Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأطفال الخدج يتبادلون نقص الرعاية الصحية في غزة 

يوجد بالمستشفى الإماراتي 20 حضانة ويستقبل 70 مبتسراً يومياً يموت منهم 5 حالات

ملخص

الأطفال الخدج يتقاسمون الألم والوفاة في حضانات غزة

يرقد الطفل سند المولود منذ ساعات بعد فترة حمل غير مكتملة استمرت سبعة أشهر فحسب في حضانة للخدج داخل المستشفى الإماراتي بمحافظة رفح، أقصى جنوب القطاع، ويحرك يديه وقدميه بسرعة وكأن نسبة الأوكسجين التي تصل إليه قليلة.

في الحضانة نفسها التي يعيش فيها سند يجاوره أربعة مبسترين يتشاركون معه سرير الحضانة ويتقاسم جميعهم نقص الرعاية الصحية اللازمة لحالات الأطفال الخدج ويشعرون بالبرد نتيجة عدم ملائمة المكان لحالاتهم.

ممنوع الاقتراب

من بعيد تقف هالة، وهي والدة الرضيع سند، تراقب حركة صغيرها، ثم تمسح دموعها التي انهمرت بغزارة على خديها، وتبدو وكأنها عاجزة عن فعل أي شيء من أجل طفلها، تركز بنظراتها على ابنها فقط، وتحاول حفظ ملامحه، لكن حتماً ترى الخدج الذين يتقاسمون الحضانة مع سند.

تقول هالة "أول صوت سمعه طفلي سند الذي يعد من فئة الخدج كان دوي الانفجارات وبعده أزيز الطائرات المسيرة، ثم جهاز ردهات الحضانات". وتتحدث الأم وهي تسير ببطء شديد نحو صغيرها، إلا أن الطبيبة المناوبة منعتها من الاقتراب حفاظاً على صحة جميع الخدج.

تنظر هالة إلى سند الموصول بالأجهزة الطبية، وفي أنفه جهاز الأوكسجين وفي فمه جهاز طبي تستخدمه الممرضة لضخ الحليب للرضيع المبستر. الأم ملهوفة وتريد أن تحتضن طفلها، لكنها عاجزة عن ذلك، وتكتفي بمتابعة عمل الطبيبة التي تراعي صغيرها والصغار الآخرين الذين يتقاسمون معه الحضانة نفسها.

انتشار العدوى

فجأة، سمعت صوت إنذار يصدره جهاز الحضانة بصورة سريعة ومتتابعة، حينها خطف قلب هالة، واعتقدت أن مكروهاً أصاب طفلها، وعلى الفور طلبت من الطبيبة متابعة الحالة، لكنها هدأتها وأبلغتها أن أحد الخدج الآخرين الذين يتقاسمون مع سند الحضانة في حالة سيئة.

 

 

لم يكن حديث الطبيبة مطمئناً، وزاد قلق هالة على صغيرها. وتضيف "هنا ينتشر المرض بسرعة كبيرة، ولا علاج مناسب، سند لديه مشكلة في الرئة، ويحتاج إلى دواء ما ليساعده على التنفس، وهذا يعني أنه معرض لالتقاط العدوى من الأطفال الذين يجاورونه".

لا شيء يمكن لهالة فعله إلا الإيمان بقدرات الفرق الطبية، والنظر من بعيد إلى ابنها، لكن الأم خائفة جداً من قصة تشارك الخدج في الحضانة الواحدة، وقلقة على ابنها من أن تتوقف هذه الأجهزة عن العمل بسبب ظروف الحرب.

20 حضانة

بعد خروج معظم المرافق الصحية في غزة عن الخدمة بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، بقي فقط المستشفى الإماراتي المكان الوحيد الذي يقدم خدمات الرعاية الطبية للأطفال الخدج، لكن هذه المؤسسة الطبية يجب عليها خدمة جميع الرضع المبتسرين.

يوجد في المستشفى الإماراتي 20 حضانة للخدج فحسب، وهذه الأجهزة موجودة في المرفق الصحي من قبل الحرب، وكانت دائماً غير مشغولة، لكن بسبب نزوح غالب سكان غزة نحو محافظة رفح، بات مطلوباً من هذه المؤسسة الصحية خدمة جميع المبتسرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب نائب رئيس الحضانات في المستشفى الإماراتي أحمد الشاعر، فإنهم يستقبلون يومياً نحو 70 طفلاً مبستراً في حاجة إلى رعاية سريرية في الحضانات، وهذا شكل عبئاً على القسم الذي يشرف عليه، وأجبره على اتخاذ قرار وضع كل خمسة خدج في حضانة، وتقليل مدة الرعاية ليومين حتى أسبوع.

فكرة أن يكون في قطاع غزة قسم واحد لحضانات الأطفال الخدج ويستقبل يومياً 70 طفلاً ويتقاسم المبتسرين الحضانة الواحدة، جعلت من رعاية الأطفال أمراً صعباً وأدت إلى زيادة حالات الوفاة بينهم.

الطاقم منهك

في حالة أخرى تنام الطفلة إيمان على فراش حضانة للخدج وإلى جانبها ثلاثة رضع مبسترين، لكن والدتها شوق خائفة عليها كثيراً وطلبت من الطاقم الطبي السماح لها بإخراج صغيرتها من القسم. تقول شوق "أخبرت الأطباء أننا مضطرون إلى إخراج إيمان من قسم الحضانات، لكنهم رفضوا ذلك لأنها تتغذى من أنفها، كما أنها في حاجة إلى أوكسجين بصورة دائمة حفاظاً على حياتها، واضطررت إلى أن أترك طفلتي في رعايتهم، لكن يبدو عليهم أنهم منهكون ومرهقون جداً".

 

 

تعتقد شوق أنها تستطيع رعاية طفلتها بعناية، لكن الأم الخائفة على ابنتها تعيش حالياً في خيمة إيواء، وهناك ينتشر المرض كما يتفشى في الحضانات، لكن الأم تحاول أن تفعل شيئاً لحماية صغيرتها من خطر أن تتحول الحضانة إلى نعش.

 طابور الانتظار

وفقاً لنائب رئيس قسم الحضانات في المستشفى الإماراتي فإن يومياً يموت نحو خمسة أطفال مبتسرين بسبب انتشار العدوى والأمراض وندرة الرعاية الصحية وتقاسم الخدج الحضانة الواحدة، وهذا لم يكن يحدث قبل الحرب، إذ كانت نسبة الوفيات بين الخدج اثنين في الشهر.

رعاية الأطفال المبتسرين في الحضانات يعد امتيازاً في غزة، وهو أمر ليس متاح للجميع، تقول الأم حنين "طفلي من المفترض أن يكون في حضانة آمنة جداً وفي غرفة خاصة، إذ تؤمن له التدفئة اللازمة والأدوية المخصصة، لكن لا يوجد له وسع في هذا القسم". وتضيف "بسبب العدد الكبير للأطفال المرضى في المستشفى، تركوني مع ابني ووضعوني في قاعة أقوم برعاية ابني بنفسي، مكان الحضانة، هذا اليوم الثاني، وأنا هنا بانتظار إدخال ابني إلى الحضانة وهنا نساء ينتظرن مثلي".

في عداد الموتى

من جهته يقول الطبيب أحمد الشاعر "هناك نقص شديد في عدد الحضانات المخصصة للأطفال الخدج مقابل ارتفاع كبير في الحالات التي يتم استقبالها، واقتسام المبتسرين للحضانة الواحدة يسبب الاكتظاظ، وهذا يمثل تهديداً لسلامة الأطفال بسبب انتقال العدوى مما يؤدي إلى حالات وفيات بينهم".

ويضيف الشاعر "لم أتوقع قط في حياتي أن أضع خمسة أطفال خدج جنباً إلى جنب داخل حضانة واحدة، كل منهم مصاب بمرض مختلف، وفي ظل نقص شديد في الفريق الطبي، وفي الحليب، إن هذا الإجراء من الحالات الفريدة والمحزنة التي مرت علينا".

 

 

تشير تقارير وزارة الصحة الفلسطينية إلى أن عدد وفيات الأطفال بسبب نقص الحضانات ونقص الأدوية، بلغ منذ بداية الحرب 210 طفلاً، من أصل 2300 حالة ولادة، وهنا يعبر الشاعر عن خشيته من الكثافة العالية للنساء الحوامل المقبلات على الولادة.

ويبين الطبيب أنه أوجد غرفة خاصة لحماية الأطفال الخدج من خلال توفير مكان لأمهات المبتسرين داخل المستشفى للمساعدة في العناية بصغارهم، وانتظار خروج الرضع من الحضانات، ومن ثم وضع أبنائهم مكانهم.

ويوضح الشاعر أن غالب الأطفال عندما يخرجون من المستشفى بعد يومين أو أسبوع، يواجهون خطر الموت بفعل الحياة البائسة التي يعيشها ذويهم في الخيام ومراكز النزوح المكتظة، لافتاً إلى أن بعض الأمهات تعود بأطفالها المبتسرين بعد أيام قليلة جراء تدهور حالتهم الصحية.

ويؤكد الشاعر أن الأدوية الخاصة بالرئتين التي تساعد في تحسين التنفس عند الأطفال الخدج غير متوفرة، وكذلك كثير من المضادات الحيوية الضرورية لعلاج هؤلاء الأطفال من حالات التجرثم في الدم، مما قد يعرض حياتهم للخطر وغالباً الوفاة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير