Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا خاضت عربيتان إسرائيليتان "رحلة العذاب" من غزة إلى إسرائيل

الخروج من القطاع المحاصر كان مخاطرة كبيرة تحت القصف ومع الأطفال

فلسطينيون يغادرون خان يونس هرباً من المعارك (أ ف ب)

ملخص

بمركبة مستأجرة شغلت بواسطة أنبوب غاز للطهي، هربت فاطمة التي تحمل الجنسية الإسرائيلية من القصف على قطاع غزة نحو إسرائيل

بمركبة مستأجرة شغلت بواسطة أنبوب غاز للطهي، هربت فاطمة التي تحمل الجنسية الإسرائيلية ومتزوجة من فلسطيني، من القصف الإسرائيلي على قطاع غزة نحو إسرائيل، حالها حال العشرات من حملة الوثائق الإسرائيلية.

وتصف الرحلة بأنها "أصعب رحلة عذاب ومخاطرة"، خاضتها مع طفليها (أربع سنوات وسنة وسبعة أشهر) وسط أجواء ماطرة.

وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية "خفنا ألا يكفي أنبوب الغاز. كانت الطريق فارغة... على طول الطريق رأينا بيوتاً مقصوفة ومدمرة".

حماية الأطفال

كان ذلك في الـ14 من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عندما توجهت فاطمة، وهو اسم مستعار اختارته لنفسها، مع طفليها من القرارة في جنوب قطاع غزة نحو معبر رفح الحدودي مع مصر. مكثوا هناك لساعات قبل أن تقلهم حافلة عبر صحراء سيناء وصولاً إلى مدينة طابا المصرية ثم إلى مدينة إيلات في جنوب إسرائيل. استغرقت الرحلة 48 ساعة.

نظم الرحلة مركز الدفاع عن حرية الحركة "جيشا" (مسلك) ومركز الدفاع عن الفرد "هموكيد" الإسرائيليان اللذان تمكنا من إجلاء 71 شخصاً من غزة يحملون وثائق تخولهم الإقامة في إسرائيل، وذلك على دفعتين في شهري نوفمبر وديسمبر (كانون الأول). وتسعى المنظمتان إلى إخراج دفعة جديدة مؤلفة من 41 شخصاً.

ترددت فاطمة (30 سنة) المولودة داخل إسرائيل لأب يحمل الجنسية الإسرائيلية، في الخروج من قطاع غزة وترك زوجها، لكن هذا الأخير حثها على القيام بذلك حماية لطفليها.

الخضوع للتحقيق

تتحدث عن رحلة طويلة اتسمت بالقلق والخوف وتعقيدات لوجيستية وتحقيق، وسط برد قارس.

وتقول "كانت الأجواء ماطرة، وكنا خائفين جداً من القصف الذي كنا نسمعه بوضوح"، مضيفة "كانت ابنتي خائفة وتسأل: هل هذا صاروخ؟... هناك رجل ميت (على الطريق)، هل سنرى أطفالاً عليهم دماء؟".

أكثر من نصف وقت الرحلة قضته فاطمة وغيرها من المغادرين لدى الجانب الإسرائيلي في إيلات، إذ خضع جميع من هم فوق 16 سنة للتحقيق والتفتيش الإلكتروني واليدوي الذي طاول حتى "الملابس الداخلية"، وفق ما تقول.

وتشير إلى أن المحقق سألها عن منزلها وأقاربها والأوضاع في قطاع غزة، وإن كانت ترى أنفاقاً أو مقار لحركة "حماس".

وتضيف "بدأ ابني بالصراخ، فأكملت التحقيق وهو في حضني. سألوني عن موقفي من السابع من أكتوبر، وعن زوجي وعمله، وطلبوا أن أفتح هاتفي واطلعوا على الصور وسجل المكالمات وقرأوا الرسائل".

"رحلة مرعبة"

كذلك قامت حنان (37 سنة) بالرحلة نفسها مع والدتها. وكلتاهما تحمل الجنسية الإسرائيلية. وصلتا إلى معبر رفح قادمتين من مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول حنان، وهو اسم مستعار أيضاً "كانت الرحلة رعباً. لم نتخيل أن نصل، انتابني شعور أن الحرب أفضل"، مشيرة إلى أن القصف كان متواصلاً من حولهما.

وتضيف "كانت أول مرة أخرج فيها من بيتي منذ بداية الحرب. دمار غير طبيعي، الدنيا كلها مدمرة والشوارع فارغة".

في إيلات، أخذ الإسرائيليون "الشبان للتفتيش مرة واثنتين وثلاثاً. بعدها بدأوا يحققون معنا واحداً تلو الآخر. كان هناك ضغط نفسي لكنني في الوقت ذاته كنت مطمئنة، لأن لا علاقة لي بأي شيء" حصل في غزة.

واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم "حماس" غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي أسفر عن مقتل 1160 شخصاً، معظمهم مدنيون، بحسب تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى آخر الأرقام الرسمية.

ورداً على الهجوم، تعهدت إسرائيل القضاء على الحركة، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف مدمرة أتبعت بعمليات برية منذ الـ27 من أكتوبر، مما تسبب في مقتل 27019 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لـ"حماس".

هاجس الأطفال

وتتحدث فاطمة عن الوضع في قطاع غزة قبل مغادرته قائلة "مقومات الحياة كلها غير موجودة. في البداية قطعت الكهرباء ومن ثم الماء، المحال التجارية خاوية".

وتضيف "عشنا 36 يوماً على المعلبات. اضطررنا إلى شرب الماء المالح، وألواح الطاقة الشمسية كانت بالكاد تكفي لشحن الهواتف".

وتقول حنان "كنا نحصل على الأكل بصعوبة وبمخاطرة. وإن وجد، فالأسعار مضاعفة".

وتقول فاطمة التي تعيش اليوم مع شقيقها وعائلته في منزله في بلدة عربية داخل إسرائيل، "صعب أن يبدأ الشخص حياة جديدة، لكنني مضطرة إلى أن أحاول التأقلم".

أما طفلاها فيعيشان في هاجس القصف. وتقول "يخافان كلما سمعا أزيز طائرة محلقة أو صوت رعد"، مضيفة أن ابنتها زينة "بدأت تصرخ عندما سمعت صوت طائرة وركضت تبحث عني. مرة ثانية اختبأت تحت الغطاء، وأغلقت أذنيها عندما سمعت صوت الرعد".

الدمار النفسي

بحسب "جيشا"، فإن 15 في المئة من سكان قطاع غزة لديهم روابط عائلية مع مواطنين إسرائيليين أو سكان في القدس الشرقية.

وتقول المتحدثة باسم "مسلك" شاي غرنبرغ إن "مئات من الأشخاص الذين يتمتعون بوضع قانوني في إسرائيل غير قادرين على المغادرة إما خوفاً من خوض الرحلة أو رفضاً لترك أزواجهن وأطفالهن غير الإسرائيليين خلفهن".

وينخرط "هموكيد" و"جيشا" في عملية تنسيق معقدة مع الأشخاص المؤهلين للخروج من قطاع غزة نحو إسرائيل، وبعضها يحتاج إلى معارك قانونية.

وتشير غرنبرغ إلى حالة سيدة تحمل الجنسية الإسرائيلية تحاول منذ أسابيع الخروج مع أطفالها الثلاثة أحدهم من ذوي الحاجات الخاصة. وبحسب المتحدثة، فإن رفض إسرائيل دخولهم يتعلق بـ"عدم تسجيلهم بعد في سجل السكان الإسرائيلي".

وتضيف "طلبت السلطات إجراء فحص وراثي لإثبات نسبهم" وأن السيدة والدتهم، لكن هذا المطلب "لا يمكن تلبيته في الظروف الحالية".

وتمكن زوج حنان وأولادها الأربعة من مغادرة القطاع بعدها، وتوجهوا إلى دولة عربية. وتقول "كل يوم أنام وأنا أبكي، خرجنا من الحرب لكننا مدمرون نفسياً".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير