ملخص
يظل التحدي الأكبر متمثلاً في بناء التوافقات بين السوريين في كل المناطق، بغض النظر عن الخلافات السياسية، فالانقسامات السياسية والصراعات الداخلية أثرت سلباً في قدرة المجتمع المدني السوري على تحقيق التوافق والتعاون.
بمرور 13 عاماً على انطلاق الثورة في سوريا، تظهر الحاجة الملحة إلى بناء مجتمع قائم على أسس اقتصادية قوية كمدخل لمواجهة التحديات الجمة في البلاد، وخلال هذه الفترة عمل كثير ضمن المجتمع المدني والأهلي والإغاثي الناشئ، وعمل هذا المجتمع الناشئ جاهداً على تعزيز الرؤية التي تجمع بين الاستقرار الاقتصادي والإدارة الرشيدة كمدخل لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية بشتى أبعادها ومفاهيمها، بهدف تحسين مستوى المعيشة وتمكين المجتمع السوري من التعامل بفعالية مع التحديات السياسية المستمرة وتحقيق التوافق بين جميع الأطراف المعنية.
إن بناء المجتمع على أسس اقتصادية قوية يمثل الركيزة الأساس لضمان استمرارية السلام والاستقرار في سوريا، من خلال توفير فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي، إذ يمكن للمجتمع السوري تحقيق تحسين مستوى المعيشة وتعزيز قدرته على التكيف مع التحديات المستقبلية.
وفي ذكرى الثورة السورية التي دخلت الآن عامها الـ13 فإن العمل على بناء القدرات الإدارية والاقتصادية للمجتمع السوري يأتي بأهمية خاصة، إذ يمكن للتنمية الاقتصادية أن تسهم في تحقيق الأهداف السياسية المرتبطة بالحرية والعدالة والديمقراطية التي دافع عنها الثوار منذ البداية، كما أن تأمين حياة كريمة وفرص العمل للشباب وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين جزء لا يتجزأ من بناء مستقبل مستقر لسوريا.
إن الاقتصاد القوي يسهم في تحقيق التوازن الاجتماعي، وبالتالي يقلل من التوترات السياسية والاجتماعية، وعندما تكون هناك فرص عمل متاحة وتوجد خدمات اقتصادية واجتماعية قوية فإن الناس يميلون إلى التفكير بصورة أكبر في بناء المستقبل، والمشاركة في العملية السياسية بإيجابية، وهذا لا يشمل السوري المقيم في شمال سوريا وحسب، بل ويغطي كل الأرض السورية.
والتنمية الاقتصادية المستدامة تعطي المجتمع والقيادة السياسية المفاوضة القدرة على التعامل مع التحديات السياسية بطريقة أفضل، وعندما تكون لديهما الموارد الاقتصادية والتمويل اللازم فيمكن للمجتمع السوري أن يستجيب بصورة أفضل للتحديات، ويعمل على إيجاد حلول مناسبة لها مع مراعاة مشاريع التنمية وتمكين المجتمع في جميع المناطق، والأخذ بعين الاعتبار مستقبل البلاد.
وهذا المثال الحي مأخوذ من تجارب الدول النهضوية في جميع أنحاء العالم، إذ إن الاقتصادات القوية تعزز قدرة المجتمع على بناء مؤسسات سياسية قوية وفعالة، ويمكن للتنمية الاقتصادية القوية أن تسهم في تعزيز الديمقراطية وحكم القانون وتشجيع مشاركة المواطنين في صنع القرار السياسي، والمشاركة السياسية الفعالة والدفع باتجاه التغيير الحقيقي، وما تحتاجة سوريا اليوم هو نموذج اقتصادي ناجح كبداية لفتح هذا الباب المغلق منذ أعوام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويجب أن يكون بناء المجتمع على أساس اقتصادي قوي مبني على إدارة رشيدة جزءاً أساساً من أية إستراتيجية لتحقيق السلام والاستقرار في سوريا، من خلال تعزيز التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى المعيشة، ويمكن أن يبنى الأساس اللازم لتحقيق حل سياسي دائم ومستدام في جميع أنحاء سوريا.
وبعد مرور 13 عاماً على انطلاقة "ثورة الكرامة" في سوريا يظل التحدي الأكبر متمثلاً في بناء التوافقات بين السوريين في كل المناطق، بغض النظر عن الخلافات السياسية، فالانقسامات السياسية والصراعات الداخلية أثرت سلباً في قدرة المجتمع المدني السوري على تحقيق التوافق والتعاون.
وعلى رغم وجود خلافات عميقة بين مكونات الشعب السوري إلا أن هناك نقطة توافق واضحة، وهي الرغبة في تحسين المستوى المعيشي وتوفير الخدمات الأساس للمواطنين، ويمكن أن تكون هذه النقطة الأرضية المشتركة التي يمكن للأطراف المختلفة البناء عليها للتوصل إلى حلول سلمية ومستدامة للأزمة السورية.
وفضلاً عن ذلك يمكن أن يلعب تحسين الوضع المعيشي دوراً مهماً في إعادة بناء الثقة بين أفراد المجتمع السوري والسلطات المحلية والدولية، ومن خلال توفير فرص العمل والتعليم والرعاية الصحية يمكن أن يشعر السوريون بأن هناك أملاً في مستقبل أفضل، مما يمكن أن يسهم في تحقيق التسامح والتعايش وبناء مجتمع موحد ومستقر في سوريا.
إن مسيرة الثورة السورية التي بدأت عام 2011 لا تزال مستمرة وتحمل في طياتها إرادة الشعب السوري لتحقيق أهدافه وتحقيق الحرية والعدالة والكرامة التي يستحقها، وقد تتغير الوسائل وتتعدد الوجوه السياسية خلال هذه المسيرة، وقد تتعرض إلى انتكاسات وتحولات سياسية، لكن لا شك في أن انتصار الشعب وقدرته على البناء والاستمرار سيأتيان في النهاية.
وللوصول إلى الحرية والعدالة والكرامة التي تمثل عناوين الثورة ومبادئها الأصيلة يجب علينا تجاوز العقبات التي تقف في وجه تحقيق تلك الأهداف، وينبغي لنا أن نعيد تنظيم أنفسنا ونرفع الوعي المجتمعي بخطورة المرحلة الحالية والمقبلة، مع أهمية العمل المشترك بصورة منظمة وعملية للإسهام في تحويل المناطق التي عانت طوال أعوام إلى مناطق يحلم بها جميع السوريين.
ومن الضروري أيضاً نبذ الخلافات الآنية ووضع حد لكل ما يشوه مستقبل سوريا، بما في ذلك الانقسامات السياسية والصراعات الداخلية، كما يجب التركيز على ما يجمع الشعب والعمل بروح الوحدة والتضامن لتحقيق الأهداف الوطنية المشتركة.
الرئيس التنفيذي للمنتدى السوري