Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل ساعدت المناظرات التلفزيونية التونسيين في حسم خياراتهم الانتخابية؟

بينت شركات الاستطلاع تسجيل متابعة قياسية لهذا الحدث الذي شاهده الملايين

أنْ يتسمّر ملايين التونسيين على اختلاف توجّهاتهم الفكرية والسياسية وطبقاتهم الاجتماعية، ومن مختلف الأعمار أمام التلفزيون التونسي، وأن ينصتوا بانتباه إلى الإذاعات، فلا بدّ أن هناك حدثاً جللاً.

فمنذ سنوات لم نتعوّد على مشهد كهذا تغصّ فيه المقاهي بروادها، إلا في مباريات كرة القدم، إذ تابع عدد كبير من التونسيين بشغف المناظرات التلفزيونية غير المسبوقة في تاريخ البلاد والتي نظمها التلفزيون التونسي بالتعاون مع الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري على مدى ثلاثة أيام.

المناظرات صالحت التلفزيون التونسي مع الجمهور

وبينت شركات استطلاع الجمهور في تونس أنه تم تسجيل متابعة قياسية لهذا الحدث الذي تابعه حوالى ثلاثة ملايين تونسي في الحلقة الأولى من المناظرات، كما تابع أكثر من مليوني تونسي الحلقة الثانية موزعين بين عدد من القنوات الإذاعية والتلفزيونية العامة والخاصة.

مناظرات تبارى خلالها 24 مرشحاً للانتخابات الرئاسية من أصل 26 (المرشح سليم الرّياحي خارج التراب التونسي والمرشح نبيل القروي يقبع في السجن) في جملة من المواضيع تهم الصلاحيات المباشرة لرئيس الجمهورية بحسب ما ينص عليه الدستور التونسي، ومن بينها السياسة الخارجية والديبلوماسية الاقتصادية والأمن القومي إلى جانب مواضيع أخرى حقوقية واجتماعية واقتصادية.

برامج انتخابية بعيدة عن هموم الناس

المناظرات التي كلّفت التلفزيون التونسي أكثر من مليون ونصف مليون دولار أميركي لتجهيز الإستوديوهات، تباينت الآراء بشأنها بين من يرى أنها عزّزت المسار الديمقراطي وأزاحت ضبابية المشهد، وبين من يرى ألا إضافة لها باعتبار أن المرشحين للانتخابات الرئاسية يفتقدون لبرامج قوية ومتجددة وقادرة على تغيير واقع الحال في تونس.

الشاب محمد بن ناجي فقد الأمل

ويبقى السؤال، هل نجحت هذه المناظرات في إنارة الرّأي العام حول جملة البرامج الانتخابية للمرشحين للرئاسيات أم عمّقت الهوّة بين الوعود الانتخابية وانتظارات الناخب التونسي؟

سؤال طرحته "اندبندنت عربية" على الشاب محمد بن ناجي البالغ من العمر 25 سنة ويعمل في التجارة، وهو واحد من الشباب الذين تابعوا هذه المناظرات باهتمام أملاً في أن تتبلور لديه فكرة متكاملة عن برامج المرشحين، إلا انه "خرج خالي الوفاض" بحسب قوله نظراً "لأن المرشحين ليسوا أهلاً لهذا المنصب" في تقديره و"لم ينجحوا في إنارة الرّأي العام التونسي ولم يستجيبوا لهموم الناخبين"، مضيفاً "هم فقط يلهثون وراء المنصب والمكانة الاعتبارية والوجاهة ولا تعنيهم هموم التونسي، وهم ليسوا صادقين باستثناء البعض".

محمّد خرج بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها ولم يقرّر بعد لمن سيصوّت لأنّ ما قدمه المترشحون بعيد من معاناة الناس و"لا حلول في الأفق"، جملة ختم بها كلامه.

 المناظرات لم تعرّف بالبرامج

الصحافي والمحلّل السياسي عبد السلام الزبيدي تابع بدوره المناظرات، وعن رأيه فيها قال لـ "اندبندنت عربية" إنها أسقطت بعض المرشحين من دائرة المراهنة الجديّة على بلوغ الدور الثاني من الانتخابات مشيراً إلى أنها لم ترتق إلى مستوى الأداة أو الوسيلة المساعدة على الفرز النهائي والحاسم على أساس البرامج. وأشار إلى حداثة تجربة التناظر التلفزيوني في تونس وفشل المنظمين في اختيار الطريقة المثلى لإلقاء الأسئلة التي كان من المفترض توحيدها في كل حصة مع التداول بين المترشحين، فضلاً عن تمركز الأسئلة حول الوضع الرّاهن وليس على البرامج.

وقال إنّ المناظرة في حلقاتها الثلاث مكّنت الناخب من التعرّف أكثر على المترشحين في قدراتهم الخطابية والبلاغية وحضورهم الذهني وطبيعة ردود أفعالهم أكثر من التعرّف على البرامج.

المناظرات عرّت الوجه الحقيقي لبعض المرشحين

أكد الصحافي إبراهيم بوغانمي أن المناظرات فشلت في تبسيط بعض النقاط في برامج المرشحين للانتخابات الرئاسية على الرغم من إسهامها في تقريب صورة بعضهم إلى أذهان التونسيين من خلال رصد ردود أفعالهم ومواقفهم من بعض القضايا مشيراً إلى عدم التزام بعضهم بالإجابة بدقة عن بعض الأسئلة فضلاً عن الخلط الواضح بين صلاحيات رئيس الجمهورية وصلاحيات رئيس الحكومة في أذهان المرشحين، وأضاف أن المناظرات كشفت عن بعض الجوانب في مستويات وشخصيات بعضهم.

وأيّا كانت نتيجة هذه المناظرات، فإنها محطّة مضيئة في درب طويل من البناء الديمقراطي في تونس على أن تتعزّز ثقة الناخب في الطبقة السياسية، ويعمل السياسيون على جَسْر الهوّة بين المواطن والشأن السياسي، باقتران البرامج الانتخابية بواقع التونسي وهمومه.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي