Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أوكرانيا في أمس الحاجة إلى جنود أصبح العثور عليهم أصعب

حاول بعض الجنود دفع رشوة للمسؤولين الطبيين من أجل تفادي القتال

'مجندان جديدان من لواء الهجوم الثالث يلتقطون صورة سيلفي عند انتهاء تدريبهم' (حقوق الطبع والنشر 2024 وكالة أسوشيتد برس، جميع الحقوق محفوظة)

ملخص

مع دخول الحرب سنتها الثالثة، تواجه أوكرانيا صعوبات في تجنيد عدد كاف من القوات

عندما أرسل بوتين قواته إلى أوكرانيا منذ سنتين، هب الرجال الأوكرانيون إلى مراكز التجنيد العسكري في جميع أنحاء البلاد من أجل الالتحاق بالجيش، وهم على أتم الاستعداد للموت من أجل وطنهم.

أما اليوم، وفيما تسيطر روسيا على ربع الأراضي الأوكرانية تقريباً بينما يقبع الجيشان في حالة أشبه بالجمود على طول الجبهة الممتدة على 1000 كيلومتر (620 ميلاً)، فتلاشى هذا الاندفاع للتطوع في الجيش.

والآن، يتهرب عدد كبير من الرجال الأوكرانيين من التجنيد من طريق الاختباء في المنزل أو محاولة دفع رشوة للتهرب من المعركة.  

وعلى طول الجبهة الأمامية الباردة والموحلة، يقول قادة الجيش إن قواتهم قليلة العدد وتضم أعداداً كبيرة من الجنود المرهقين والمصابين.

ومع دخول الحرب سنتها الثالثة، أصبحت أكثر التحديات إلحاحاً وحساسية من الناحية السياسية في أوكرانيا قدرة البلاد على تجنيد عدد كاف من القوات لكي تدفع عنها عدواً لديه أعداد أكبر بكثير من المقاتلين.

فالكثافة السكانية في روسيا تفوق تلك في أوكرانيا بثلاثة أضعاف، فيما أبدى الرئيس فلاديمير بوتين استعداداً لإلزام الذكور على التوجه إلى الجبهة إن لم يتطوع عدد كاف منهم.

 

وليست قلة أعداد الجنود المعضلة الوحيدة التي تواجه أوكرانيا، لكن تجنيد العدد الكافي من المقاتلين مشكلة لا تملك أية جهة حلها غير أوكرانيا وحدها.

وتعاني الحكومة الأوكرانية في سبيل إعادة تعبئة صفوفها من أجل إيجاد توازن بين الإكراه والإقناع.

يدرس البرلمان في الوقت الحالي تشريعاً من شأنه زيادة أعداد المجندين بنحو 400 ألف شخص، من طريق تخفيض سن التجنيد من 27 إلى 25 سنة. لكن هذا المقترح يلقى رفضاً كبيراً مما يرغم المسؤولين المنتخبين على مواجهة تساؤلات تمس صلب هوية الأمة والدولة: فهل يستطيعون إقناع مزيد من المواطنين بالتضحية بحياتهم؟ وإن لم يتمكنوا من ذلك، فهل هم على استعداد لقبول البديل؟

قال جندي أوكراني يقاتل قرب مدينة أفدييفكا - التي انسحب منها الجنود الأسبوع الماضي من أجل إنقاذ الأرواح - إن وحدته تعرضت أخيراً لهجوم من جنود روس يفوقونها عدداً بخمسة أضعاف، اقتحموا الموقع فقتلوا جميع من فيه ما عدا هو واثنين آخرين.  

وقال ديما الذي لم يفصح عن اسم عائلته لأسباب أمنية "تعرضنا لهزيمة شبه كاملة".

على بعد 800 كيلومتر تقريباً (500 ميل)، يختبئ رجل يبلغ من العمر 42 سنة داخل منزله خارج كييف، وهو مضطرب ومرتاع. وقال أندريه الذي أصر على استخدام اسمه الأول فقط لكي يتحدث عن التهرب من التجنيد "أشعر بشيء من الذنب لأنني رجل…لا يسعني أن أشعر بأنني حر".

يقدر عدد الرجال الأوكرانيين الآخرين المؤهلين للقتال الذين يعتقد أنهم يتهربون من التجنيد الإجباري بعشرات الآلاف، وهم إما يلازمون منازلهم أو خارج البلاد.

وجراء قلة عدد المجندين الجدد، لا يحظى الجنود المرابطون على الجبهة باستراحة كافية بين المناوبات. بعد خوضهم سنتين من المعارك الضارية، أنهك الجنود وأصبحوا أكثر عرضة للإصابة. وعندما يأتي مجندون جدد، يكون عددهم قليلاً ويفتقرون إلى التدريب الكافي وفي غالب الأحيان، يكونون أكبر سناً من المطلوب بحسب مقابلات مع عشرات الجنود الأوكرانيين من بينهم ستة قادة.   

ويقول القادة إنه ليس لديهم ما يكفي من الجنود لشن عمليات هجوم فيما عدد جنودهم بالكاد يكفي للحفاظ على مواقعهم وسط هجمات روسية تشتد وتزداد قوة.

ويرى النائب فاديم إيفشنكو، أحد أعضاء لجنة الأمن القومي والدفاع والاستخبارات البرلمانية، أن الكتائب المؤلفة من 3 آلاف إلى 5 آلاف جندي تستخدم إجمالاً ثلاثة أرباع قوتها في القتال. كما أضاف أن بعض الكتائب لا تملك سوى 25 في المئة من قوتها.

 

 

كان ديما، الجندي الذي يقاتل قرب أفدييفكا، واحداً من نحو 12 جندياً تلقوا العلاج أخيراً في مستشفى ميداني قرب الجبهة. وقال الأطباء في المستشفى إن عملهم أشبه بلعبة الأحصنة الدوارة: غالباً ما يتلقى الجنود العلاج ويعاد إرسالهم للقتال، قبل أن يعودوا إلى المستشفى بإصابات جديدة بعد أسابيع عدة.

أصيب إيغور إيفانتسيف، 31 سنة، مرتين في غضون أربعة أشهر. وهو يشعر بألم في جسده عندما يحمل سلاحه، لكن الأطباء يعتبرون أنه قادر على القتال. وقال إيفانتسيف إنه تطوع برفقة 17 رجلاً آخرين، توفي معظمهم فيما تعرض الباقون للإصابات مثله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشرح دميترو، القائد المسؤول عن إيفانتسيف الذي لم يفصح سوى عن اسمه الأول، أن كتيبته المنهكة والمستنزفة تعمل بدوام إضافي من أجل حفر خنادق أكثر عمقاً وبناء مواقع أفضل يمكن التصدي منها لنيران المدفعية الروسية المتواصلة. وقال دميترو "ليس لدينا جنود ولا مكان يمكننا أن نجلبهم منه [مصدر للتزود بهم]".

وأضاف أنه في بداية الحرب، كان الجنود يتناوبون كل أسبوعين، ويحظون بأسبوع راحة. لكن جنوده يقاتلون طوال شهر الآن ليحظوا بأربعة أيام استراحة.

وعلق إيفانتسيف بقوله "لسنا مصنوعين من الفولاذ".

يقول المسؤولين الغربيون إن الجنود الأوكرانيين إجمالاً في الأربعينيات من العمر. ويلفت القادة إلى أنه كلما ازداد سن الجنود، أصبحوا أكثر عرضة للإصابة بأمراض مزمنة مثل القرحة والفتق واعتلال الأعصاب.

انضم إلى كتيبة ديما القتالية في الآونة الأخيرة سبعة مجندين جدداً تراوحت أعمارهم ما بين 55 و58 سنة.

وسأل بسخرية "أي المواقع سيقتحمون؟ إن سار أحدهم أربعة كيلومترات وعلى ظهره حقيبة مليئة بالمعدات والأسلحة، سينهار في وسط الطريق".

على مقربة من مكانه، تعتني الطبيبة أليونا يالونكا بجندي مصاب عمره 42 سنة لقبه العسكري كولميك. وتطعمه قطعة من الشوكولاتة.

وتقول يالونكا "سوف أقبل أرجل هؤلاء الرجال إلى النهاية [ما دامت هذه المصاعب] ما داموا يقفون ويحملون السلاح ويدافعون عن بناتي".

نظر إليها كولميك بعينين غائبتين فيما بدأ مفعول مسكنات الألم يسري في جسمه. وقال "يمكنني أن أستريح الآن".

في كييف، يحاول البرلمان التعامل مع تشريع من شأنه أن يتيح للجيش تجنيد مزيد من الرجال لكي يتمكن الجنود الموجودون في أرض المعركة حالياً من أخذ قسط أكبر من الراحة أو حتى التسريح من الخدمة.

يقدر عدد الجنود الأوكرانيين الذين يقاتلون على الجبهة حالياً بنحو 300 ألف عنصر، فيما يخدم آخرون في مواقع مختلفة بحسب النواب. وفي المقابل، صرح بوتين بأن أعداد القوات الروسية الموجودة في أوكرانيا تعادل ضعف هذا الرقم.

