Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تزاحم على قطعة من "كعكة" الساحل الأفريقي

مراقبون يرصدون تحركات دينية وأمنية لطهران و"لوموند" تصف الوضع بهجوم دبلوماسي غير مسبوق

دائرة الاهتمام الإيراني بالساحل الأفريقي شملت مالي وبوركينافاسو والنيجر (أ ف ب)

ملخص

تستقوي إيران بالوجود الروسي في الساحل الأفريقي لوضع قدم لها بالمنطقة الاستراتيجية في مواجهة النفوذ الغربي

دفعت إيران بتحركات دبلوماسية جديدة مكثفة بهدف تكريس حضورها في منطقة الساحل الأفريقي التي تشكو أزمات أمنية وسياسية في خطوة تعكس لحاق طهران بركب العواصم المتزاحمة على هذه المنطقة.

أحدث ظهور لطهران في المنطقة تجسد في مباحثات دبلوماسية أجراها السفير الإيراني لدى باماكو حسين تاليشي صالحاني، مع رئيس الكونفيدرالية الوطنية للعمل المالي العقيد مالك دياو، ثم مع وزير الدفاع الذي يعتبر أحد أبرز الرجال الأقوياء في المجلس العسكري الانتقالي المالي العقيد ساديو كامارا.

وإثر هذه اللقاءات بساعات، أعلن المجلس العسكري الانتقالي في مالي تدشين مركزين إيرانيين في البلاد الأول تحت مسمى "كلية جامعة إيران"، والثاني مركز تقني لابتكار تكنولوجيا المعلومات.

وسعت إيران منذ أشهر إلى فتح نوافذ دبلوماسية وعسكرية مع دول الساحل الأفريقي، إذ سبق وزار وزير الخارجية أمير عبداللهيان في عام 2022 مالي، وأجرى مباحثات هناك في ذروة الأزمة التي تشهدها البلاد جراء انقلابين عسكريين عرفتهما وأنهيا حضور فرنسا العسكري والدبلوماسي.

ثقل إيراني

التحرك الإيراني صوب الساحل الأفريقي ليس وليد اللحظة، فمنذ أشهر أبدت طهران اهتماماً لافتاً بهذه المنطقة التي قوض فيها بشكل كبير حضور الغرب الذي كانت تمثله فرنسا، وذلك بعد انقلابات عسكرية ورفض شعبي واسع.

وكان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، التقى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وزير الخارجية النيجري المعين من المجلس العسكري، بكاري ياو سانغاري. ورحب رئيسي بما سماها مقاومة الشعب النيجري لسياسات الهيمنة الأوروبية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ووصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية، في تقرير لها، الحراك الإيراني في الساحل الأفريقي بـ"هجوم دبلوماسي غير مسبوق".

واعتبر الباحث السياسي المالي، حمدي غوارا، أن "فتح المركزين والمباحثات الدبلوماسية يدلان على مستوى التقارب بين البلدين وإن كانت إيران تستغل الوضع الأمني لتقديم خبراتها العسكرية إلى مالي، وهذا التقارب منذ مجيء العسكر هو الذي أدى إلى فتح هذا المجال الناعم لطهران على الرغم من وجودها بالفعل وبشكل واضح في السنوات الـ20 الأخيرة".

واستدرك غوارا في حديث لـ"اندبندنت عربية" بالقول "لكن تدشين الجامعتين يتميز بأن إحداهما مخصصة للتكنولوجيا العسكرية وهي الأولى من نوعها في المنطقة التي تقيمها إيران... ولا شك أن الجميع يرحب بتلك الخطوة التي تتعلق بأمن الدولة وبما يسهم في سد الفراغ الموجود في الوقت الراهن". 

أضاف، "بينما الجامعة الثانية لا نعلم طبيعتها ولا ندري هل هي دينية أم لا؟ لكن مهما كان الأمر فإن المجتمع المالي في غالبيته سني ويرفض الفكر الشيعي".

وفي ظل التنافس المحموم بين قوى بارزة مثل تركيا التي سلمت أخيراً لمالي طائرات مسيرة من طراز "بيرقدار" أو روسيا التي لها حضور على الأرض عبر القوات المرتزقة "فاغنر"، فإنه من غير الواضح فرص نجاح إيران في فرض وجودها في منطقة الساحل.

وقال غوارا إن "إيران تستغل كل حدث للاستفادة منه من خلال التقارب مع هذه الدول الساحلية التي أخذت على عاتقها طرد المستعمر الفرنسي إضافة إلى أنها تعلم أن هذه الدول لن ترفض عروضها في الظروف الحالية، وبخاصة أن هذه الدول تعتمد سياسة الاستقلالية السياسية والدبلوماسية حالياً".

وتابع، "ولذلك فمن الطبيعي أن تكثف إيران وجودها السياسي وثقلها الدبلوماسي في ظل الفراغ الموجود من الدول العربية السنية الكبرى، وهذه العلاقات ستتعزز في المستقبل في اعتقادي".

استقواء بروسيا

تطورات تأتي في وقت تسعى فيه المجالس العسكرية الانقلابية في الساحل الأفريقي إلى فك عزلتها، لكن الأهم تحقيق مكاسب ميدانية في مواجهة الجماعات الإرهابية مما جعلها تتكئ على روسيا التي أصبحت حليفاً موثوقاً به في هذه المنطقة.

وقال الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، سلطان ألبان، إنه "أينما توجد روسيا في أفريقيا سنجد إيران، فطهران تحاول استغلال الفراغ الفرنسي وتستقوي بحليفتها موسكو من أجل مواجهة النفوذ الغربي في القارة".

 

 

وأردف ألبان في تصريح خاص أن "اهتمام إيران الآن بالنيجر وبوركينافاسو ومالي أبرز دليل على ذلك، كما أن هذا الاهتمام المتزايد تعكسه جولة إبراهيم رئيسي في دول كينيا وغامبيا وزيمبابوي، التي تحمل إشارة واضحة لجهود توسيع الحضور الإيراني في جميع مناطق القارة الأفريقية".

ولفت الانتباه إلى أن "هناك زيارات مكوكية لمالي وبوركينافاسو من قبل مسؤولين إيرانيين، وهناك تواصل قائم الآن بين نيامي وطهران، بالتالي تدشين هذين المركزين يعد بمثابة تدشين علاقات رسمية بين طهران وباماكو عبر البوابة التعليمية، ولا أستبعد أن تقدم إيران في المرحلة المقبلة دعماً عسكرياً لمالي وإن كان سرياً".

ويربط كثيرون محاولات إيران للتسلل إلى أفريقيا باستخدامها لأدوات ناعمة مثل "التشيع" عبر فتح مراكز دينية في دول هذه القارة وغير ذلك.

وقال سلطان ألبان، إن "الاهتمام بالتعليم في اعتقادي مرتبط بمساعي إيران لتكريس نفوذها عبر التشيع حيث توجد لها مدارس في غانا ونيجيريا وسيراليون وغينيا وعادة ما تكون البوابة الدينية والتعليمية والسلاح هي بوابات تستخدمها طهران للتغلغل في القارة الأفريقية".     

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير