Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا قتل العثمانيون جد بيلا حديد؟

أوكلوا إلى أحمد باشا مهمة القضاء على تمرد ظاهر العمر

 لوحة للقيصر أحمد باشا (اندبندنت تركية)

ملخص

بيلا حديد هي حفيدة أحد زعماء فلسطين المهمين، وهو ظاهر بن عمر الزيداني، المعروف باسم ظاهر العمر، وعائلة العمر ليست فلسطينية الأصل كما يشاع، بل تعود أصولهم إلى المدينة المنورة

تعد عارضة الأزياء الأميركية بيلا حديد من المشاهير الأجانب القلائل الذين يعبرون صراحة عن موقفهم تجاه القضية الفلسطينية، وهي إحدى المشاهير التي تتحدث دائماً عن الانتهاكات الإسرائيلية في فلسطين، وبالطبع يثني كثر على بيلا حديد ومواقفها من هذه القضية، كونها تنحدر من عائلة قبلية مهمة وقوية، وشغلت هذه العائلة على مر التاريخ مناصب مهمة في سوريا ولبنان وفلسطين.

بيلا حديد هي حفيدة أحد زعماء فلسطين المهمين، وهو ظاهر بن عمر الزيداني، المعروف باسم ظاهر العمر، الذي كان زعيماً قوياً سيطر على طرق التجارة بين دمشق ونابلس، وبحلول عام 1750 كان ظاهر العمر قد تولى كامل السيطرة على عكا.

وبعد سيطرته على المنطقة وفرض سلطته، بدأ ظاهر العمر بمشاريع تنمية قوية في المنطقة وقدم مساهمات كبيرة في إنتاج القطن، لكنه فضل العمل مع الشيعة بدلاً من العثمانيين، وهو مما أزعج حكومة إسطنبول بصورة كبيرة، إلا أن القشة التي قصمت ظهر البعير كانت هي أن قراصنة مالطا حصلوا على الخدمات اللوجيستية من ميناء عكا الواقع تحت سيطرة ظاهر العمر، وهكذا ازداد الغضب العثماني من العمر، فمن ناحية كان يعمل مع القوى الشيعية في المنطقة، ومن ناحية أخرى، كان يعرض أمن البحر الأبيض المتوسط للخطر بسبب تقديمه بعض الخدمات اللوجيستية للقراصنة، لكن ظاهر العمر لم يبال بالغضب العثماني وراح يواصل سياسته التوسعية في فلسطين ولبنان.

والي الدولة العثمانية على دمشق عثمان باشا أرسل رسالة إلى ظاهر العمر، يأمره فيها بالطاعة للسلطان وإرسال الجزية السنوية، وهنا تجدر الإشارة إلى أن العمر لم يكن عدواً مباشراً للعثمانيين، إذ كان عدد من أفراد عائلته يعملون في مناصب رفيعة المستوى بإسطنبول، ولم يطلب منه العثمانيون التخلي عن منصبه أو سلطته في فلسطين ولبنان، بل كانوا يريدون منه أن يدفع الجزية السنوية، ويثبت الولاء ولا يتعاون مع أعداء الدولة العثمانية، لكن الأمور لم تسر على ما يرام.

وبينما كانت الوفود تتفاوض، ويحاول والي دمشق التوصل إلى اتفاق مع العمر، اشتبكت قوات عثمان باشا مع قوات ظاهر العمر، وهذا الاشتباك الثانوي أدى إلى تعطيل كل شيء، ليصبح العمر بصورة رسمية "متمرداً"، وكان التمرد من أصعب الجرائم التي يمكن التسامح معها في زمن الإمبراطورية العثمانية.

العمر كان ذكياً، فأمن نفسه، وطلب الدعم من البحرية الروسية ومن الإدارة المصرية ضد القوات العثمانية القادمة، وأرسل العثمانيون كلاً من والي دمشق عثمان باشا، وقائد قوات القدس في الجيش العثماني والقيصر أحمد باشا، في حملة كبيرة تهدف للقضاء على تمرد ظاهر العمر.

وقبل أن نتابع سرد قصة ظاهر العمر، ينبغي أن نتوقف قليلاً عند القيصر أحمد باشا، فهو القائد الذي وقف أمام القائد الفرنسي نابليون بونابرت في فلسطين، وقاد بونابرت حملة كبرى تساقط فيها عديد من المناطق التي كانت تحت السيطرة العثمانية، وعند وصوله إلى فلسطين وضع نابليون عكا نصب عينيه، وقرر شن حملة على هذه المدينة والسيطرة عليها.

قلعة عكا

في ذلك الوقت، كان معسكر أحمد باشا في عكا، ونابليون الذي كان فخوراً بإنجازاته قرر أن يسيطر على قلعة عكا في 24 ساعة ويتابع غزوه، فلم يكن يعتقد أن بإمكان معسكر أحمد باشا مواجهته وذلك لكبر سنه.

أمر نابليون جيشه ببدء الهجوم في الـ19 من مارس (آذار) 1799، في البداية، تعرضت القلعة للقصف بالمدافع، وبعد ذلك، تم الهجوم الأول من خلال الشقوق المفتوحة في جدران القلعة، لكن النتيجة النهائية كانت خيبة أمل كبيرة للجيش الفرنسي.

في بداية الهجوم ارتكب الفرنسيون بالجنود العثمانيين ما يمكن أن يكون "مجزرة تركية" بكل معنى الكلمة، وعلى رغم ذلك، استطاع جنود القيصر الثبات وامتصاص الصدمة، قبل أن يتمكنوا من القضاء على كامل الوحدة الفرنسية التي شنت الهجوم الأول على قلعة عكا.

أرسل نابليون جنوده للهجوم مرة أخرى في اليوم التالي للهجوم الأول، لكنه أيضاً فشل في الحصول على النتائج التي كان يريدها، لذلك غير خطته للسيطرة على القلعة، فكانت الخطة الجديدة بأن يقصف جدران القلعة حتى يحدث فجوات كبيرة يمكنها أن تسمح بدخول جيش كبير للاقتحام، وبالفعل استمر القصف المدفعي على القلعة لفترة طويلة قبل أن يبدأ جيش نابليون هجومه الجديد.

وخلال هذه الفترة كان القيصر يعد خططاً لمواجهة نابليون داخل القلعة، وبالفعل تمكن من نصب كمائن وتجهيز جيشه بصورة جيدة لمقاومة الهجوم الفرنسي، وتمكنت قواته من إلحاق هزيمة كبيرة بنابليون بونابرت أجبرته على التراجع.

 

ظاهر العمر يهزم القيصر أحمد باشا بمساعدة روسية

وبعد أن أوكل العثمانيون لأحمد باشا مهمة القضاء على تمرد ظاهر العمر، لجأ الأخير لطلب الدعم من الروس الذين لبوه على الفور، وأرسلوا، للمرة الأولى في تاريخ روسيا، قوة عسكرية إلى قلب الشرق الأوسط وسيطرت على بيروت.

وإحدى النقاط التي أضعفت القيصر أمام العمر، هي أن أحمد باشا كان يقاتل على جبهتين، الأولى أمام الروس، والأخرى أمام الدروز.

لكن ما لم يكن في حسبان العمر، هو اتفاق بين العثمانيين والروس، عقد في عام 1774، وبذلك تخلى الروس عن دعمهم لظاهر العمر، الذي طلب العفو من العثمانيين، وبالفعل استجاب السلطان عبدالحميد الأول لطلبه، رغبة في توقف القتال ومنع مزيد من الخسائر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعلى رغم أن حكومة إسطنبول أصدرت عفواً رسمياً عن العمر بعد كل الذي حصل، فإنه لم يعترف لاحقاً بما فعل، وأرسل رسالة إلى شيخ الإسلام، قال له فيها إنه لم يخن الإمبراطورية العثمانية، وحربه لم تكن ضد العثمانيين، وإنما كانت حربه ضد والي دمشق عثمان باشا، الذي اتهمه بأنه هو من تسبب في كل هذه المشكلات، وهو الذي وتر علاقته مع إسطنبول.

هدأت الأمور لفترة قصيرة، قبل أن يعاود العمر بدء تمرد جديد ضد الحكم العثماني، وهنا أدركت إسطنبول أن هدفه من طلب العفو هو كسب مزيد من الوقت، وقررت القضاء عليه بأي صورة من الصور، ومن أجل تنفيذ هذه المهمة أرسل العثمانيون القائد الجزائري غازي حسن باشا، وهو أحد أقوى الأميرالات في ذلك العصر، ووضع الجزائري هدفاً أمام عينيه، وهو إحضار رأس ظاهر العمر إلى إسطنبول.

 

اسم غازي باشا الجزائري كان مخيفاً، وبالفعل قاد جيشاً كبيراً واتجه نحو فلسطين، وهزم قوات ظاهر العمر شر هزيمة، وحاصره في قلعة عكا التي كان يتحصن بها مع قواته، وخلال الاشتباكات قتل العمر بالرصاص، وعندما تم إحضار جثته إلى غازي باشا الجزائري قطع رأسه وأرسله إلى السلطان العثماني في إسطنبول، وكان ذلك عام 1775.

هذه هي كامل قصة ظاهر العمر الذي حكم في فلسطين أكثر من عقدين، لكن في الحقيقة عائلة العمر ليست عائلة فلسطينية الأصل كما يشاع في وسائل الإعلام، بل تعود أصولهم إلى المدينة المنورة، قبل أن يهاجروا إلى سوريا، ثم إلى فلسطين التي حكموها لفترة من الزمن.

بالطبع فإن قصة ظاهر العمر، وتمرده، وما سببه من قتل لعدد كبير من الأشخاص، وجلبه الروس إلى بيروت، كل هذا لا ينقص شيئاً من الموقف "النبيل" لحفيدته بيلا حديد.

ملاحظة: الآراء الواردة في هذا المقال تخص المؤلف، ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة "اندبندنت تركية".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير