Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب... حتمية إجراء تعديل حكومي لإنجاح المسار التنموي الجديد

المرحلة المقبلة تتطلب نخباً مختارة من الكفاءات

الحكومة المغربية تجري مشاورات مع الأحزاب بهدف إجراء تعديل وزاري (موقع رئاسة الحكومة)

يقوم رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني بمشاورات مع زعماء أحزاب بهدف إجراء تعديل وزاري، بعدما طلب الملك المغربي محمد السادس من رئيس الحكومة، ضمن خطاب العرش في  29يوليو (تموز) الماضي، إجراء تعديل حكومي قبل الدورة التشريعية المقبلة التي تنطلق خلال الجمعة الثانية من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

ظرفية خاصة

يعيش المغرب على وقع اطلاق نموذج تنموي جديد اعتُبِر أن نجاحه مرتبط بوجود نُخب سياسية وكفاءات جيدة، واعتبر الملك المغربي أن المرحلة الجديدة ستعرف جيلاً جديداً من المشاريع، ولكنها ستتطلب أيضاً نخبة جديدة من الكفاءات، في مختلف المناصب والمسؤوليات، وضخ دماء جديدة، على مستوى المؤسسات والهيئات السياسية والاقتصادية والإدارية، بما فيها الحكومة. وأضاف "وفي هذا الإطار، نكلف رئيس الحكومة بأن يرفع لنظرنا، في أفق الدخول المقبل، مقترحات لإغناء وتجديد مناصب المسؤولية، الحكومية والإدارية، بكفاءات وطنية عالية المستوى، وذلك على أساس الكفاءة والاستحقاق، وهذا لا يعني أن الحكومة الحالية والمرافق العمومية، لا تتوفر على بعض الكفاءات، ولكننا نريد أن نوفر أسباب النجاح لهذه المرحلة الجديدة، بعقليات جديدة، قادرة على الارتقاء بمستوى العمل، وعلى تحقيق التحول الجوهري الذي نريده".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ضرورة التعديل

وشدد محللون على أهمية التعديل الحكومي لإنجاح المسار التنموي الجديد، وخلُص المحلل السياسي محمد بودن في حديث لـ "اندبندنت عربية" إلى أن ذلك التعديل اصبح أمراً حتمياً لأنه يتبين من خلال النظر في تشكيلة أعضاء الحكومة أن السمة الغالبة هي وجود سياسيين منغلقين على ذواتهم، ويضيف "تتأكد هذه الحتمية  بعدما فرض الأمر الواقع نفسه وتأخرت ورش كبرى لا تقبل الانتظار ولا التأجيل، وتبين أن مكونات الحكومة تفكر بشكل مكثف في الانتخابات المقبلة، علاوة على أن عدداً من أعضاء الحكومة لم يعد بإمكانه الاضطلاع بدور فعال في المرحلة الجديدة التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير".

واعتبر المحلل السياسي أن "المرحلة الجديدة تتطلب من جهة توسيع قاعدة رجال الدولة باستقطاب كفاءات ونخب جديدة، ومن جهة ثانية التسريع في الإنجاز والعمل، ولذا فرئيس الحكومة أثناء شروعه في حصر قائمة المقترحات التي سيتم رفعها لجلالة الملك يجب أن يستحضر عنصرين أساسيين، وهما المصالح العليا للمغرب والكفاءة، والابتعاد قدر الإمكان عن الاستجابة لمصالح الأحزاب والأشخاص".

ملاحظات

من جانبه، أشار الباحث في قضايا الجماعات الإسلامية بلال التليدي لـ "اندبندنت عربية"، إلى وجود تساؤلات بخصوص خلفيات التعديل الحكومي المرتقب، باعتبار اقتراب موعد الانتخابات المزمع إجراؤها بعد سنتين.

وخلص التليدي إلى أن "تبرير الخطاب المعلن للدولة يربط ضرورة التعديل الحكومي بحاجة البلاد إلى كفاءات عالية تكون في مستوى توجهات اللجنة الخاصة لبلورة المشروع التنموي الجديد، وأن رئيس الحكومة، بحسب ما يُفهم من خلال بعض تصريحاته، استنتج من خطاب الملك ضرورة تقليص عدد الوزراء في الحكومة، وإنهاء اللاتفاهم بين الوزراء وكتاب الدولة، وتغيير وزراء في بعض القطاعات بسبب عدم ارتياح الملك لطريقة عملهم، وضرورة إقحام كفاءات عالية".

وأشار التليدي إلى وجود ملاحظتين بهذا الخصوص، الأولى أن ثمة فرقاً بين طبيعة التعديل الحكومي المرتقب والتعديل الحكومي السابق الذي تم في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2017، وقال "إن التعديل الأول جاء في سياق إعفاء وزراء من مناصبهم، بينما كان بلاغ الديوان الملكي واضحاً بضرورة تعويض المناصب الشاغرة بوزراء جدد، في حين لم يتضمن الأمر بالتعديل الحكومي الوارد في خطاب العرش الأخير أي إشارة إلى طبيعته، وتخص الملاحظة الثانية سياق طرح التعديل الحكومي، فعلى الرغم من كون التعديلين جاءا عقب تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، إلا أن السابق جاء على خلفية حراك الريف، وتقرير المجلس الأعلى للحسابات بخصوص تقييم متابعة الوزراء لتنفيذ مشاريع المشروع الملكي "الحسيمة منارة المتوسط".

وتابع أن التعديل الثاني جاء عقب تقرير لمحافظ البنك المركزي، أشار فيه إلى معطيات سلبية بخصوص المؤشرات الاقتصادية والمالية، جعلت ملك البلاد يطالب بصياغة نموذج تنموي جديد، وبضرورة أن تواكبه نخب وزارية جديدة قادرة بكفاءتها على إنجازه".

ضرورة تغيير أسس الاختيار

يدعو مختصون إلى ضرورة تغيير طريقة اختيار الوزراء بهدف تغيير طرق التدبير السياسي، وذلك من أجل ضمان النجاعة في تدبير المشاريع والمخططات، لإنجاح المشروع التنموي الجديد الذي يراهن عليه المغرب، ويشدد المحلل السياسي محمد بودن على حاجة المغرب الملحة في هذه المرحلة لإعادة النظر في الأسس المعيارية لاختيار أعضاء الحكومة، فإذا كان تجديد النموذج التنموي أصبح الأولوية الكبرى للمرحلة، فإنه لا يعقل أن يقوم بتفعيله وزراء بعقليات قديمة، ولذلك فالهدف من التعديل المرتقب يفترض أن يكون هو الاستمرار في تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة على جميع المسؤولين مهما بلغت درجاتهم أو انتماءاتهم، وكذلك تطوير طرق العمل وتوفير أرضية نجاح المرحلة الجديدة فضلاً عن تغيير العقليات وتجديد النخب.

ويضيف بودن "أعضاء الحكومة المعنيين بالتعديل المرتقب هم من جرى تسجيل التأخر في إنجازهم للورش الكبرى وعدم قدرتهم على التخطيط، ومن ظلت قطاعاتهم غارقة في التحفظ والانغلاق السلبيين، علاوة على القطاعات التي طبعت عملها الأنماط الانتقائية وغياب النجاعة المؤسساتية وضعف الأدوار الاجتماعية، فضلاً عمن ليس لهم دور في الحكومة والمجال العام، لقد وضع الملك محمد السادس في أكثر من خطاب وأكثر من مجلس وزاري الحكومة أمام مسؤولياتها، واستفسر عدد من الوزراء بشأن قضايا عدة ذات أولوية، علاوة على عقده جلسات عمل عدة بشأنها، ولذلك فأي تعديل مرتقب سيكون مقدمة لنشر الوعي بضرورة تطوير طرق العمل وتغيير العقليات التي تحول دون تحقيق الإقلاع المنشود".

تكتم

تُحاط المشاورات التي يجريها رئيس الحكومة المغربية بشأن التعديل الحكومي بسرية تامة، وربط بلال التليدي ذلك التكتم بحساسية الموضوع، باعتبار صعوبة المهمة حين يكون القصد من التعديل تقليص عدد الوزراء، والاستغناء عن بعضهم، إضافة إلى تفويض الأمناء العامين للأحزاب بالبحث عن كفاءات من داخل الحزب أو من خارجه.

واعتبر التليدي أن تلك الصعوبة يشير إليها معطيان، أولهما تأخر المشاورات، فرئيس الحكومة فضل لقاء أمناء الأحزاب بشكل ثنائي بعيداً من الغالبية الحكومية، آخذاً في الاعتبار مجمل الإكراهات المرتبطة بآلية التعديل الوزاري، وثانيهما أن حزبين فقط من تحدثا عن موضوع التعديل، العدالة والتنمية بإجمال في تصريح نائب الأمين العام للحزب، أوضح فيه أن قيادة الحزب "استحضرت الرهانات التي أكدها الخطاب الملكي لعيد العرش وتقدمت بأفكار ومقترحات قاربت الهيكلة وشروط تحقيق نجاعة أكثر في العمل الحكومي، والتقدم والاشتراكية من خلال خروج سياسي قوي وضع فيه مقاربته للتعاطي مع موضوع التعديل الحكومي، واشترط أن يندرج ضمن ضخ نفس ديمقراطي جديد".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي