Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اعتقال رجل دين انتقد أداء المرشد الإيراني علي خامنئي

قلق متزايد لدى السلطات والمسؤولين الحكوميين من اتساع رقعة المعارضة والاحتجاجات وتآكل شريحة أنصار النظام

وصل قلق المرشد خامنئي ومسؤولين حكوميين بشأن الوضع في قم إلى درجة تغيير عدد من كبار المسؤولين في المدينة (أ ف ب)

ملخص

اعتقال رجل الدين وأستاذ الحوزة العلمية محمد تقي أكبر نجاد في مدينة قم ونقله إلى مكان مجهول

اعتقال رجل الدين محمد تقي أكبر نجاد، الذي انتقد المرشد علي خامنئي، في مدينة قم، يشير بوضوح إلى القلق المتزايد لدى السلطات الإيرانية والمسؤولين الحكوميين من اتساع رقعة المعارضة والاحتجاجات وتآكل شريحة أنصار النظام المخلصين، خصوصاً في العاصمة الدينية للنظام الإيراني.

شهدت مدينة قم التي تعتبر العاصمة الدينية للنظام ومدينة مشهد باعتبارها أكبر مدينة دينية في إيران، تغيرات سياسية واجتماعية واحتجاجات متكررة، منذ الاحتجاجات الشعبية التي عمت المدن والبلدات الإيرانية في ديسمبر (كانون الأول) 2017 ونوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وديسمبر 2022.

نقل إلى مكان مجهول

واعتقل رجل الدين وأستاذ الحوزة العلمية محمد تقي أكبر نجاد، في مدينة قم، السبت الماضي، ونقل إلى مكان مجهول.

وأفادت وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان "هرانا"، بأن رجل الدين الذي عادة ما ينتقد المرشد علي خامنئي، اعتقل من قبل قوات استخبارات الحرس الثوري في مدينة قم، كما لم تعلن بعد السلطات الإيرانية عن أسباب اعتقال أكبر نجاد ومكان وجوده.

صحيح أن محمد تقي أكبر نجاد، ليس من الشخصيات الدينية المعروفة في الوسط الإيراني، إلا أنه نظراً لنشاطه وخطاباته، بما في ذلك انتقاده لأداء آية الله علي خامنئي في الحكم، تعرض لضغوط من قبل المحكمة الدينية الخاصة برجال الدين وأجهزة الأمن واستخبارات الحرس الثوري.

وأظهرت مقاطع الفيديو المنشورة على قناة محمد تقي أكبر نجاد، على "تيليغرام"، أن الأخير انتقد صراحة أداء المرشد علي خامنئي، إذ قال في أحد مقاطع الفيديو: "إن كثيراً من الإيرانيين، حتى المؤيدين وأنصار النظام، يعتقدون أن علي خامنئي هو مرشد اليمن وفلسطين وليس إيران"، مضيفاً أن آية الله روح الله الخميني وآية الله علي خامنئي، لا سيما بعد توليهما السلطة، يتعاملان بقوة شديدة مع من ينتقدهم، وقد جمعا حولهما المتملقين".

تنظيم تجمعات

بعد هذه الانتقادات التي وجهها محمد تقي أكبر نجاد للمرشد آية الله علي خامنئي، نظم عدد من طلاب الحوزة وأنصار النظام تجمعات عدة بالحوزة العلمية في قم، وطالبوا باعتقال وطرد رجل الدين هذا من العاصمة الدينية للنظام.

وقد قال رئيس مركز الحماية والاستخبارات في السلطة القضائية علي عبداللهي، في وقت سابق، في كلمة له ألقاها أمام رؤساء مجالس المحافظات ورؤساء اللجان في الحوزات العلمية، في 27 ديسمبر 2023، إن "العدو لديه خطة للتقليل من شخصية وكرامة طلاب الحوزات ورجال الدين على مستوى المجتمع بأي ثمن".

وأكد رئيس مركز الحماية والاستخبارات في السلطة القضائية بوضوح، التعامل بحزم مع المواطنين المحتجين ورجال الدين وطلبة الحوزات الذين ينتقدون النظام. وقال "يجب أن نعمل على معرفة الأيادي التي تعمل اليوم على إيجاد التفرقة بين طلاب الحوزات وضرب الحوزة".

وأضاف عبداللهي أن بعض الأشخاص يستغلون مناصبهم ومكانتهم الاجتماعية في الدين والتجارة والثقافة والسياسة والاقتصاد. وقال إن "هؤلاء الأشخاص الذين يعملون في مختلف المجالات وهم طلبة حوزات ولديهم تأثير، إلا أنهم على ما يبدو غير معروفين بصورة جيدة في المجتمع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تغييرات سياسية واجتماعية

إن القلق الرئيس الذي يراود المسؤولين في النظام الإيراني، هو ليس تآكل شريحة طلاب الحوزات ورجال الدين الداعمين للنظام فقط، بل يتركز على التغييرات السياسية والاجتماعية لعامة السكان في مدينة قم، خصوصاً بعد احتجاجات عام 2017 و2019 والاحتجاجات الشعبية عام 2022 التي عمت البلاد، ومنها مدينة قم التي انضمت إلى هذه الاحتجاجات المطلبية ورفع المواطنون شعارات مناوئة للنظام الإيراني.

بلغت ذروة القلق لدى السلطات الإيرانية مباشرة بعد زيارة المرشد علي خامنئي إلى مدينة قم وجامع جمكران عام 2019، إذ رافقها استياء المرشد من التغييرات السياسية والاجتماعية التي شاهدها في مدينة قم.

وحذر مسؤولون حكوميون عدة وفي أكثر من مناسبة خصوصاً بعد عام 2019، من التغييرات السياسية والاجتماعية في مدينة قم.

ووصل قلق المرشد خامنئي وكبار المسؤولين الحكوميين في شأن الوضع في مدينة قم إلى درجة أدى إلى تغيير عدد من كبار المسؤولين في هذه المدينة، إذ أقيل قائد الشرطة والمدعي العام ورئيس جهاز استخبارات المدينة. حتى قائد اللواء 83 لرجال الدين الذي يعرف بـ"لواء إمام جعفر الصادق التابع للحرس الثوري"، لم يسلم واستبدل برجل دين يدعى مجيد منتظر زاده.

قائد اللواء 83 عزة الله معتمد، أقيل إثر حديث له في إحدى المناسبات والتي قال فيها: "إن المرشد عدا عن الوضع السياسي والأمني في مدينة قم، منزعج أيضاً من أسلوب الحياة ونوعية الملابس التي يرتديها الناس".

"تأثير الدول الأجنبية"

وكشف رئيس مكتب المرشد الإيراني محمد محمدي عراقي في يناير (كانون الثاني) 2021، عن السبب الرئيس وراء قلق علي خامنئي، الذي وصفه بـ"علمنة الحوزة العلمية في مدينة قم".

في السياق نفسه، قال ممثل المرشد علي خامنئي في فيلق القدس واستخبارات الحرس الثوري، أحمد سالك، في شتاء 2020، "لقد بدأ نقيض الثورة الإسلامية من مدينة قم من قبل الأعداء، وتعرض قائد الجمهورية لهجوم من قبل أشخاص يعتبرون أنفسهم رجال دين".

وفي 16 سبتمبر (أيلول) 2021، حذر المرجع الشيعي في مدنية قم آية الله مكارم شيرازي خلال لقاء مع وزير الاستخبارات إسماعيل خطيب، من تأثير الدول الأجنبية في الحوزة العملية وأجهزتها، وقال "نظراً إلى مركزية الحوزات العلمية في مدينة قم، فإن خطر التسلل والاختراق من قبل الدول الأجنبية بين العلماء ومراجع الدين في هذه المدينة أكثر من المدن الأخرى في البلاد".

كما أكد مكارم شيرازي في لقائه هذا على ضرورة تكثيف العمل من قبل وزارة الاستخبارات، وأن تتعامل بحزم مع بعض طلاب الحوزات ورجال الدين المنتقدين أو المعارضين للنظام.

وأخذت تحذيرات ومخاوف المسؤولين الحكوميين من التغييرات السياسية والاجتماعية في قم، أبعاداً واسعة خلال العام الأخير، إذ قال رئيس مكتب المرشد الإيراني بالمدينة في نوفمبر 2022، رداً على الاحتجاجات الشعبية التي عمت أنحاء مختلفة في إيران، خصوصاً معارضة العامة من المواطنين للحجاب الإلزامي، خاطب الفتيات في مدينة قم قائلاً، إنه "لا ينبغي لبنات مدينة قم أن يقعن في فخ الشياطين".

هذه التصريحات، جاءت في وقت خرج عديد من المواطنين في مدينة قم بمسيرات احتجاجية في الشوارع خلال الاحتجاجات الشعبية التي عمت مدن البلاد، خلعت النساء والفتيات خلالها الحجاب الإلزامي وهتفن بشعارات مناوئة للنظام.

هذا وعلى رغم كل هذه التغييرات والإقالات والضغوط والمواجهات التي يتعرض لها الإيرانيون، فإن التحول الاجتماعي والسياسي في مدن مثل قم ومشهد، وكذلك عزوف شريحة من طلاب الحوزات ورجال الدين عن النظام، وصل إلى مرحلة متقدمة، إذ حتى رجال الدين مثل محمد تقي أكبر نجاد، الذين كانوا من أشد المؤيدين للنظام والمرشد علي خامنئي في العقدين الماضيين، أصبحوا اليوم من المنتقدين والمعارضين للنظام ومرشده.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير