Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما قصة الذهب الفلسطيني الذي طلب عرفات استرداده من بريطانيا؟ (2 – 3)

"منظمة التحرير" كانت تنوي ملاحقة الحكومة البريطانية بسبب أصول مالية معينة يُزعم أنها مملوكة لحكومة الانتداب ولندن تنفي وجودها

الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في لندن 4 يونيو 1996 (أ ف ب)

في الحلقة السابقة ذكر التقرير البريطاني أن الدول الغربية مارست ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية عام 1993، لحثها على الوفاء بالتزاماتها تجاه منظمة التحرير الفلسطينية، بخاصة تلك البنود المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين، وأن وزير خارجية سوريا فاروق الشرع أخبر نظيره الأميركي وارن كريستوفر بأن غالبية اللاجئين الفلسطينيين "قد يرفضون" العودة إلى أوطانهم إذا توافرت لهم الفرصة.

ويشير تقرير مدوّن من قبل إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية إلى زيارة أحد كبار السلك الدبلوماسي البريطاني الأردن وإسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة في الفترة من الـ 16 إلى الـ 22 من أكتوبر (تشرين الأول)، إذ يصف الدبلوماسي البريطاني هذه الزيارة بـ"الناجحة". كما تستعرض الوثيقة قضية عودة المهجرين الفلسطينيين ومناقشتها مع المسؤولين في الأردن.

اللاجئون الفلسطينيون وفكرة العودة

يشير التقرير على لسان مسؤول أردني إلى أن السلطات الأردنية لم تكن لديها "توقعات كثيرة بأن أعداداً كبيرة من النازحين عام 1967 في المخيمات الأردنية سوف يرغبون في العودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة".

ويعتقد المسؤول "أن 20 في المئة إلى 30 في المئة من النازحين سيرغبون في العودة في نهاية المطاف. لكنه لم يتوقع اندفاعهم. وكان من المرجح أن ينشئ بعض الفلسطينيين في البداية مشروعاً تجارياً في الضفة الغربية أو الحصول على منزل هناك، لكنهم سيحتفظون بإقامتهم في الأردن، على الأقل حتى يروا كيف يتطور اقتصاد الضفة الغربية".

 

ويضيف التقرير، "تفاوض الأردنيون مع الفلسطينيين على ورقة لإنشاء منطقة تجارة حرة تشمل إسرائيل والأراضي المحتلة والأردن. كان الأردنيون سعداء بذلك، لكنني علمت في ما بعد أن (أبو علاء) تعرض لانتقادات، بسبب ذلك من قبل عرفات الذي شعر أنه قدم الكثير، وحصل على القليل في المقابل. ويبدو أن الإسرائيليين الذين تحدثت إليهم مستعدون لفكرة السماح بدخول المنتجات الزراعية من الضفة الغربية إلى إسرائيل برسوم جمركية أقل أو من دون تعريفات جمركية. لكن ستكون هناك مشكلات في ما يتعلق بالسلع الصناعية والمعايير التي لن ترغب إسرائيل في الوقوع في خطأ المفوضية الأوروبية بشأنها".

إحالة عدد من القيادات في تونس إلى التقاعد

وحول المناطق الفلسطينية والديمقراطية يضيف موفد دائرة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية في تقريره الدبلوماسي، "التقيت سفير منظمة التحرير الفلسطينية في الأردن وحنان عشراوي وفيصل الحسيني وحيدر عبد الشافي في الأراضي المحتلة. إضافة إلى التقدم المحرز في المحادثات بشأن الوصول إلى القدس بين فيصل الحسيني ووزير الشرطة الإسرائيلي، يبدو أنه كانت هناك بعض المناقشات حول نظام ضريبي متمايز للفلسطينيين في القدس الشرقية، وتدابير أخرى للحكم الذاتي في القدس. التي قد تخضع في النهاية لنائب رئيس البلدية الفلسطيني. تبدو مثل هذه المناقشات واقعية إلى حد يصعب تصديقه: وأتساءل ما إذا كان عرفات لن يخشى أن يقبل الحسيني الموقف الإسرائيلي المبدئي بشأن القدس بحكم الأمر الواقع في مرحلة مبكرة للغاية".