يحاول الجيش الأوكراني تجنيد نحو 500 ألف عنصر إضافي لكن النواب يتعاملون بحذر مع هذه الخطوة لأنهم يدركون إلى أي مدى لا تحظى بشعبية. وقد أرفق أكثر من 1000 تعديل بمشروع القانون الذي لم يعبر الرئيس فولوديمير زيلينسكي عن دعمه العلني له بعد.

وبحسب نص مشروع القانون، قد يتعرض أي فرد لا يستجيب لإشعار استدعائه للخدمة لتجميد حساباته المصرفية وتقييد قدرته على السفر خارج البلاد- وقد اعتبر مفوض حقوق الإنسان في أوكرانيا هذه البنود مخالفة للدستور.

ويقول النواب الذين ينتقدون التشريع، ومن بينهم إيفشنكو، إن الجيش لم يشرح بما يكفي كيف ستغير التعبئة الإضافية مسار الحرب بشكل مهم. يقبع البلدان في حالة جمود من أشهر، بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنه الأوكرانيون خلال الصيف. لكن الروس يكثفون هجماتهم أخيراً.

وسأل إيفشنكو "هل سيكفي هذا القانون لكي تغير القوات المسلحة الوضع في ساحة المعركة؟".

وفيما يتوقع مشروع القانون أن يصل عدد المجندين الجدد إلى 400 ألف عنصر، قد يكون [احتساب] نصف هذا العدد أكثر واقعية بعد احتساب أعداد المتهربين من التجنيد الإجباري ومن لديهم أسباب حقيقية لتأجيل التحاقهم بالجيش، برأي أوكسانا زابولوتونا، المحللة في مركز الإجراءات الموحدة Center for United Actions وهو هيئة رقابة على أعمال الحكومة في كييف. 

أكثر الأشخاص الرافضين لهذا التشريع هم رجال أمثال منشئ موقع الويب البالغ من العمر 35 سنة الذي أصر على إخفاء هويته لكي يناقش قراره بالاختباء في المنزل في ضواحي كييف بدل الانضمام إلى الجهد الحربي.

وقال إنه يرفض القتال لأنه لا يريد قتل أحد، ويخطط لجمع ما يكفي من المال لكي يهرب من أوكرانيا التي تمنع في الوقت الحالي أي رجل عمره أقل من 60 سنة من السفر خارجاً.

نظرياً، لن يتيح مشروع القانون المطروح أمام البرلمان حالياً، مجالاً كبيراً أمام رجال مثله لكي يختبئوا [يفروا]، إذ يفرض على كل المواطنين المؤهلين للتجنيد أن يتواصلوا مع الحكومة من خلال نظام تعقب إلكتروني. وهو نظام من شأنه أن يسهم كذلك في إقامة بعض التوازن في ظل وجود تفاوت بسبب استهداف دوريات التعبئة المناطق الريفية الفقيرة بصورة أكبر من أجل إرغام المتهربين من التجنيد على الالتحاق بالجيش.

وقال النائب إيفشنكو "يدرك الجميع أن المساواة غائبة".

وأضاف إيفشنكو أنه فيما يدفع البعض رشى للتهرب من التجنيد كلياً، يعقد آخرون صفقات لكي يوضعوا في مواقع بعيدة على مسافة آمنة من القتال. بعد إجراء تحقيق تناول الفساد في هذا الموضوع، أقال زيلينسكي العام الماضي كل رؤساء مكاتب التجنيد الإقليمية.

ويقول الشاب الذي يعمل في إنشاء مواقع الويب الذي يختبئ خارج كييف إنه يشعر بتطويق الحكومة له واقترابها منه، كما لو أن السلطات تتربص به، بصورة أو بأخرى.

وأضاف أنه "شعور كما لو أن الجميع يريد أن يرميك في فرامة اللحم".

في أحد مراكز التجنيد العسكري في كييف، يفحص الأطباء الرجال لتشخيص مدى أهليتهم الجسدية للخدمة.

اعتقد رستم مينيف، العامل في سكة الحديد البالغ من العمر 36 سنة أنه سيعفى من الخدمة لأن وظيفته ضرورية في الجهد الحربي. لكنه صعق عندما أمروه في مكان عمله أن يخضع للفحص الطبي. وقال فيما كان ينتظر دوره لإجراء صورة أشعة "أنا أشعر بخوف شديد طبعاً".

قالت الدكتورة أولغا يفشينكو المسؤولة عن الفحص الطبي للمجندين الجدد إن بعضاً منهم يحاولون التملص من الخدمة من طريق الرشوة.

وأضافت "إن اتخاذ القرار صعب. عندما يأتي شاب ويكون بصحة جيدة، ولا يخفى أبداً مآل الموضوع ".

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير