Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل فوز "أوبنهايمر" في غولدن غلوب مؤشر إلى عودة الأفلام الذكورية لهوليوود؟

هيمن فيلم السيرة الذاتية للمخرج كريستوفر نولان على جوائز المهرجان ليكون بذلك منافساً رئيساً عام 2024. العمل الذي تبلغ مدته 3 ساعات هو في جوهره "فيلم مخصص للرجال" وتجسيد لكل الأشياء التي تحاول مسابقة الأوسكار التخلي عنها لسنوات

قنابل للذكور: كيليان ميرفي في فيلم "أوبنهايمر" (يونيفرسال)

ملخص

 هناك من يجادل بأن "أوبنهايمر" هو فيلم موجه للرجال. ربما تعززت هذه الفكرة بسبب المقارنة الغريبة والمنتشرة على نطاق واسع مع فيلم "باربي" ذي البطولة النسائية، مما عرض فيلم نولان لتدقيق مكثف بمجهر الجندرية

يبرز فيلم "أوبنهايمر" باعتباره المرشح الأوفر حظاً في موسم الجوائز لهذا العام. بعد فوزه المذهل بخمس جوائز "غولدن غلوب" الأسبوع الماضي، عززت دراما كريستوفر نولان القوية التي استمرت ثلاث ساعات تقدمها نحو جوائز هذا العام ضد منافسين من أمثال فيلم السيرة الذاتية "مايسترو" Maestro عن الموسيقي ليونارد بيرنستاين والكوميديا النابضة بالحياة المستوحاة من دمية "باربي" Barbie. إذا كان عام 2024 هو عام "أوبنهايمر"، فسيكون ذلك بمثابة انتصار مستحق بسبب عمقه وذكائه وإبداع صنعه، فهو أجود ما قدمه نولان في مسيرته المهنية وكذلك بطله كيليان ميرفي الذي يقوم بدور مبتكر القنبلة الذرية جيه روبرت أوبنهايمر. ومع ذلك هناك شعور غريب بالرجعية والعودة للوراء يرافق فوز "أوبنهايمر".

 هناك من يجادل بأن "أوبنهايمر" هو فيلم موجه للرجال. ربما تعززت هذه الفكرة بسبب المقارنة الغريبة والمنتشرة على نطاق واسع مع فيلم "باربي" ذي البطولة النسائية، مما عرض فيلم نولان لتدقيق مكثف بمجهر الجندرية. وعلى رغم أن ادعاء كون فيلم نولان "عملاً للرجال" قد يكون تبسيطياً، إلا أنه يبدو أن هناك بعض الحقيقة في هذا المنظور.

يقدم "أوبنهايمر" عدداً قليلاً من الشخصيات النسائية وبالكاد يتم تسليط الضوء عليها: على سبيل المثال، لا تظهر كيتي أوبنهايمر التي تجسدها إميلي بلانت كشخصية مكتملة الأبعاد أبداً، بينما لا يُستغل ظهور فلورنس بيو على الشاشة كما يجب في دور جين تاتلوك "امرأة أوبنهايمر الأخرى". في المقابل، فإن قائمة الشخصيات الذكورية المهمة عميقة ولامعة. يحتل ميرفي موقع الصدارة في فريق تمثيلي يضم روبرت داوني جونيور ومات ديمون وجوش هارتنت وكيسي أفليك وجيسون كلارك وديفيد كرامهولتز ورامي مالك وماثيو مودين وغاري أولدمان وكينيث براناه.

مواضيع "أوبنهايمر" التي تتمحور حول صنع القنابل الذرية والجوانب المظلمة للحرب، تعتبر أيضاً مواضيع موجهة تقليدياً للذكور. هذا المزيج من طاقم الممثلين الذي يغلب عليه الذكور وتركيز الفيلم على الحرب والأسلحة يعزز تصنيفه على أنه "فيلم ذكوري" نموذجي، وهو نوع يجذب تقليدياً الجماهير الذكور الأكبر سناً.

تاريخياً، كثيراً ما كانت الأفلام المشابهة لـ "أوبنهايمر"- الضخمة من حيث الإنتاج والجادة في اللهجة والتي تركز على مواضيع ذكورية تقليدياً- مرشحة رئيسة للفوز بالجوائز. وفي سبعينيات القرن الـ20، كان هذا الاتجاه واضحاً، مع فوز إنتاجات مثل "باتون" Patton و"الرابط الفرنسي" The French Connection و"العراب" The Godfather و"اللدغة" The Sting و"العراب الجزء الثالث" و"الطيران فوق عش الوقواق" One Flew Over the Cucko’s Nest و"روكي" Rocky بأرقى الجوائز على مدى سبعة أعوام متتالية.

لكن هذا النهج، لم يعد معمولاً به بالطريقة نفسها. خلال السنوات الأخيرة، شهدنا تغييراً في تركيبة الفائزين بجوائز الأوسكار، وهو تغيير يعود لتوسع وتنوع قاعدة المصوتين في الأكاديمية. تشمل مجموعة التطورات المهمة: فوز أول فيلم ناطق بلغة أجنبية بجائزة أفضل فيلم (Parasite "طفيلي" الكوري الجنوبي) وحصول أول امرأة آسيوية على جائزة أفضل مخرج (كلوي جاو عن فيلم "أرض الرُّحَّل" Nomadland) وفوز أول ممثل أصم بجائزة (تروي كوتسور عن فيلم "كودا" CODA).

يتزايد التصور بأن جوائز الأوسكار، على رغم محدوديتها كمقياس نهائي لأفضل الأفلام لهذا العام، تحتضن تدريجاً مجموعة أوسع وأكثر حداثة من الأفلام. إذا فاز فيلم "أوبنهايمر" بجائزة أفضل فيلم، فسيكون ذلك بمثابة خروج عن الاتجاه الحالي المتمثل في تكريم مزيد من الأفلام غير المتوقعة مثل "أرض الرُّحَّل" و"طفيلي" و "كل شيء، في كل مكان، دفعة واحدة" Everything Everywhere All at Once.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هناك أيضاً شيء من التضخيم في اقتراح أن "أوبنهايمر" يمثل نوعاً من الأفلام التي تشبه في أسلوبها مسلسل "إنتوراج" Entourage الذي يتناول قصص الصداقة والحياة الاجتماعية بين الرجال بصورة فضفاضة. وعلى رغم كل الانتقادات الموجهة إلى دور بلانت في الفيلم (وُصفت في إحدى التغريدات التي لا تنسى بـ "كأس مارتيني حية") إلا أن هناك قيمة وتعقيداً في أدائها. قرب نهاية الفيلم، في أحد المشاهد الكثيرة التي تم تصويرها خلال جلسة الاستماع الأمنية التي خضع لها أوبنهايمر عام 1954، تُمنح بلانت فرصة للتألق، وقد استغلتها بصورة جيدة جداً.

تبدو مواجهتها الحاسمة والمفاجئة لمحققي الحكومة، غير متوقعة وفاعلة وتصبح في النهاية واحدة من أكثر تسلسلات المشاهد تأثيراً ورسوخاً في الذاكرة. في حين أن هناك مشكلات حقيقية ومشروعة للغاية في ما يتعلق بسياسة "أوبنهايمر" المتعلقة بالجندرية، إلا أن هناك مبالغة بالتأكيد في الانتقادات الموجهة لشخصية كيتي أوبنهايمر.

عند أخذ كل هذه الأمور في الاعتبار، سيكون من السخافة أن يعيب أحد على "أوبنهايمر" نجاحه. يعد الابتعاد الذي شهدته الفترة الأخيرة من الأنماط التي يهيمن عليها الذكور في الصناعة تصحيحاً ضرورياً للتحيز الجنسي الذي ساد الصناعة لقرن من الزمن، لكن يجب أن يكون هناك دائماً مكان لأفضل الأفلام التي تركز على الرجال. بالنظر إلى جميع معايير صناعة السينما التقليدية تقريباً، من الكتابة والتمثيل، ومروراً بالتحرير والإخراج وتصميم الصوت والتصوير السينمائي يعد "أوبنهايمر" إنجازاً متفوقاً.  وعلى رغم وجود أفلام رائعة أخرى هذا العام التي لا تناسب القالب الرجولي، مثل دراما المحاكم المكثفة "تشريح سقطة" Anatomy of a Fall للمخرجة جاستين تريت، لكن لم يتفوق أي منها بصورة قاطعة على عمل نولان.

في حال اكتسح "أوبنهايمر" موسم الجوائز، فإن رؤية ذلك قد لا تكون شيئاً مثالياً في ظاهرها، لكن من الصعب الجدال ضد تفوقه. كذلك سيكون انتصاراً لعمل حقق شعبية كبيرة، إذ وصل إلى المرتبة الثالثة في قائمة أكثر الأفلام رواجاً عام 2023 وكسب أكثر من مليار دولار، في حين يرى كثيرون نولان من أبرز صناع الأفلام الناجحة في جيله وشخصاً جديراً بتقدير النقاد المتأخر كثيراً.  لكن هل من الممكن اعتباره عودة متوقعة للنهج التقليدي المتمثل في الأفلام الذكورية؟ ربما، لكنه حتى في هذه الحالة ما زال عملاً يستحق الفوز.

© The Independent

المزيد من سينما