 

ويضيف، "من الواضح أن هناك كثيراً من النقاش الداخلي الفلسطيني حول هذا الموضوع، كل من رأيناهم في الأراضي المحتلة كانوا مصرين على وجوب إجراء الانتخابات بحلول يوليو (تموز) المقبل، كما هو منصوص عليه في إعلان المبادئ. لكن حنان عشراوي على وجه الخصوص قالت إنه لم يقتنع جميع الموجودين في تونس بذلك. وتساءل البعض كيف سيتم الحفاظ على مناصبهم بعد الانتخابات. وبشكل أعم، كان السؤال المطروح: من أين ستأتي السلطة الشرعية بعد الانتخابات؟ فهل سيكون الحكام الفلسطينيون الحقيقيون إذا هم المنتخبون أم غير المنتخبين في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية؟ كان اقتراح حنان عشراوي هو إمكانية إحالة عدد من القادة القدامى في تونس إلى التقاعد وجعلهم أعضاء في مجلس الشيوخ".

ضرائب الفلسطينيين العاملين في الكويت ودبي

خلال زيارته إلى بون يومي السابع والثامن من ديسمبر (كانون الأول) كرر عرفات نداءه للحصول على مساعدة مالية من إخوانه العرب، من بين آخرين. ويقول التقرير "بناء على طلب عرفات السابق إلينا، طرحنا مع دول الخليج مسألة الأموال الفلسطينية المحتجزة هناك. ونفت الحكومتان الكويتية والسعودية احتفاظهما بأموال فلسطينية. وفي دبي لا يزال الأمر قيد النظر. ومن الممكن أن يجري النظر فيه في قمة مجلس التنسيق الخليجي في الـ 20 من ديسمبر".

 

وبشكل عام، فإن دول الخليج "مترددة في تمويل منظمة التحرير الفلسطينية بشكل مباشر، لكنها قد تساعد المشاريع في الأراضي المحتلة. وإذا سأل عرفات، فيمكننا أن نؤكد له أننا أثرنا الموضوع كما طلب منه، ونقترح عليه أن يتابع الأمر مباشرة. ونقلت الصحافة عن منظمة التحرير الفلسطينية في نهاية الأسبوع قولها إن عرفات سيطلب من بريطانيا إعادة الذهب الفلسطيني، الذي احتفظ به منذ الانتداب. ونعتقد أن هذه إشارة إلى مجلس وصندوق النقد الفلسطيني. لم يحتفظ المجلس أبداً بأي ذهب".

ذهب وأصول مالية فلسطينية في بريطانيا

"في أغسطس (آب) 1993، ذكرت صحيفة أردنية أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت تنوي ملاحقة الحكومة البريطانية بسبب أصول مالية معينة يُزعم أنها مملوكة لحكومة الانتداب. ويعتقد أن هذه إشارة إلى مجلس النقد الفلسطيني (PCB). ولم يثر عرفات هذا الموضوع في أثناء زيارة السيد هوغ إلى تونس في أكتوبر، لكنه لم يفعل ذلك في أثناء زيارته للمملكة المتحدة".

وتأسس مجلس تنسيق العملة في عام 1926، تحت إشراف وزير الدولة لشؤون المستعمرات، لإصدار وإدارة وإعادة عملة فلسطين. وفي عام 1952، جرى الانتهاء منه بعد اتفاقيات مع إسرائيل والأردن، الدولتين الوريثتين، بشأن المسائل المالية العالقة من الانتداب. وجرى استبداله بصندوق العملة الفلسطيني (PCF) الذي كانت وظيفته إعادة قيمة أي عملة لفلسطين في عهد الانتداب ومقدمة لهذا الغرض.

 

وتولى وزير الخارجية مسؤولية صندوق العملة الفلسطيني، على رغم أن إدارة العملية كانت تقع على عاتق وكلاء التاج. وفي عام 1986 جرى حل صندوق العملة الفلسطيني، بعد أن هبطت معدلات الاسترداد السنوية للعملة إلى ما دون المستوى، التي لا تبرر الاحتفاظ به. وكانت أصول الصندوق نحو 372 ألف دولار، وهو ما يزيد قليلاً على القدر الكافي لاسترداد العملة المتبقية، إلى الصندوق الموحد.

وتشير الوثيقة إلى أن "المستشارين القانونيين ارتأوا أن الأموال التي دفعها مجلس التنسيق الفلسطيني لحساب الحكومة الفلسطينية لدى وكلاء التاج في الفترة من 1949 إلى 1950 كانت تتعلق بالتزامات تلك الحكومة، مما يحول دون مطالبة منظمة التحرير الفلسطينية".

الكويت: "لا توجد أموال مستحقة لتسليمها للفلسطينيين"

وتشير وثيقة أخرى صادرة عن قسم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية البريطانية في الـ 22 من سبتمبر (أيلول) 1993، إلى طلب وزير الخارجية النصيحة بشأن النقاط التي طرحها عرفات على السفير البريطاني في تونس وهي: "هل يمكننا المساعدة في استرداد ضرائب الـ 5 في المئة المفروضة على الفلسطينيين المقيمين في الكويت ودبي؟ هل يمكننا المساعدة في تدريب الفلسطينيين، بخاصة الشرطة؟ هل من المحتمل أن تكون هناك دعوة لعرفات لزيارة بريطانيا؟".

 

وتلفت الوثيقة إلى أن الكويتيين قالوا إنه "لا توجد أموال مستحقة لتسليمها للفلسطينيين. لقد دفعوا الضريبة البالغة 5 في المئة حتى حرب الخليج، لكنهم لم يفعلوا ذلك منذ ذلك الحين. وأعداد الفلسطينيين الذين يعملون الآن هناك قليلة. ونعتقد أن عرفات يعلق آماله على دبي أكثر من الكويت، كما يطلب من الدول الخليجية الأخرى اتخاذ إجراءات مماثلة إذا اعتقدت أن الحكومات المضيفة لها لا تزال تحجب الأموال التي جرى جمعها نيابة عن منظمة التحرير الفلسطينية".

وأضاف الكويتيون، بحسب الوثيقة، "نحن ندرس إمكانية تقديم تدريب للشرطة، وقد اتصل بنا الفلسطينيون بشأن هذا الأمر في يونيو (حزيران)، لقد قدمنا ​​رداً غير ملزم في ذلك الوقت، لأن التدريب كان سابقاً لأوانه. ويقوم الأردنيون والمصريون بالفعل بتدريب الفلسطينيين على تقنيات الشرطة الأساسية، ومن الأفضل أن يجري توجيه المساهمة البريطانية نحو الإدارة العليا وتدريب المدربين والتقنيات المتخصصة مثل التخلص من القنابل. تقوم ODA بالتشاور مع وزارة الداخلية بشأن الدورات التدريبية المتاحة، وما إذا كان من الممكن فعل ذلك".

عرفات يحاول أن يمسك كل شيء

وحول التعاون الاقتصادي الإسرائيلي - الفلسطيني تشير إحدى الوثائق إلى أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ناقشا في باريس موضوع العملة والخدمات المصرفية والعلاقات التجارية وقضية الضرائب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول الوثيقة، "توصل الجانبان إلى قدر كبير من الاتفاق بعد محادثات في باريس بشأن العملة والخدمات المصرفية والعلاقات التجارية وصلاحيات زيادة الضرائب. وقد طلبت منظمة التحرير الفلسطينية من الأوروبيين والولايات المتحدة المساعدة في تغطية تكاليف إدارتها في تلك الفترة المبكرة. وقد رفض الجميع قائلين إن مساعداتنا يمكن أن تغطي المساعدات الفنية والمعدات والمشاريع، لكن تكاليف التشغيل يجب أن تكون مسؤولية الفلسطينيين الذين يتسلمون الأموال التي سلمتها لهم إسرائيل، والضرائب التي يجمعونها، وربما مساهمات من إسرائيل ودول الخليج. وتقوم المفوضية الأوروبية بالتدقيق في مسألة تكاليف التشغيل".

ويشير التقرير إلى نقطة أخرى يصفها بـ"المثيرة للقلق"، وهي "عدم قدرة عرفات على إحكام قبضته على الإدارة الفلسطينية الناشئة. شهدت الأشهر الثلاثة الماضية خلافات مستمرة حول الوظائف والمسؤوليات، سواء داخل قيادة منظمة التحرير الفلسطينية في تونس أو بينها وبين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. لقد حاول عرفات أن يمسك كل شيء بين يديه. وكانت المشكلات التي سببها ذلك واضحة بشكل خاص في المجال الاقتصادي".

وعلى إثر قبضة عرفات الرخوة، تذكر الوثيقة أن المانحين "أصروا على ضرورة إنشاء جهاز مسؤول وشفاف لتلقي المساعدات وإدارتها. لقد جرى إنشاء المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار، لكن عمله ما زال متعثراً بسبب إحجام عرفات عن السماح له بممارسة وظائفه اليومية".

ويختم التقرير: "سألنا متى سيتم تشكيل الهيئات الإدارية وتعيين الأشخاص لحقائب وزارية معينة، حتى نتمكّن من معرفة من نخاطب عند مناقشة مشاريع المساعدات والتجارة وما إلى ذلك. ولم نتلقَ إجابة واضحة للغاية. ويأمل البعض في أن يؤدي وصول عرفات إلى أريحا إلى إجباره على إجراء تسميات. لكن يبدو أن هناك توقعات عامة بأنه سيستمر في الاحتفاظ بالكثير بين يديه".

اقرأ المزيد

المزيد من وثائق