Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هدنة حذرة بين الولايات المتحدة والفصائل العراقية

مراقبون يؤكدون أن واشنطن وطهران ترغبان في عدم توسيع دائرة الصراع بالمنطقة

جنود أميركيون في قاعدة عين الأسد بالعراق (أ ف ب)

بعد مرور أكثر من 10 أيام على الضربة العسكرية الأميركية التي استهدفت قياديين في كتائب "حزب الله" العراقي ساد الهدوء بين الجانبين، الفصائل المسلحة التي كانت تستهدف القوات الأميركية بشكل مستمر من جهة والولايات المتحدة من جهة أخرى في إشارة على ما يبدو إلى أن هناك رغبة بعدم التصعيد. 

ويأتي هذا الهدوء بعد جهود إقليمية لاحتواء الموقف الذي انفجر بعد استهداف "البرج 22" بالأردن الذي راح ضحيته ثلاثة جنود أميركيين وعشرات الجرحى الشهر الماضي وما نتج عنه من استهداف لمواقع وقياديين للفصائل العراقية كاد يشعل المنطقة مما دفع كثيراً من الأوساط الإقليمية والدولية إلى القيام بوساطات للتهدئة كان أبرزها الحراك الذي قام به قائد "فيلق القدس" الإيراني إسماعيل قاآني خلال زيارته لبغداد بعد تحميل واشنطن كتائب "حزب الله" المسؤولية عن استهداف "البرج 22".

ونقلت وكالة "رويترز" عن عدة مصادر إيرانية وعراقية قولها إن زيارة قاآني أدت إلى توقف الهجمات التي تشنها فصائل متحالفة مع إيران في العراق على القوات الأميركية، ووصفت المصادر هذا بأنه علامة على رغبة طهران في الحيلولة دون نشوب صراع أوسع نطاقاً. 

وقالت المصادر إن "قاآني التقى بممثلي عدة فصائل مسلحة في مطار بغداد يوم 29 يناير (كانون الثاني) الماضي، بعد أقل من 48 ساعة من اتهام واشنطن لهذه الفصائل بالوقوف وراء مقتل ثلاثة جنود أميركيين".

وأضافت أن "قاآني أبلغ الفصائل المسلحة أنه يتعين عليها أن تبتعد عن المشهد لتجنب شن ضربات أميركية على كبار قادتها أو تدمير بنيتها التحتية الرئيسية أو حتى الانتقام المباشر من إيران".

ولم تكن طهران وحدها التي ترغب بضرورة عدم استهداف القوات الأميركية وعدم اتساع دائرة المواجهة فهناك بعض القيادات في "الإطار التنسيقي" هي الأخرى ترغب بضرورة إنهاء الصراع وهذا ما بدا واضحاً في جلسة البرلمان التي عقدها مجلس النواب، الأسبوع الماضي، لإصدار قرار بإخراج القوات الأميركية من العراق، التي غاب عنها عدد كبير من النواب الشيعة مما يؤشر لوجود خلافات داخل الإطار في شأن هذا الأمر.

ويرى مراقبون للشأن السياسي أن واشنطن لا تريد أن تتسع دائرة الصراع وأنها اكتفت بالضربات التي شنتها على 85 هدفاً في العراق وسوريا يخص الفصائل المسلحة وبعض القيادات المؤثرة في كتائب "حزب الله" العراقي مطلع الشهر الحالي كإجراء تحذيري رداً على استهداف "البرج 22" وأن هناك جهوداً دولية قامت بوساطات ورسائل إلى واشنطن بضرورة عدم التصعيد.

رغبة إيرانية وأميركية بالتهدئة 

ويرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي أن التهدئة جاءت بعد رغبة إيرانية- أميركية بضرورة عدم اتساع نطاق الحرب. وأضاف "كانت هناك جولات مكوكية من قبل إيران ليس فقط باتجاه الفصائل العراقية وإنما لبنان حيث التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بأمين عام "حزب الله" اللبناني حسن نصرالله ويبدو أن هناك رغبة للتهدئة من قبل كل من إيران والولايات المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبين أن واشنطن ترى أن هناك أكثر من ضاغط يسعى باتجاه التصعيد، فمثلاً إسرائيل ترفض أي شكل من أشكال التهدئة وترى أنه عليها إكمال مسيرتها في القصف وأن الولايات المتحدة ترفض هذا التوجه لأنها ترى أن المنطقة لا تحتمل مزيداً من الاحتقان، مشيراً إلى أن إيران تريد التهدئة لأنها تدرك أن طبيعة المواجهة المفتوحة مع الولايات المتحدة تؤدي إلى احتقان المنطقة وإشعال الحرب.

إنذار من واشنطن

واعتبر أن الضربات الأميركية الأخيرة التي أدت إلى مقتل "أبوتقوى السعيدي" و"أبوباقر الساعدي" كانت بمثابة إنذار من واشنطن أن أي تصعيد سيطال كل القادة القريبين من المحور الإيراني سواء كانوا قادة سياسيين أم قادة فصائل.

ولفت إلى أن "طبيعة الاستهداف الذي فرض على المصارف العراقية جعل إيران تعيد النظر بأن منابعها الاقتصادية في العراق في خطر وهي لا تريد التصعيد مع فرضية أن هناك وساطة من عدد من الدول لاحتواء الموقف".

وتابع الفيلي أن "واشنطن تريد أن تترك مساحة من التهدئة، وضربها للفصائل كان رد فعل على استهداف البرج 22. المنطقة تطفو على صفيح ساخن وبالتالي يجب أن يكون هناك تهدئة".

وفي شأن المفاوضات مع واشنطن حول مستقبل القوات الأميركية بالعراق، أوضح الفيلي أن "الحكومة العراقية نقلت هذا الملف إلى الجهات الأمنية وحتى إن البرلمان العراقي عقد جلسة من دون نصاب، موضحاً أن هناك بعض الجهات في الإطار التنسيقي ترى ضرورة عدم التصعيد وهذا عزز موقف الحكومة في خيار التفاوض لعدم وجود أصوات متشددة داخل الإطار وخارجه مع تأكيدات من داخل الأكراد والسنة عن مخاوف من مغادرة القوات الأميركية للعراق".

طلب إيراني 

فيما يرى مدير مركز العراق للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن قائد فيلق القدس طلب من الفصائل المسلحة العراقية التوقف عن استهداف القواعد الأميركية، فيما توقع تصعيد محتمل في اليمن.

وأضاف "من المؤكد أنه بعد اجتماعات قائد فيلق القدس مع قيادات الفصائل المسلحة العراقية التي شنت أكثر من 160 من الهجمات على القواعد الأميركية في العراق وسوريا، وجه قاآني بالتوقف عن مهاجمة القوات الأميركية بسبب تخوف إيران من اتساع العمليات ضد الفصائل والحرس الثوري الإيراني المنتشر في سوريا".

اليمن بدل العراق 

واعتبر فيصل أن هدف إيران من هذا التوجه الجديد للتهدئة هو تجنب التصعيد، مرجحاً أن تكون طهران تلقت تهديدات من قبل الولايات المتحدة وحلفائها إذا ما استمرت بالتصعيد ضد قواتها في ما يسمى حروب الظل في العراق وسوريا ولبنان واليمن. وإذا استمرت إيران بدعم وكلائها سيؤدي ذلك في النهاية إلى تصعيد جديد من الولايات المتحدة وحلفائها في البحر الأحمر لحماية السفن التجارية التي تتعرض للتهديد" مشيراً إلى "احتمال أن يكون هناك إنزال بري من قبل الولايات المتحدة في اليمن وتتحول المواجهة إلى برية بدلاً من المواجهة الصاروخية". 

ورجح أن مواقف قاآني على ما يبدو هي جزء من تعهدات إيرانية للولايات المتحدة من خلال الوسطاء.

ورجح أن تستمر الفصائل المسلحة بهذه التهدئة لتجنب استمرار الولايات المتحدة التي هددت بقصف قواعد هذه الفصائل والمواقع الاستراتيجية والأسلحة والخط الثاني الذي يستهدف قيادات الفصائل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير