Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إفطار نازحي غزة... الأيادي تتهافت على طبق بلا كسرة خبز

في شمال القطاع يأكلون أوراق النباتات العشوائية وفي الجنوب علبة واحدة من طعام المساعدات تأكل منها عائلة كاملة

ملخص

علبة الجبن ثمنها 5 دولارات و20 رغيفاً بـ7 دولارات بينما كلفة إفطار المقالي لعائلة أسمهان المكونة من ثلاثة أفراد فتبلغ نحو 30 دولاراً.

ما إن سمعت عائلة تالا صوت أذان المغرب، حتى تهافتت أيدي جميع أفراد الأسرة على طبق واحد فيه قليل من الجبن من نوع "فيتا"، وأخذوا يفطرون بعد صيام طويل من صنف الطعام نفسه الذي لا يوجد غيره على مائدة رمضان في قطاع غزة.

ضوابط للإفطار

وفق ضوابط صارمة تفطر تالا على علبة الـ"فيتا" برفقة عائلتها المكونة من أربعة أفراد، إذ تشترط على طفليها تناول قليل من كمية الجبن في اللقمة الواحدة، أما ابنتها الكبيرة فتطلب منها أن تجعل لقمة الخبز كبيرة لتشبع بسرعة، وفي ما يتعلق بزوجها فإنه يتناول لقمة مغمسة بالجبن والأخرى "حاف" من دون أي شيء.

مضطرة تالا وعائلتها إلى التزام هذه الضوابط، فلا توجد أصناف كثيرة من الطعام في الأسواق، على رغم أنها نزحت إلى جنوب غزة حيث المناطق التي تتدفق فيها المساعدات الإنسانية، وتقول الأم "ذهبت إلى السوق لأشتري طعاماً لإفطار رمضان لكن وجدت أن كل المعروض للبيع عبارة عن معلبات فقط".

 

 

وتضيف أن "حتى المعلبات سعرها يكوي الجيب، فعلبة فيتا التي أفطرنا عليها ثمنها خمس دولارات، و20 رغيفاً بسعر سبع دولارات، وهذه الأسعار تجعلنا نكتفي بصنف واحد من الطعام على مائدتي الإفطار والسحور".

السحور زعتر

إلى جانب الـ"فيتا" أعدت تالا إبريقاً من شاي، لكنها لم تضف إليه أي ملعقة سكر، وضحكت عندما خاطبت أفراد عائلتها قائلة "تخيلوا كؤوس الشاي وقد أضيف إليها السكر، أو الأفضل اعتبروه مشروب الخروب الذي حرمنا من تناوله هذا العام".

أما السحور عند عائلة تالا، فهو مسحوق الزعتر وقليل من زيت الزيتون، مع خبز محمص وكأس شاي من دون سكر، ولا يتغير هذا الطعام في الأيام اللاحقة بل دائماً ما تتناول الأسرة الوجبة نفسها.

في الواقع، تغير رمضان هذا العام على سكان غزة كثيراً بسبب الحرب وإغلاق المعابر وتوقف عمل القطاع التجاري، ونتيجة لذلك بات الناس يتدبرون موائدهم من المساعدات الإنسانية التي يعتمدون عليها بالأساس على رغم أنها عبارة عن معلبات فقط.

واختفت موائد رمضان الجميلة التي يتجهز لها سكان غزة قبل حلول شهر الصوم بأيام طويلة، وتحولت إلى موائد فقيرة تشبه حال الناس وجائعة مثل بطونهم، إذ يعرض عليها صنف طعام أو صنفان ولا تشبع منها معدات العائلات.

المقالي تكلف 30 دولاراً

على أنقاض منزلها الذي دمرته الطائرات الإسرائيلية المقاتلة كانت أسمهان تجلس على حجر صغير خلف موقد نار يعمل بأخشاب الحطب، وتضع مقلاة صغيرة فيها كمية بسيطة من الزيت النباتي لتقلي البطاطا والبندورة والباذنجان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول أسمهان "جميعنا نتمنى أن نفطر على وجبة دسمة، لكن لا توجد لحوم أو دجاج في غزة، وجميع ما في السوق عبارة عن معلبات وخضراوات وتمور، وهذا لا يوفر تنوعاً غذائياً، خصوصاً للصغار".

