شاركت السعودية في مسيرة "العرض المذهل" التي ينظمها الاتحاد الفرنسي لتنمية الإبليات في فرنسا وأوروبا بباريس، وبمشاركة دولية واسعة بنحو 50 جملاً وحيواناً آخر من السلالة ذاتها.
ويأتي هذا الحدث احتفاء بعد تخصيص عام 2024 "السنة الدولية للإبليات" التي أعلنتها الأمم المتحدة من أجل تعزيز "المساهمة الأساسية" لهذه الحيوانات، التي وصفت بأنها "بطلة الصحاري والمرتفعات"، التي تعول عليها "ملايين الأسر التي تعيش في بيئات صعبة في أكثر من 90 دولة".
وجاءت مشاركة السعودية لتعريف المجتمع الدولي بمبادرة "عام الإبل 2024" في المملكة، ودورها في تسليط الضوء على قيمة الإبل كرمز ثقافي ارتبط بالمجتمع السعودي منذ القدم، ولا يزال يحظى بمكانة كبيرة، وبرعاية من وزارة الثقافة ونادي الإبل في البلاد.
وشهدت الفعالية النادرة من نوعها حضور ومشاركة عدد من المنظمات والاتحادات الدولية المختصة بالإبل، وممثلين عن القطاعات الحكومية ومربي الإبل والمهتمين في هذا المجال.
المملكة تشارك في مسيرة الإبل بباريس احتفاءً بقرار الأمم المتحدة بتخصيص عام 2024م "السنة الدولية للإبليات" والتعريف بمبادرة "عام الإبل 2024م".https://t.co/Kzl4O1voha#واس_عام pic.twitter.com/3nxwnzz971
— واس العام (@SPAregions) April 20, 2024
وأقيمت المسيرة للمرة الثالثة على التوالي، إذ جابت الجمال شوارع باريس للمرة الأولى منذ عام 1926 وعبرت بين الحشود والمعالم والبرج الذائع الصيت "برج إيفل"، وانتهت بالتصفيق لنجاحها أمام مقر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "يونيسكو" بباريس.
وشارك في "العرض المذهل" أكثر من 30 دولة، تمثلهم الجمال والعارضين الذين يقدمون الفنون الأدائية الخاصة ببلدانهم، ومن بين الدول الولايات المتحدة الأميركية والإمارات العربية المتحدة وقطر وسلطنة عمان ومملكة البحرين وكندا والهند والمملكة المغربية وتنزانيا وبيرو والجزائر والتشيك وباكستان وتونس والنمسا وإسبانيا وبوروندي والسنغال وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموريتانيا وفرنسا والسودان وتشاد وأنغولا وإنجلترا وأوغندا.
وخصص اليوم الذي يسبق المسيرة إقامة جلسات حوارية مصاحبة تعقد في مركز شاتو دو جانفري التاريخي لعرض وتبادل تراث الإبل والجوانب الثقافية في جميع أنحاء العالم، والتركيز على مساهمة كل دولة في السنة الدولية للإبليات 2024.
إرث ثقافي
وكانت المملكة شاركت في تدشين السنة الدولية للإبليات 2024 التي أطلقتها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "فاو"، وذلك تتويجاً لجهودها الحثيثة في الاهتمام بقطاع الإبل، وانطلاقاً من أهميته في تحقيق مستهدفات الأمن الغذائي والنمو الاقتصادي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتهدف وزارة الثقافة وفق ما أوردته (واس) من خلال مشاركتها في هذا الحدث الدولي إلى "التعريف بمبادرة عام الإبل 2024، وما تمثله الإبل من إرث ثقافي واجتماعي مهم في المملكة، إلى جانب توعية الرأي العام بالقيمة الاقتصادية والثقافية للإبل، وإبراز قيمتها في حياة الشعوب، كما تعكس المشاركة حرص الوزارة على تعزيز التبادل الثقافي الدولي بوصفه أحد أهدافها الاستراتيجية تحت مظلة رؤية المملكة 2030".
ويحتفي السعوديون بالإبل طوال هذا العام بعد أن اختير الخط العربي ليكون رمز عام 2021 والقهوة السعودية لعام 2022 والشعر العربي لـ2023، بعد أن سنت الجهات الثقافية تسمية الأعوام برموز تنتمي للثقافة السعودية وتعززها بالتعاون مع قطاعات الدولة كافة.
أقيمت على رغم التنديد
وأقيمت المسيرة بعد مطالبات من جمعية للرفق بالحيوان بمنعها بعد ظهر اليوم السبت بين رصيف السين أمام برج إيفل ومعلم ليزانفاليد ومقر "يونيسكو"، وكلها مواقع في الدائرة السابعة الراقية في العاصمة الفرنسية.
ونددت جمعية حقوق الحيوان "باريس أنيمو زوبوليس" Paris Animaux Zoopolis، في بيان باستخدام هذه الحيوانات كـ"أشياء للترفيه" و"موارد غذائية مبتذلة"، وأوضحت المؤسسة المشاركة للجمعية أماندين سانفيسنس أن "هذه الحيوانات مكيفة مع الصحراء ودرجات الحرارة المرتفعة والجفاف، ولا مكان لها في باريس". لكن المنظم كريستيان شوتل أوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن هذه المسيرة ترمي إلى دعم "قضية الجمل في العاصمة الفرنسية لحقوق الإنسان".
وكان شوتل، وهو رئيس بلدية جانفري في جنوب غربي باريس، برز بالفعل من خلال مسيرة للإبليات في باريس عام 2014 خلال تظاهرة ضد إصلاح الجداول المدرسية.
ومنذ عام 2019، استضافت جانفري معرضين عالميين للإبل في فرنسا. وأوضح شوتل أنه وقع "في حب هذه الحيوانات من النظرة الأولى"، ويمتلك أربعة جمال يصطحبها معه في الإجازات.
وقال إنه حشد لهذا العرض الباريسي 70 ألف يورو من الأموال و34 وفداً وطنياً و80 شخصاً لحماية الحدث، بينهم ثلاثة أطباء بيطريين وسيارة إسعاف تابعة للأمن المدني وشاحنتان لإنقاذ الحيوانات إذا لزم الأمر ومغارف للبراز.
الجزيرة العربية هي موطن الاستئناس
من جهة أخرى وبحسب دراسة نشرتها وكالة الأنباء السعودية (واس) عن فريق بحثي سعودي - بريطاني، فإن البصمة الوراثية للإبل ذات السنام أثبتت أن الجزيرة العربية هي موطن الاستئناس الأول لهذا الحيوان الرمزي قبل 7 آلاف عام.
وتؤكد الدراسة ما وثقته المرويات الشفهية والنقوش والنصوص الأدبية التي لازمها ذكر الإبل في ظروف مختلفة، ففي الجانب العسكري حضرت الإبل في حروب توحيد السعودية تحت راية الملك عبدالعزيز بصورة واسعة، وكانت وسيلة التنقل والقتال الرئيسة في المعارك، إذ حرص الملك الراحل على اختيار "منقيات" جيشه بعناية، وكان يطلق على منقية جيش الملك عبدالعزيز "ريمات" التي حظيت بعناية خاصة من جلالته بعد ذلك، تقديراً لدورها في حروب التأسيس، بحسب توثيق نشره نادي الإبل السعودي.
وتقدر مصادر سعودية متخصصة أعداد الإبل في البلاد بنحو 2.5 مليون في أقل التقديرات، فيما أنجز مشروع ترقيمها لتوثيق ثروتها حتى الآن 1.6 مليون، بينما ينظر إلى اقتصادها على أنه يناهز 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، إلا أن بعض سلالاتها لا تقدر قيمتها المعنوية بأي ثمن.