل انتهاء الحرب وتنسيق المواقف مع دول كأميركا وبريطانيا. "ربما نشهد وتيرة أعلى لمساعي دول القارة العجوز من أجل وقف الحرب، ولكن يصعب تصور تحول أوروبي استراتيجي من قبيل التخلي عن إسرائيل في سبيل دعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة".

أصداء في بريطانيا

ثمة مطالب لنواب في حزب العمال البريطاني بالمضي نحو الاعتراف بدولة فلسطين على غرار الدول الأوروبية الثلاث، لكن حكومة لندن بزعامة حزب المحافظين متحفظة في هذا الشأن. وعلى رغم أن وزير الخارجية اللورد ديفيد كاميرون كان أول من أثار مسألة الاعترافات الفردية بفلسطين أوروبياً، إلا أنه تراجع بشكل غير مباشر بحجة الحاجة إلى التنسيق والتشاور مع الحلفاء في اختيار التوقيت والآلية المناسبين لذلك.

على مستوى العمال قال وزير الخارجية في حكومة الظل ديفيد لامي إن الحزب سيعمل من أجل الاعتراف بدولة فلسطين إذا فاز بالسلطة في الانتخابات المقبلة، "ولكن ضمن حل الدولتين الذي يجب أن يتوصل إليه طرفا الصراع عبر المفاوضات". لا يوجد اختلاف بين المعارضة والحزب الحاكم في المملكة المتحدة في هذا السياق، ولا يتباين أيضاً موقف بريطانيا عن دول عدة في القارة الأوروبية، تقول إن "الحديث عن الاعتراف بدولة فلسطينية جارة لإسرائيل لم يعد محرماً، ولكن الوقت لم يحن بعد". 

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات