تأكد أن تنظيم الانتخابات الرئاسية في الجزائر أولوية الأولويات لدى المؤسسة العسكرية التي تعتبر السلطة الفعلية في البلاد، بعد أن دعا قائد أركان الجيش قايد صالح، إلى استدعاء الهيئة الناخبة في 15 سبتمبر (أيلول) الحالي، وبالنظر لما جاء في خطاب قيادة الأركان، فإن الوضع بات لا ينتظر مزيداً من التأخر في انتخاب رئيس للجمهورية قبل الإقدام على أي تغيير.
قايد صالح يضع حداً للانسداد السياسي
تتجه الجزائر إلى تنظيم انتخابات رئاسية في نهاية السنة الحالية أو بداية العام 2020 كأقصى تقدير وفق ما ينص عليه الدستور الجزائري، الذي يشير إلى أنه يتعين إجراء الانتخابات خلال 90 يوماً من إعلان الهيئة الناخبة، وقال صالح إنه من الأجدر أن يتم استدعاؤها في 15 سبتمبر الحالي، على أن يجرى الاستحقاق الرئاسي في الآجال المحددة قانوناً، وتابع أنه لتخفيف ضغط الطبقة السياسية والحراك، فإن الانتخابات ستسبقها مراجعة بعض نصوص قانون الانتخابات، وقال إن هذا الاستحقاق المهم في تاريخ الجزائر، سيحمل حتماً بين طياته ما يتيح قطع المزيد من الأشواط على طريق إرساء دولة الحق والقانون.
ودعا قائد الأركان موجهاً كلامه إلى لجنة الحوار والوساطة، إلى الاستمرار في عملية تقريب وجهات النظر وإيجاد الآليات التي تجسد المسعى الملح المتمثل في تسريع تنظيم الانتخابات الرئاسية، وإلى "التنصيب العاجل للهيئة المستقلة لتحضير وتنظيم ومراقبة الانتخابات، التي ستشرف على جميع مراحل العملية الانتخابية، وهو ما يستدعي أيضاً تعديل بعض مواد قانون الانتخابات ليتكيف مع متطلبات الوضع الراهن".
استجابة للمطالب الشعبية وتجنب للمخاطر
ويقول البرلماني السابق أحمد ولد عبد الله لـ"اندبندنت عربية" إن الانتخابات الرئاسية جاءت استجابة للمطالب الشعبية، على اعتبار أن فئة واسعة من الجزائريين يدعمون إجراء انتخابات رئاسية من أجل الخروج من أزمة الانسداد السياسي الحالي وإنهاء المرحلة المؤقتة التي تعيشها البلاد، وقال إن دعوة قائد الأركان تدل على أن المؤسسة العسكرية لديها معلومات عن وجود مخاطر تهدد البلاد في حال بقاء الوضع على حاله، بدليل حديث لجنة الحوار والوساطة عن تعرض أعضائها إلى تهديدات بالقتل، وهو ما يعتبر أمراً خطيراً يستدعي الإسراع في إعادة الهيبة إلى مؤسسات الدولة عبر انتخاب رئيس للجمهورية.
هل تلقى الدعوة مصير سابقاتها؟
سارعت أطراف سياسية قال عنها صالح إنها "مرفوضة شعبياً، تتقن الانتقاد والعويل، وهدفها إطالة عمر الأزمة خدمة لمخطط العصابة"، إلى الطعن والتشكيك في خطوة المؤسسة العسكرية بالقول إن إقدام قيادة الجيش على تحديد موعد للانتخابات، من دون التشاور مع الأطراف السياسية، يعتبر قفزاً على صلاحيات رئيس الدولة، على اعتبار أن المسألة من اختصاصها.
وتتنبأ جهات بفشل دعوة قائد الأركان قايد صالح لاعتبارات عدة أهمها ضيق الوقت والارتباك الحاصل على مستويات عديدة، خصوصاً جراء توسع الاحتقان الاجتماعي والغضب الشعبي من تدهور الأوضاع المعيشية، وما أدى ذلك إلى احتجاجات عبر مختلف مناطق البلاد، بالإضافة إلى الخطاب السلبي الذي يزرعه "أذناب العصابة" بين أوساط الشعب والشباب بطرق مختلفة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
التحامل على المؤسسة العسكرية... جزء من مخطط
وعاد قائد الأركان للحديث عن الشخصيات التي تواصل التهجم على مؤسسة الجيش، وأوضح أن التحامل على المؤسسة العسكرية هو جزء من مخطط خبيث هدفه الوصول إلى تقييد أو تحييد دور الجيش، الذي قدم درساً للجميع، في الوفاء والإخلاص وحماية الوطن، مضيفاً أن استجابة الجيش للمطالب الشعبية قبل أية جهة أخرى، هدّد مصالح العصابة وأذنابها وأفشل مخططاتها في إعادة صوغ المشهد الوطني العام بحسب أهوائها ومصالح أسيادها.
واعتبر أن "التلاحم بين الشعب وجيشه أزعج العصابة التي ما لبثت تخطط في السر والعلن لفك روابطه وقطع وشائجه اعتماداً على أذنابها المندسين في هياكل مختلف المؤسسات، الذين أوكلت إليهم مهمة عرقلة عمل الحكومة ومؤسسات الدولة وخلق حالة من الانسداد والغليان في الجبهة الاجتماعية، أملاً في تحقيق مآربهم وأهدافهم الخبيثة في عرقلة مسار الحوار وإطالة عمر الأزمة، وسيلتهم في ذلك الدعاية المغرضة والأفكار الهدامة التي يعملون على بثها من دون انقطاع في الساحة السياسية والإعلامية، مستغلين في ذلك حرية التعبير وإبداء الرأي المضمونة دستورياً".
محاولة توريط الجيش في السياسة... وتشكيك
وانتقد صالح أحزاب سياسية تطالب بالتحاور والتفاوض مباشرة مع المؤسسة العسكرية، اقتداء بتجارب بعض دول المنطقة في التعامل مع الأزمات، مشدداً على أنها محاولة فاشلة أخرى تهدف إلى توريط الجيش في مستنقع السياسة.
وتعتبر رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول، الناشطة ضمن تكتل البديل الديمقراطي المعارض، أن الانتخابات التي تسعى السلطة إلى تنظيمها ستكون مزورة، وأن الهدف منها هو الإبقاء على النظام الحالي مع تغيير اسم الرئيس فقط، وتابعت أن خروج الشعب في 22 فبراير (شباط) الماضي، لم يكن بسبب تغيير الرئيس فقط، وإنما القطيعة مع نظام الحكم الحالي وبناء نظام على قواعد وأسس قائمة على القانون والمساءلة واحترام الحريات.