ملخص
تترقب الأوساط السياسية والشعبية في العراق تعديل قانون الانتخابات النيابية الذي يشكل نقطة خلاف بين القوى السياسية قبيل الذهاب إلى حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.
تشكل التحالفات والتوافقات النواة الأولى للحكومات العراقية ورسم سياستها وتوجهاتها وفق المقاعد النيابية التي تحصلها القوى المتحالفة تحت قبة مجلس النواب، ومع الخريطة الجديدة اليوم والدعوات والتلميحات التي أطلقها بعض زعماء الصف الأول لإجراء انتخابات مبكرة، تتسابق القوى في رسم ملامح المرحلة النيابية الجديدة بما ينسجم مع طموحاتها.
وشكل انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية نقطة تحول بعد فوزه بغالبية المقاعد في الانتخابات المبكرة بالعراق التي جرت في عام 2021 وفشله في تشكيل حكومة الغالبية السياسية.
ومع العودة المرتقبة للتيار الصدري للمشهد السياسي العراقي تنتعش فرص عودة التحالف الثلاثي بين زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ورئيس حزب "تقدم" محمد الحلبوسي ورئيس الحزب الديمقراطي الكردي مسعود بارزاني، لا سيما بعد خلافات الحزبين الأخيرين مع القوى السياسية المشكلة للحكومة العراقية وعدم التزامهم بنود الورقة السياسية التي تشكلت على غرارها الحكومة الاتحادية.
وفي أحدث التلميحات لعودته، ظهرت عبارة "التيار الوطني الشيعي" لأول مرة في تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تضمنت قضية طرد القيادي عماد جليل الساعدي من مفاصل التيار.
وتترقب الأوساط السياسية والشعبية تعديل قانون الانتخابات النيابية الذي يشكل نقطة خلاف بين القوى السياسية قبيل الذهاب إلى حل البرلمان والتصويت المبكر لاختبار برلمان جديد.
عاصفة سياسية
في هذا الإطار، توقع النائب العراقي المستقل، حسين عرب، حصول عاصفة سياسية خلال المرحلة المقبلة، واصفاً إياها بمرحلة "السحل". وقال في تصريح متلفز، إن "الحلبوسي كان يعلم بعدم رغبة بعض الأطراف في المضي بحكومة الغالبية السياسية، بل إن أحد أطراف التحالف الثلاثي كان لا يرغب في استمرار التحالف نفسه وتشكيله حكومة جديدة".
وأضاف عرب "نحن مقبلون على حل البرلمان وسنشهد انتخابات مبكرة"، مبيناً أن "عاصفة بالعمل السياسي ستحدث بسبب تجاهل بعض الشركاء وهو ما سيؤدي إلى كسر ظهر العملية السياسية وتشظيها وإلى انسحابات كثيرة".
وتوقع النائب المستقل "حصول حالة من الانسداد ما سيدفع بعض القوى السياسية إلى الالتحاق بالصدر"، منوهاً بأن "خللاً كبيراً سيحدث بعد الانسحابات المتعددة التي سنشهدها أمام الواجهة الدولية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى السياسية الشيعية، أكد أن فكرة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة مطروحة، وفقاً للنائب عن الإطار مختار الموسوي.
وذكر أن "فكرة إجراء انتخابات برلمانية مبكرة مطروحة من بعض قوى الإطار التنسيقي، لكن هناك صعوبة في تحقيقها، فهي تتطلب توافقاً سياسياً، وكذلك تتطلب تحضيرات مبكرة من قبل المفوضية العراقية للانتخابات حتى تتمكن من إنجاح عملية الاقتراع، في حين أنها غير مستعدة لهذه المهمة".
الموسوي رأى أن "الهدف من طرح فكرة الانتخابات المبكرة من قبل بعض أطراف الإطار التنسيقي هو فتح الباب لعودة التيار الصدري للمشهد السياسي، بخاصة أن هناك اتصالات غير معلنة ما بين قادة صدريين ونظرائهم في الإطار التنسيقي، بينما تؤكد المعلومات وجود رغبة صدرية في المشاركة في الانتخابات المقبلة، ولعل تحركات الصدر الأخيرة تؤكد ذلك، بخاصة بعد عودة اجتماعات كتلته والتواصل مع القواعد الشعبية".
التحالف الثلاثي
ويشير المحلل السياسي العراقي سيف السعدي إلى أنه من الطبيعي أن يتجه بارزاني والحلبوسي إلى التحالف مجدداً مع الصدر في حال عودته إلى المشهد السياسي.
وقال السعدي "كانت هناك ورقة اتفاق مكونة من 40 مطلباً بعد تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني، غالبية هذه المطالب تخص المكون السني و10 مطالب تخص الجانب الكردي، لكن إلى غاية الآن لم يتم التزام تلك الورقة، وبذلك بات الطريق ممهداً أو الحجة ثابتة على أرض الواقع لدفع رئيسي حزب (تقدم) محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردي مسعود بارزاني للدخول في تحالف مع التيار الصدري بدلاً من الإطار التنسيقي".
حلة جديدة
من جهته كشف علي نجدية المقرب من حزب "تقدم" برئاسة رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي، أن التحالف الثلاثي (الصدر وبارزاني والحلبوسي) يمكن تجديده في تصور مختلف، مبيناً أنه لا يوجد أي تحرك رسمي بين الأطراف الثلاث (الديمقراطي) أو (تقدم) حتى (التيار الصدري) لكن جميع المؤشرات تتحدث عن عودة هذا التكتل من جديد في المستقبل القريب.
وذكر أن التحالف الثلاثي إذا أعيد تشكيله يجب أن تدخل فيه أطراف أخرى ضامنة لبقائه في حال انسحاب أحد أطرافه، خصوصاً بعد أن تسبب انسحاب التيار الصدري في المرة السابقة في إرباك التحالف وجرت محاولات انتقامية من طرفي التكتل المتبقيين أي "الديمقراطي الكردي" وحزب "تقدم" ومحاولة معاقبتهما على انضمامها إلى تحالف الصدر منذ البداية الذي كان يسعى إلى تكوين حكومة الغالبية.
حصار التيار الصدري
وفي السياق، قال المحلل السياسي العراقي علي أحمد، إن هناك تحسساً في علاقة "تقدم" والحزب الديمقراطي الكردي من قبل قوى الإطار التنسيقي، فالتجربة السابقة بينهما لم تشكل حالة انسجام داخل تحالف إدارة الدولة (المشكل للدولة العراقية)، مرجحاً عدم عودة التحالف بنفس القوى السابقة.
ومن ناحية أخرى، رأى أن قوى الإطار التنسيقي الحاكم حالياً نجحت في المرحلة الحالية وخلال وجودها في السلطة في صنع كثير لنفسها وتعزيز نفوذها ومكانتها الاجتماعية، خصوصاً بعد النجاحات التي حققتها حكومة محمد شياع السوداني ويجري التسويق لها على أساس أنها حكومة الإطار.
وأوضح أن هذا الأمر سيكون على حساب حضور التيار الصدري داخل المشهد ونتائج انتخابات مجالس المحافظات التي أثبتت هذا الأمر، مبيناً أنه في حال عودة التيار الصدري فإنه "سيجري تفصيل قانون للانتخابات يضعف حضور التيار الصدري، وهو ما سينعكس بدوره على التحالف الذي يعتمد بقوة على الوجود الصدري داخل المشهد".
جولة محادثات
ومن جانبه، قال المحلل السياسي العراقي، رافد العطواني، إن القوى الكردية والسنية وبالتحديد الحزب الديمقراطي و"تقدم" هما الأبعد من الإطار التنسيقي، مبيناً أن عودة التيار الصدري إلى العمل السياسي وتشكيل كتلة سياسية تنسجم مع المشتركات الكثيرة ما بين الأطراف الثلاثة.
وقال العطواني إن هناك أنباء تتحدث عن جولة محادثات لتشكيل رؤية في مشروع جديد في العمل السياسي ترتبط بدخول التيار الصدري في الانتخابات المقبلة.
وتساءل "هل يمكن إعادة تجربة (الصدر والحلبوسي وبارزاني) مرة أخرى، قبل أن يجيب بالإشارة إلى أن هناك مشروعاً جديداً سيقدم إنضاجه عبر الكتل السياسية في مقدمتهم بارزاني و"تقدم" باعتبارهما أقوى التكتلات الكردية والسنية في الشارع السياسي.
وتابع "إذا ما نضجت فكرة التيار الصدري فإنه يمكن إعادة التجربة لكن بأسلوب جديد وبرؤية مختلفة، لأن الصدر خاض تجربة واستفاد من دروسها ولا يمكنه المجازفة مرة أخرى ما لم تتكلل بالنجاح لأسباب منها قوى السلاح والمواد الدستورية".