ملخص
يمضي الجيش الإسرائيلي بعملياته العسكرية في مخيمي طولكرم ونور شمس بالضفة الغربية بهدف إجهاض أي نمو للمقاومة المسلحة وضرب الحاضنة الشعبية لها... إليكم آخر التطورات
بعد انتهائه من مخيم جنين في شمال الضفة الغربية، يمضي الجيش الإسرائيلي بعملياته العسكرية في مخيمي طولكرم ونور شمس بمحافظة طولكرم، بهدف إجهاض أي نمو للمقاومة المسلحة وضرب الحاضنة الشعبية لها.
ويفصل شارع نابلس بين مخيمي طولكرم ونور شمس في مدينة طولكرم، واللذين يشهدان اقتحامات متكررة للجيش الإسرائيلي خلال الأشهر الماضية للقضاء على المسلحين فيهما.
وجاء تأسيس مخيم طولكرم للاجئين الفلسطينيين مع نهاية أربعينيات القرن الماضي، وذلك بعد أن طردتهم العصابات الصهيونية من منازلهم القريبة من أراضي المخيم، وبعدها بسنوات انتقل الفلسطينيون من قراهم جنوب حيفا إلى منطقة قريبة من بلدة قباطية شرق جنين تجمعوا فيها عقب طردهم ليؤسسوا مخيمين، الأول هو مخيم جنين، والثاني مخيم نور شمس للاجئين.
كتائب فلسطينية
وبينما يتداخل مخيم طولكرم مع أحياء مدينة طولكرم، فإن مخيم نور شمس يقع على منطقة منفصلة تطل على المدينة التي لا تبعد سوى 15 كيلومتراً عن البحر المتوسط.
وبعد ظهور عدة كتائب مسلحة مقاومة في مخيم جنين، فإن كتائب أخرى من فصائل فلسطينية عدة شكّلت "كتيبة طولكرم" في مخيمي نور شمس وطولكرم.
وأدى اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي يومي الأربعاء والخميس الماضيين مخيمي طولكرم ونور شمس إلى قتل ثمانية شبان فلسطينيين، وإصابة آخرين، وتدمير واسع للمنازل فيهما، وبنيتهما التحتية.
وخلال اقتحامها مخيم طولكرم، فجّرت تلك القوات عدداً من المنازل بعد تفخيخها وإجبار سكانها وأصحاب المنازل المجاورة على إخلائها تحت تهديد السلاح.
وقال شهود عيان إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت مئات الفلسطينيين وأخضعتهم للتحقيق الميداني في مخيم طولكرم، تضمن إهانات وإذلال.
وكسّرت قوات الاحتلال الإسرائيلي العديد من المنازل والمحال التجارية، ودمّرت العشرات من المركبات، وجرّفت شوارع وأزقة أحياء المخيم الـ12.
عبوات ناسفة
وأعلن الجيش الإسرئيلي اكتشاف عشرات العبوات الناسفة المزروعة تحت طرقات مخيم طولكرم، واعتقال أكثر من 15 مطلوباً، بعد تفتيش مئات المباني فيه.
وأشار الجيش الإسرائيلي إلى عثوره على "العديد من الأسلحة، ومختبر لتصنيع المتفجرات، ونقطة مراقبة، قبل تدميرها".
ومع أن الهجمات المسلحة لتلك الكتائب تبقى محدودة في العدد، وحجم الخسائر في صفوف الإسرائيليين، فإن إسرائيل تعمل بخطى متسارعة للقضاء على تلك الكتائب قبل توسع ظاهرتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويأتي ذلك، بعد سلسلة اقتحامات للجيش الإسرائيلي للمخيمين خلال الأشهر الماضية، قتل خلالها عدد من المسلحين والشبان الفلسطينيين، فيما سقط جندي إسرائيلي، وجرح آخرون.
واعتاد الجيش الإسرائيلي إثر تلك الاقتحامات الإعلان عن تدمير مختبرات لتصنيع المتفجرات، ومصادرة أسلحة من المخيمين.
وقالت مصادر فلسطينية لـ "اندبندنت عربية" إن تلك الاقتحامات تمكنت من القضاء على معظم المسلحين في مخيم طولكرم، فيما فشلت في الوصول إلى مسلحي مخيم نور شمس.
رؤية إسرائيلية
ويرى الباحث السياسي سليمان بشارات أن اقتحامات الجيش الإسرائيلي للمخيمات في شمال الضفة الغربية تستهدف تحقيق أهداف عدة، مضيفاً أن الرؤية الإسرائيلية للضفة الغربية تنطلق من ركيزتين، الأولى "أمنية وتهدف إلى إبقاء سيطرة إسرائيل، والقضاء على أي تهديد مستقبلي وذلك بسبب التداخل الجغرافي والديمغرافي بين المستوطنات والبلدات الفلسطينية".
وأوضح بشارات أن "تلك الاستراتيجية تعود إلى ما بعد عام 2002 وعملية السور الواقي العسكرية الإسرائيلية التي شهدت بداية تفكيك المنظومة السياسية الفلسطينية السابقة التي نشأت عن اتفاقية أوسلو".
ووفق الباحث السياسي تتعلق الركيزة الثانية بـ "الرؤية السياسية الإسرائيلية للضفة الغربية التي تعمل على تعزيز الوجود الاستيطاني فيها، عبر زيادة عدد المستوطنات، وإقامة بنية تحتية متكاملة، وكذلك طرق ضخمة مع وضع الفلسطينيين في معازل منفصلة".
وتابع بشارات أن هاتين الركيزتين "تفرضان على إسرائيل ضمان عدم وجود أي هياكل عسكرية فلسطينية يمكن أن تشكل خطراً على الوجود الإسرائيلي، وهو ما يؤدي إلى كسر للقاعدة التي نشأت بعد عام 2002"، لافتاً إلى أن الجيش الإسرائيلي يمارس "عنفاً وتدميراً بشكل مبالغ فيه على أمل ضرب الحاضنة الشعبية لجماعات المقاومة المسلحة، وعدم تشكيلها عنصراً ملهماً لبقية مدن الضفة الغربية بخاصة في وسطها وجنوبها".
وقال بشارات إن إسرائيل تعمل على "وأد كامل للتجربة، حتى لو استخدمت القوة الكبيرة، كاستعمال المُسيّرات، وقتل المدنيين، وتدمير المنازل".
تعاطف شعبي
وعن إمكانية نجاحها في ذلك، تابع بشارات قائلاً "يبدو أن إسرائيل تحقق ما تريد، إلا أنه استدرك بالقول إن التجربة الفلسطينية تشير إلى أنه كلما استخدمت القوة العسكرية ضد الفلسطينيين، فإن ذلك يُولّد حالة عامة تدفع الشبان إلى الإلتحاق بالمقاومة المسلحة ضد الاحتلال".
ويأتي انسداد الأفق السياسي وتراجع الحالة الاقتصادية، وتقطيع أوصال المدن والقرى الفلسطينية كعامل مساعد في تأييد العمل المقاوم، وفق بشارات، الذي لفت إلى أن "العمل المقاوم قبل سنوات كان يُقابل برد فعل شعبي فلسطيني معارض، على عكس الوضع الحالي بسبب الإجراءات الإسرائيلية التنكيلية ضد الفلسطينيين".
من جهته، يرى المحلل السياسي جهاد حرب أن حجم الاقتحامات للمخيمات الفلسطيينة في شمال الضفة الغربية، وما يُسببه من تدمير هائل للمنازل والبنية التحتية يهدف إلى "منع أي تعاطف شعبي مع حركات المقاومة، وتدفيع الفلسطينيين ثمناً باهظاً لتلك العمليات المسلحة".
ووفق حرب فإن "تلك القوة العسكرية الهائلة تهدف أيضاً إلى ضرب إمكانية أن تشكل الكتائب المسلحة في شمال الضفة الغربية نموذجاً مُلهماً لوسط الضفة وجنوبها".