Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد ستة أشهر على حرب غزة... ماذا يحدث؟

الوضع الإنساني كارثي ومفاوضات وقف إطلاق النار عالقة

الدمار في محيط مستشفى الشفاء في غزة (أ ف ب)

ملخص

تخطط إسرائيل لاجتياح رفح في خطوة تعارضها واشنطن ويتوقع أن تسبب المزيد من المآسي في القطاع المحاصر

بعد مرور نحو ستة أشهر على اقتحام مسلحي "حماس" جنوب إسرائيل، أدت العملية البرية التي تشنها إسرائيل للقضاء على الحركة إلى تدمير جزء كبير من قطاع غزة ووقوع كارثة إنسانية.

ويحاول الوسطاء التوصل إلى أول هدنة طويلة في الحرب لتسريع تقديم المساعدات لإطعام سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة وتأمين إطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين الذين لا تزال "حماس" تحتجزهم.

وفي ما يلي نظرة على القضايا التي أثارتها الحرب وآفاق السلام.

كيف بدأت الحرب؟

في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، عبر مئات المسلحين السياج الحدودي الذي اعتقدت إسرائيل بأنه منيع، واقتحموا التجمعات السكانية وأطلقوا النار على إسرائيليين في المنازل والسيارات وفي مهرجان موسيقي. 

وتقول إسرائيل إن 1200 شخص قتلوا في اليوم الأكثر دموية بالنسبة إلى اليهود منذ المحرقة، واقتاد المهاجمون 253 رهينة، منهم عائلات بأكملها مع أطفال صغار إلى غزة. 

وعلى رغم تعرض قواعد عسكرية للهجوم، كان معظم القتلى من المدنيين، وأقسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الثأر.

 

ماذا يحدث في غزة؟

بدأت العملية العسكرية الإسرائيلية في النصف الشمالي من قطاع غزة، وصدرت الأوامر لمئات الآلاف من سكان القطاع بالإخلاء والتوجه نحو الجنوب، وبعد وقف إطلاق النار لمدة أسبوع في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، حولت القوات الإسرائيلية انتباهها نحو الجنوب وأمرت الناس مرة أخرى بالفرار.

ومنذ فبراير (شباط) الماضي، توغلت القوات الإسرائيلية في كل أنحاء غزة تقريباً، باستثناء منطقة صغيرة في وسط القطاع ومدينة رفح على الطرف الجنوبي، حيث نزح أكثر من نصف سكان غزة.

وتقول السلطات الصحية في غزة إنه تم التأكد من مقتل أكثر من 33 ألف فلسطيني، قرابة 40 في المئة منهم من الأطفال، وإن آلاف الجثث لا تزال تحت الأنقاض. وجرح أكثر من 75 ألف شخص، مما يعني أن نحو خمسة في المئة من السكان قتلوا أو جرحوا، من دون احتساب الوفيات الناجمة عن الجوع والظروف غير الصحية وانهيار خدمات الرعاية الصحية.

وتعلن إسرائيل أنها قتلت أكثر من 13 ألفاً من عناصر "حماس"، وتحمل المسلحين مسؤولية إلحاق الأذى بالمدنيين بسبب الاندساس بينهم، بما في ذلك من خلال شبكة من المخابئ والأنفاق تحت الأرض، لكن "حماس" تنفي انتشار عناصرها وسط المدنيين.

 

هل المساعدات تصل إلى غزة؟

في بداية الحرب، فرضت إسرائيل حصاراً شاملاً، وسمحت تدريجاً بدخول المساعدات، أولاً من خلال معبر مع مصر مخصص للأفراد، ثم عبر نقطة تفتيش قريبة من إسرائيل نفسها.

وتؤكد إسرائيل أنها لا تفرض أي قيود على الإمدادات الغذائية والإنسانية، لكن وكالات الإغاثة والدول المانحة تقول إن عمليات التفتيش الإسرائيلية المرهقة تعني إمكان تعليق الشحنات لأسابيع، ولا يمكن عبور سوى عدد صغير من بين 500 شاحنة يومياً كانت غزة تعتمد عليها في السابق، ويصعب توزيع أو نقل الإمدادات التي تدخل إلى القطاع بسبب الانفلات الأمني مع تفكك السلطات المدنية.

وتوضح إسرائيل أنها تسمح الآن باستخدام نقاط تفتيش برية إضافية وبإسقاط المساعدات جواً وتسليمها بحراً، لكن لا يوجد في غزة ميناء بحري ملائم، وتقول وكالات الإغاثة إن عمليات الإسقاط الجوي محدودة النطاق وخطرة. ولا يوجد حتى الآن طريق بري إلى شمال غزة حيث الظروف أكثر سوءاً.

 

 

هل تعاني غزة المجاعة؟

تقريباً، فللمجاعة ثلاث مراحل، نقص حاد في الغذاء مما يؤدي إلى تفشي سوء التغذية، وفي النهاية الموت الجماعي بسبب الجوع والمرض. ووفقاً للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو أداة لمراقبة الجوع في العالم، تجاوزت غزة بالفعل المعيارين الأولين، نقص الغذاء وسوء التغذية، وأصبح الموت الجماعي "وشيكاً" ما لم تزد المساعدات بصورة فورية، ويتوقع أن تتفشى المجاعة بحلول مايو (أيار) المقبل.

وذكر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي منذ أشهر أن غزة تعاني أكبر حالة لانعدام الأمن الغذائي تشهدها على الإطلاق. وفي تقريره الصادر في مارس (آذار) الماضي، أشار التصنيف إلى أن 100 في المئة من سكان غزة يعانون نقصاً حاداً في الغذاء، وبالنسبة إلى نصف السكان، مما يتجاوز بكثير نسبة 20 في المئة المرتبطة بالمجاعة، وصل نقص الغذاء إلى أعلى مستوى، أي الفئة الخامسة أو "الكارثة".

وفي جنوب القطاع، حيث يعمل صحافيو "رويترز"، لجأ بعض السكان إلى إطعام أطفالهم أوراق الشجر بعد غليها. وشاهدت الوكالة عدداً من الأطفال يعالجون من سوء التغذية الحاد في مستشفى برفح، في حين أفادت التقارير بأن الظروف أسوأ بكثير في الشمال.

وتقول إسرائيل إن منهجية تقرير التصنيف المرحلي المتكامل معيبة، وتدعي أنه لا يوجد نقص في الغذاء في غزة، وتلقي تل أبيب باللوم في أي جوع على عمليات وكالات الإغاثة وعلى المسلحين الذين تزعم أنهم يخزنون الطعام.

وإضافة إلى الجوع، تشعر وكالات الإغاثة بالقلق إزاء نقص الرعاية الصحية والصرف الصحي، فلم تعُد هناك مستشفيات تعمل بكامل طاقتها في الشمال، ولا يوجد سوى عدد قليل منها يعمل في الجنوب. وداهمت إسرائيل المستشفيات وحاصرتها مراراً، قائلة إن مسلحي "حماس" يستخدمونها كقواعد، مما تنفيه الطواقم الطبية.

ويؤدي الاكتظاظ إلى انتشار الأمراض ويجد كثير من الأشخاص صعوبة بالغة في العثور على مراحيض نظيفة أو أماكن للاستحمام بصورة دائمة أو لا يمكنهم الوصول إليها على الإطلاق.

 

هل تُقدم إسرائيل على اجتياح رفح؟

ومع تكدس نحو نصف سكان القطاع في رفح حالياً، يقول بعضهم إنه لم يعُد هناك مكان للفرار إليه، وتعلن إسرائيل أن وحدات "حماس" المسلحة الرئيسة وقادتها يحتمون في المدينة وأن الاجتياح البري ضروري لهزيمتهم، ووعدت بالتنسيق مع مصر وإجلاء المدنيين شمالاً داخل غزة، من دون تقديم أي تفاصيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصفت واشنطن الهجوم المزمع بأنه خطأ، قائلة إن إسرائيل يمكنها استهداف المسلحين بأساليب من شأنها أن تلحق أذى أقل بالمدنيين.

وذكرت الأمم المتحدة أن الهجوم على رفح سيتسبب في كارثة إنسانية، ويقول فلسطينيون إنهم يخشون أن يكون هدف إسرائيل النهائي هو تهجيرهم من غزة إلى مصر، مما تنفيه تل أبيب.

إلى أين وصلت مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن؟

منذ وقف إطلاق النار الوحيد في الحرب في نهاية نوفمبر، عندما أطلقت "حماس" سراح نحو نصف الرهائن لديها، أجرى الجانبان محادثات بوساطة قطرية – مصرية للتوصل إلى هدنة أخرى.

واقترح الجانبان وقفاً جديداً لإطلاق النار لمدة 40 يوماً تقريباً، يشمل إطلاق سراح نحو 40 رهينة مقابل مئات المعتقلين الفلسطينيين، ورفض كل طرف مقترحات الطرف الآخر، لكن الوسطاء يقولون إن المحادثات ما زالت بناءة.

وذكرت إسرائيل أنها ستناقش فقط وقفاً موقتاً للقتال ولن تنهي الحرب حتى القضاء على "حماس"، لكن هذه الأخيرة تقول إنها لن تطلق سراح الرهائن من دون التوصل إلى اتفاق يُنهي الحرب ويمهد لانسحاب إسرائيل.

 

ماذا عن جبهات القتال الأخرى؟

أوقدت الحرب شرارة أعمال عنف في بؤر توتر متفرقة في الشرق الأوسط دخلت فيها جماعات مسلحة متحالفة مع إيران.

وتبادلت إسرائيل على حدودها الشمالية إطلاق النار مع "حزب الله"، وهو جماعة مدججة بالسلاح مدعومة من إيران، مما أدى إلى إجلاء عشرات الآلاف من سكان القرى الحدودية على الجانبين.

وفي الضفة الغربية، حيث تمارس السلطة الفلسطينية المدعومة دولياً حكماً ذاتياً محدوداً في ظل احتلال عسكري إسرائيلي، قُتل مئات الأشخاص في أسوأ أعمال عنف منذ عقود.

وفي سوريا، استهدفت إسرائيل مراراً قواعد يشتبه في أنها تضم مستشارين عسكريين إيرانيين بغارات جوية.

وفي العراق، قصفت الولايات المتحدة فصائل مسلحة مدعومة من إيران بعد هجمات استهدفت قواعد أميركية، وهدأت تلك الهجمات منذ ذلك الحين.

أما في اليمن، فنفذت ميليشيات الحوثيين المتحالفة مع إيران وتسيطر على العاصمة صنعاء، اعتداءات ضد سفن الشحن في البحر الأحمر. وردت بريطانيا والولايات المتحدة بعمليات جوية على مراكز الميليشيات.

كيف تأثرت علاقة إسرائيل بواشنطن؟

مع استمرار الحرب، شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل مشاحنات متزايدة لم يعهدها تحالفهما الوثيق الممتد منذ 75 عاماً إلا قليلاً.

وأيد الرئيس الأميركي جو بايدن بقوة حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد "حماس" في أعقاب هجوم السابع من أكتوبر، لكنه حث الإسرائيليين أيضاً في خطاب ألقاه في تل أبيب على عدم الانسياق للغضب. ومنذ ذلك الحين، كثف بايدن ومسؤولون آخرون في الإدارة الأميركية دعواتهم لإسرائيل إلى بذل مزيد من الجهد لحماية المدنيين والسماح بدخول المساعدات.

وتقول واشنطن إن هدفها هو التوصل إلى اتفاق سلام أوسع نطاقاً لإبرام اتفاقات سلام بين الدول العربية وإسرائيل، مما قد يتطلب آفاقاً لقيام دولة فلسطينية في نهاية المطاف، وهو محور أساسي في السياسة الأميركية منذ عقود، إلا أن نتنياهو يرفض ذلك.

وأثارت خطة إسرائيل لمهاجمة رفح انتقادات أقوى من واشنطن. وفي مارس، دعا زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركيتشاك شومر، الإسرائيليين إلى إجراء انتخابات جديدة تنهي حكم نتنياهو. 

وامتنعت واشنطن في وقت لاحق عن استخدام حق النقض (الفيتو) لوقف قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يطالب بوقف إطلاق النار، ليردّ نتنياهو بإلغاء رحلة مقررة لوفد إسرائيلي إلى واشنطن.

على رغم ذلك، تواصل الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بالأسلحة والذخائر.

المزيد من متابعات