Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الـ"بودكاست" في تونس ينافس الإعلام التقليدي ويكسب

تشهد وسائل الإعلام المقروءة والمرئية أزمات مالية حادة مع تصاعد المخاوف من التضييق على حرية التعبير

تلقى برامج البودكاست رواجاً وشعبية منقطعة النظير كونها تتوجه إلى قطاعات واسعة في تونس (اندبندنت عربية)

ملخص

تلقى برامج الـ"بودكاست" رواجاً وشعبية منقطعة النظير لأنها تتوجه إلى قطاعات واسعة في تونس

في وقت انزلقت مؤسسات الإعلام التقليدي في تونس نحو أزمة مالية ومخاوف أيضاً من التضييق على حرية التعبير، لجأ كثير من الصحافيين إلى الـ"بودكاست" كملاذ لهم.

وازدهرت عملية إنتاج برامج الـ"بودكاست" بصورة غير مسبوقة خلال الأشهر الأخيرة في تونس، حيث تلقى رواجاً وشعبية منقطعة النظير لأنها تتوجه إلى قطاعات واسعة من المواطنين.

يبلغ عدد مستخدمي الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي في تونس التي لا يتجاوز تعدادها السكاني الـ 12 مليون نسمة، نحو 7.50 مليون.

أكثر حرية أقل قيوداً

تقود نوال بيزيد، وهي إعلامية تونسية، تجربة فريدة في صناعة وإنتاج الـ"بودكاست" من خلال برنامج "اعترافات عميقة" الذي يجد صدى واسعاً له على مواقع التواصل.

وقالت بيزيد في تصريح إلى "اندبندنت عربية" إن "التجربة التونسية في إنتاج الـ’بودكاست‘ شأنها شأن عالم الديجيتال، هو عالم يتمتع بحرية أكثر وبقيود أقل من الإعلام التقليدي، حتى تقنياً، إذ يفرض الإعلام التقليدي قيوداً محددة تخص الإضاءة والكاميرا ذات جودة، وأي خلل تقني يمكن أن يتسبب بمشكلات، لكن هنا لا توجد هذه المشكلات، يكفي أن تكون لديك معدات جيدة، وحتى بغيابها يمكن أن تتم التغطية على ذلك بمحتوى جيد".

وتابعت أن "ما يُقال في الإعلام التقليدي أيضاً لا يقال في الـ’بودكاست‘، ففي البودكاست هناك حرية أكثر حتى على مستوى المفردات والتعبير، لكن في الوقت نفسه، لا يمكن أن ننفي قيمة الإعلام التقليدي الذي قدم لي شخصياً أشياء ساعدتني في النجاح في البودكاست".

ويواجه الإعلام التقليدي في تونس انتقادات واسعة في شأن أدائه، إذ تغيب البرامج بصورة كبيرة وتحضر عمليات التسوق عبر الشاشة والأعمال الدرامية القديمة التي تعاد وتكرر بصورة مستمرة، مما يعكس حجم الأزمة التي يمر بها الإعلام.

وقالت بيزيد إن "الجمهور التونسي لا يرى نفسه في المواد التي يقدمها الإعلام التقليدي سواء إذاعات أو قنوات تلفزيونية، فقام بهجرة إلى منصات التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن الجميع لديهم النفاذ إلى هذه المنصات".

واعتبرت أن "الأمر الخاطئ الذي يركز عليه الإعلام التقليدي في تونس بعيداً حتى من أزماته المالية، هو تركيزه على شريحة محددة من التونسيين وهم كبار السن، فتمثيلية الجمهور غائبة في التلفزيون في تونس وقضايا الشباب غائبة عن الشاشات والإذاعات".

ولفتت إلى أن "الشباب يُقبل بصورة كبيرة على البودكاست لأنهم لا يرون أنفسهم في الإعلام التقليدي. في البداية مثلاً كان عندي تخوف من إنتاج برامج ذات محتوى مطول لأن الجميع متعود على محتوى أقصر أو ما نطلق عليه الـ’ريلز‘، لكن في ما بعد استعملتها كآلية تواصل، فعلى سبيل المثال الحلقات المطولة أقوم بنشرها على منصات أخرى مثل ’يوتيوب‘ أو ’سبوتيفاي‘ ثم أنشر مقاطع مهمة ومشوقة على ’إنستغرام‘ وغيره حتى يقوم المشاهد والمستهلك بمتابعتها على بقية المنصات".

وهناك عدد من الوجوه البارزة التي تقدم برامج "بودكاست" في تونس، على غرار الصحافي الواثق بالله شاكير وحمزة البلومي الذي يُقدم برنامجاً تحت عنوان "إنجح في حياتك" وخلود المبروك التي تقدم برنامجاً تحت عنوان "ما بيناتنا" وغيرهم.

توجه لدعم الـ"بودكاست"

وعرفت تونس منذ انتفاضة الـ14 من يناير (كانون الثاني) 2011 التي أطاحت نظام الرئيس زين العابدين بن علي، انفتاحاً إعلامياً غير مسبوق وتم إنشاء عشرات القنوات الإذاعية والتلفزيونية.

لكن هذه القنوات لم تنجح في إقناع الأوساط الإعلامية والباحثين كما الشارع بجودة المضامين التي تُقدمها، ومع ذلك يرى باحثون أنه لا يمكن أن يحل الـ"بودكاست" محل الإعلام الكلاسيكي في البلاد.

وقال الأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم الإخبار والباحث في علوم الإعلام والاتصال خليل الجلاصي، إن "الـ’بودكاست‘ تقنية لبث المضامين الصوتية على الإنترنت، وتحولت اليوم إلى جسم صحافي مستقل بذاته لديه جمهوره وإمكاناته وتقنياته واستراتيجياته، وصحيح أنه بصدد تحقيق نجاح كبير على المستوى الجماهيري في تونس، مما يُفسر مغادرة صحافيين الإعلام الكلاسيكي والتوجه لإحداث مؤسسات إعلامية تهتم بإنتاج برامج بودكاست".

وأردف الجلاصي في تصريح خاص، "يمكن القول أيضاً إن الصحافة التي كانت دائماً ملتصقة بالتكنولوجيا منذ بداية الطباعة، بصدد تجديد نفسها من خلال بودكاست الذي يقدم مضامين متنوعة، ولديه قدرة على جذب الناس سواء وهم في سياراتهم أو في أي مكان آخر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشدد على أن "هناك سبباً آخر محورياً يقود إلى تنامي لجوء الصحافيين إلى بودكاست، وهو التمويل الجمعياتي، إذ تقوم المنظمات والجمعيات الأجنبية بدعم الإعلام في تونس، وهي اليوم لها توجه إلى تمويل ودعم البودكاست لتجديد الصورة الصحافية، لذلك رأينا دورات تكوينية عدة ركزت على دعم البودكاست، وقامت في فترات سابقة بدعم صحافة القرب ومكافحة الأخبار الزائفة وغير ذلك".

واستنتج الجلاصي أن "بودكاست يمكن أن يكون مكملاً للنظام الإعلامي لأنه يطرح قضايا ربما لا تُطرح في الإعلام الكلاسيكي، لكن لا يمكن القول إنه سيشكل بديلاً عن الإعلام التقليدي".

المزيد من منوعات