وتنشغل أسمهان في إخراج شرائح البطاطا من زيت القلي، وتصف الصحون على مائدة أمام حجارة بيتها، وتضيف أن "العالم في رمضان تأكل القطايف ونحن نأكل القذائف، في غزة الناس خائفون جوعى يعانون الموت والدمار وويلات الحرب".

الإفطار على المقالي بالنسبة إلى أسمهان يعد تناول وجبة دسمة ومكلفة جداً، فتتابع أن "اليوم تمردنا على المعلبات وأعددنا مائدة من المقالي، نجحنا في تغيير روتين الطعام اليومي الذي اعتمدناه منذ أشهر".

 

 

لكن كلفة إفطار المقالي لعائلة أسمهان الصغيرة المكونة من ثلاثة أفراد بلغت نحو 30 دولاراً، وتوضح الأم أن زيت القلي ثمنه مرتفع جداً في الأسواق، والخضراوات اشترتها بأسعار عالية، وكلفتها هذه المائدة أكثر مما كانت تكلفها مائدة طويلة من موائد رمضان العام الماضي.

مقلوبة كذابة

بعدما انتهت نهى من الإفطار، أخذت تتصفح هاتفها المحمول، وتعرض لزوجها موائد رمضان الجميلة التي جهزتها العام الماضي، وتقول "في غزة هذا العام الناس تأكل الشوربة كوجبة طعام، وتفطر دوماً على معلبات الفول ولانشون والبازيلاء والحمص".

زارت نهى اليوم السوق منذ الصباح لتبحث عن أي لحوم أو دجاج يمكن إعدادها وجبة إفطار، لكنها عادت وهي تطأطئ رأسها خجلاً، وتضيف أنه "لم أجد شيئاً لكن قررت تناول إفطار دسم، وطبخت المقلوبة الكذابة".

أعدت نهى الرز مع الباذنجان والبصل والبطاطا والطماطم، من دون مرق ولا لحم، وتشير إلى أن هذه الوجبة استثنائية لكن في الأيام اللاحقة ستعود للعدس والتونة المعلبة والمعكرونة.

وبالنسبة إلى سحور نهى، فإنه تقليدي جداً وعبارة عن ساندويش من الزعتر وكأس حليب، وتعتبر نفسها محظوظة جداً لأنها تتناول الحليب فيما ينعدم توافره في قطاع غزة.

الشمال بلا سحور

في شمال غزة وجبة السحور حُذفت من شهر رمضان لعدم توافر الخبز هناك، أما الإفطار فيبدو مختلفاً كلياً عن الجنوب، ويشرح يحيى أن "مائدة كسر الصوم عبارة عن أعشاب الخبيزة وهي نبات أخضر ينمو في الأرض بعد سقوط المطر أو عشبة الرجلة وهي تشبه السبانخ نوعاً ما، أما السحور فهذا شيء نسيه الناس".

 

 

ويضيف أن "شمال غزة يفتقر إلة أبسط مقومات الغذاء والخضراوات، أما المعلبات التي يحصل عليها المواطنون في جنوب القطاع لا تتوافر ولا نحصل عليها بسبب منع تدفق المساعدات إلى منطقتنا".

وبطريقة ساخرة يقول عمار "الإفطار اليوم عبارة عن دجاج، نعم دجاج بطريقتنا الجائعة، علبة الفطر سنضعها في المقلاة ونقليها طويلاً وكأنها صدر دجاج، ثم نأكلها بالشوكة".

ويؤكد أنه لا يتناول السحور لعدم توافر الخبز لديه، وعن تنوع وجبات الإفطار يضيف "نعم ننوع غذاءنا، لقد وضعنا قليلاً من الطحينية في صحن وخلطناها مع سكر الغلوكوز وقليل من السكر العادي حتى أصبحت تشبه العسل الأسود وأكلناها".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير