Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة أوكرانيا اليائسة في الجبهة الشرقية

فيما يسعى الكرملين إلى تحقيق نصر عسكري يروج له، تسبب النقص في الأسلحة على الجانب الأوكراني بتقدم القوات الروسية في ميدان القتال

قوات أوكرانية تطلق صاروخاً على القوات الروسية في منطقة دونيتسك (رويترز)

ملخص

يسعى الكرملين إلى تحقيق نصرٍ بحلول التاسع من مايو، وهو تاريخ إحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على النازيين في الحرب العالمية الثانية

تخوض القوات الأوكرانية معركةً يائسة من أجل الاحتفاظ بالسيطرة على بلدة "تشاسيف يار" الشرقية الاستراتيجية في منطقة دونيتسك، فيما تكثف روسيا جهودها لتحقيق نصرٍ عسكريٍ رمزي خلال الأسبوعين المقبلين.

الهدف الذي وضعه الكرملين هو الاستيلاء على هذه البلدة المحصنة التي تكمن أهميتها في موقعها الجغرافي المرتفع، الأمر الذي سيمكن مدفعية موسكو من استهداف المدن الأربع المهمة المتبقية - كراماتورسك، وسلوفيانسك، وكوستيانتينيفكا، ودروزكيفكا - التي لا تزال تحت سيطرة أوكرانيا في المنطقة.

ومن شأن تحقيق نصرٍ في هذه المنطقة تحديداً، أن يعزز بشكلٍ كبير هدف الكرملين المعلن بشكل متكرر والمتمثل في السيطرة على منطقة دونيتسك بالكامل. ويبدو أن موسكو غير مبالية بنشر أعدادٍ كبيرة من قواتها على الخطوط الأمامية من أجل التقدم نحو أهدافها. وقد عملت على تعزيز الهجمات التي تقوم بها قوات المشاة بالدبابات وناقلات الجند المدرعة، وبعناصر يستخدمون دراجات نارية ومركباتٍ رباعية الدفع غير تقليدية، تذكر بتلك التي شوهدت في سلسلة أفلام "ماد ماكس" Mad Max.

ووفقاً لمصدر مقرب من الرئاسة الأوكرانية تحدث إلى "اندبندنت"، فإن "القوات الروسية تعتبر حياة عناصرها أرخص الموارد التي يمكن التضحية بها، وقد واصلت إرسال جنودها بلا هوادة منذ أسابيع ليلقوا حتفهم في ساحات المعارك، من دون مواجهة أي تداعياتٍ أو عواقب سياسية واضحة، خلافاً لأوكرانيا التي تمتنع عن استخدام شعبها وقوداً للمدافع".

المصدر نفسه أوضح لـ "اندبندنت" أن الكرملين يسعى إلى تحقيق نصرٍ بحلول التاسع من مايو (أيار)، وهو تاريخ إحياء ذكرى انتصار الاتحاد السوفياتي على النازيين في الحرب العالمية الثانية. وتشمل التواريخ الرمزية الأخرى يوم السابع من الشهر الجاري - وهو يوم تنصيب فلاديمير بوتين رئيساً على البلاد لولايةٍ جديدة بعد انتخابات الشهر الماضي - والأيام التي تسبق زيارته المرتقبة لبكين في وقتٍ لاحق من هذا الشهر.

 

ويضيف أنه "من غير المرجح أن يتمكن الروس من فرض سيطرةٍ كاملة على "تشاسيف يار" الأسبوع المقبل، لكنهم قد يتمكنون من احتلال جزءٍ من البلدة، ما يسمح لهم بالتقاط صورةٍ لهم وهم يرفعون العلم الروسي. وسيعمل مروجو الدعاية للكرملين على تصوير النجاح الميداني - ولو بشكلٍ جزئي - على أنه انتصارٌ روسيٌ كبير".

يُشار هنا إلى أن موسكو استغلت النقص الكبير في إمدادات الأسلحة لكييف على مدى الأشهر الستة الأخيرة، من جانب حليفتها الأولى الولايات المتحدة، كي تقوم بالسيطرة على أراضٍ أوكرانية. وفيما جرى أخيراً حل مسألة التأخير في المساعدات العسكرية الأميركية، الناجم عن الخلافات السياسية الشديدة داخل الكونغرس الأميركي، إلا أنه من المتوقع أن يستغرق الأمر أسابيع عدة كي تعود الإمدادات - ولا سيما منها الذخائر الحيوية للمدفعية الأوكرانية، وأنظمة صواريخ الهجوم الأرضي، ونظام "باتريوت"، والدفاعات الجوية الأخرى - إلى مستوياتها السابقة.

هذا النقص مكن روسيا من الاستيلاء على بلدة أفدييفكا في فبراير (شباط) الفائت. وعلى رغم الدفاع الأوكراني الناجح عن المدينة منذ عام 2014، إلا أن القوات الأوكرانية بدت في الفترة الأخيرة منهكةً نتيجة النقص في الذخيرة. وسمح هذا التفاوت للقوات الروسية بإطلاق ما بين 5 إلى 10 قذائف في مقابل كل قذيفة يطلقها الجنود الأوكرانيون.

بعد سقوط أفدييفكا، عمدت القوات الروسية إلى تدعيم مواقعها بقواتٍ إضافية. وفي حين أن القوات الأوكرانية اعتمدت بشكلٍ متزايد على الطائرات المسيرة لتكون بديلاً من المدفعية، تمكنت القوات الروسية من دك المواقع الأوكرانية بإمداداتٍ هائلة من ذخائر المدفعية والصواريخ والقذائف الصاروخية والقنابل الجوية التقليدية، التي يصل وزن بعضها إلى طن ونصف الطن، والتي تم تكييفها لتصبح "قنابل انزلاقية" Glide Bombs بأجنحة وأنظمة توجيه (تلقيها طائرات وتستخدم الأسطح الديناميكية الهوائية للانزلاق نحو الهدف بدلاً من دفعها بصاروخ أو محرك).

وعلى رغم أن القوات الروسية تمكنت من إجبار القوات الأوكرانية على ترك بعض المواقع بالقرب من أفدييفكا وإلى الغرب منها في الأسبوعين الماضيين، إلا أنها تراجعت إلى خطوط دفاعية محصنة. وفشل الروس حتى الآن، في تحقيق أي اختراقاتٍ مهمة من شأنها أن تفرض واقعاً جديداً.

أمِل الأوكرانيون أن تسهم عودة إمدادات الأسلحة الأميركية في دعم قدرتهم على الصمود في وجه الهجوم المكثف على بلدة "تشاسيف يار"، لكن إحياء سلسلة التوريد من الولايات المتحدة لم يحدث بالسرعة الكافية. وقد أشار اللواء فاديم سكيبيتسكي نائب رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الأوكرانية في مقابلةٍ أجريت معه أخيراً، إلى أن القوات الروسية تلقت في ما يبدو تعليماتٍ "بتحقيق إنجازٍ ما" في الوقت المناسب لأحد التواريخ الرمزية بالنسبة إلى موسكو في مايو الجاري.

 

وشدد سكيبيتسكي على القول إن "معضلتنا واضحة وتتمثل في أننا نفتقر للأسلحة. لقد عرف الروس دائماً أن شهري أبريل (نيسان) ومايو سيكونان بالنسبة إلينا مرحلةً صعبةً في ميادين القتال".

في المقابل، قامت روسيا أخيراً بنشر قواتٍ إضافية لها في منطقة الصراع في "تشاسيف يار"، بما فيها وحدات النخبة المحمولة جواً. ويرى اللواء سكيبيتسكي أن التفوق الهائل في القوة البشرية الذي تتمتع به روسيا، والاحتياط الكبير من الأسلحة والذخيرة، يشيران إلى أنه "من المحتمل أن تكون مسألة وقت فقط قبل أن تسقط تلك البلدة، على غرار مدينة أفدييفكا، التي دمرها القصف الروسي وسوى مبانيها بالأرض...".

ومن شأن استيلاء الروس على محور "تشاسيف يار"، أن يشكل لهم موطئ قدم استراتيجياً لما يقول الضابط الأوكراني إنها خطتهم للاستيلاء "على جميع مناطق دونيتسك ولوغانسك الشرقيتين في أوكرانيا، وهو هدف لم يتغير منذ عام 2022".

معلومٌ أن أنظمة الدفاع الجوي الأكثر فاعلية في أوكرانيا تأتيها من دول الغرب، ولا سيما منظومة "باتريوت" التي عانت أخيراً من نقص في الذخيرة. وقد سمح هذا النقص لروسيا بزيادة نشر طائراتٍ مسيرة وصواريخ - بما فيها الصواريخ الباليستية - التي أصابت أهدافها بنجاح. وقد ألحقت هذه الهجمات أضراراً كبيرةً بالبنية التحتية الحيوية في أوكرانيا، ولا سيما منها مرافق توليد الكهرباء، واستهدفت عمداً مناطق سكنية ومراكز المدن، في محاولة لبث الرعب في نفوس السكان المدنيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووفقاً للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فقد أطلقت موسكو أكثر من 300 طائرة مسيرة من طراز "شاهد" إيرانية الصنع، إلى جانب 300 نوع من الصواريخ، وأكثر من3200  قنبلة انزلاقية في أبريل وحده.

وفيما اشترطت الولايات المتحدة وبعض حلفاء أوكرانيا ألا تستخدم كييف الأسلحة بعيدة المدى التي تقدمها لها، لضرب أهدافٍ داخل روسيا، أعلن وزير الخارجية البريطاني اللورد ديفيد كاميرون أن المملكة المتحدة ليس لديها مثل هذه الاعتراضات. وسعت أوكرانيا إلى استهداف مناطق داخل روسيا لتعطيل اقتصاد موسكو، بما في ذلك قصف مرافق إنتاج النفط وتخزينه، إضافةً إلى استهداف مواقع استراتيجية أخرى كالمطارات، في محاولةٍ للحد من قدرة روسيا على ضرب أوكرانيا. وازداد الوضع حدةً مع تفاقم الوضع الميداني على الخطوط الأمامية.

وكان اللورد كاميرون قد قال خلال زيارةٍ قام بها أخيراً للعاصمة الأوكرانية كييف، إنه "في ما يتعلق بالإجراءات التي اتخذها الأوكرانيون، فإننا نعتقد أن من حقهم أن يقرروا الطريقة التي يريدون بواسطتها استخدام هذه الأسلحة. إنهم يدافعون عن بلادهم ضد غزو غير مشروع يقوم به الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعليهم اتخاذ التدابير اللازمة للقيام بذلك".

وزير الخارجية البريطاني أضاف: "نحن لا نناقش أي قيود محددة قد نفرضها في مثل هذه الأمور. ومع ذلك، دعونا نكون واضحين، لقد بدأت روسيا هجوماً على أوكرانيا يستدعي الرد، ومن حق أوكرانيا تماماً أن تقوم بالدفاع عن نفسها".

وعندما سئل كاميرون أخيراً عن استهدافٍ أوكراني محتمل لمواقع داخل روسيا، أجاب: "إن قراراً من هذا النوع هو شأن أوكراني، وكييف تمتلك هذا الحق. ونظراً إلى التوغلات الروسية في الأراضي الأوكرانية، فمن المفهوم لماذا تشعر أوكرانيا بأنها مضطرة إلى الدفاع عن نفسها، وبأن تسعى إلى طرد القوات الروسية من أراضيها، والاحتفاظ بقدرتها على الرد".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات