Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صراعات ومبادرات مثالية مع توأمة التنمية والحوكمة

السياسات التنموية يجب أن تكون هي الحاكمة حتى يصل الشرق الأوسط إلى سن الرشد

سياسات التنمية يجب أن تكون محل سياسات الأسلحة لأن الحروب تحتاج إلى عامل مهم جداً هو الحوكمة (أ ف ب)

ملخص

الحوكمة هي ما سيجعل الشرق الأوسط يصل إلى سن الرشد، فلا مهرب من الصراع والتسويات.

قدر العالم منذ ما قبل التاريخ هو الصراع، الصراع مع الطبيعة والحيوانات وبين البشر ثم بين الدول، لكن الخيار الذي يفرض نفسه في آخر النهار هو التسويات والتفاهمات، فلولا الصراع، بصرف النظر عن سلبياته، لما حدث أي تقدم للبشرية، ولولا التسويات، على رغم ما فيها من تنازلات، لما قطف أحد ثمار التقدم.

ما تبدل منذ القرن الـ 19 حتى اليوم هو نوع الانقسام والصراع بين تقدم ورجعية أو رأسمالية واشتراكية أو ليبرالية ومحافظة، وكذلك ديمقراطية وسلطوية، ومن يعرف ومن لا يعرف، من هم في الداخل ومن هم في الخارج، إضافة إلى تنمية مستدامة وأسلحة وحروب، والتفكير والتكفير، أو حتى "داعش" والعلمانية، و"دار الإيمان" ودار الكفر والاستكبار، وسط دعوة المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى "التركيز على الخط الفاصل بينهما" بدلاً من التسامح والتفاعل والتكامل، "صدام الحضارات" وحوار الحضارات، ولا نهايه للعناوين.

لكن الصين التي يقول زعيمها شي جينبينغ إن العالم "مملوء بعدم الاستقرار وعدم اليقين" تحمل أفكاراً طوباوية من النوع الذي يعيد التذكير بقول الجنرال الفرنسي شارل ديغول، "جئت الى الشرق المعقد بأفكار بسيطة".

ما تركز عليه هو ثلاثة مبادرات للشرق الأوسط والعالم، "مبادرة الحضارة العالمية" و"مبادرة الأمن العالمي" أي الأمن للجميع، و"مبادرة التنمية العالمية"، أي تبادل الفوائد والمنافع بين الشعوب بدل أن يربح بعضهم على حساب بعضهم الآخر، وهذه مبادرات أبعد بكثير من مشروع "الحزام والطريق".

لكن من الصعب التوصل إلى هذا العالم المثالي وسط الصراعات بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا، ثم بين قوى إقليمية في أكثر من منطقة، والأصعب هو التخلي عن المبالغة في سياسات الأمن القومي والهيمنة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الكل يعرف بالتجربة والخبرة صحة ما قاله رئيس الوزراء الفرنسي جورج كليمنصو الذي يراه الفرنسيون أسطورة، وهو "صناعة السلام أصعب من صناعة الحرب"، والقلة هي التي تمارس قول الفيلسوف أفيشاي مارغليت "يجب الحكم علينا بتسوياتنا أكثر من أفكارنا ومعاييرنا، الأفكار تخبر عما يجب أن نكون، والتسويات تخبرنا من نحن".

ذلك أن الدعوات إلى الانفتاح بدل التعصب لا تزال تصطدم بتضاريس اجتماعية وتاريخية وثقافية في أماكن عدة، والذهاب إلى الحد الأقصى في تفسير الأحداث واتخاذ المواقف ليس بعيداً من مراكز الأبحاث والدوائر الأكاديمية، فماوتسي تونغ الذي قاد الحزب الشيوعي الصيني إلى الانتصار وصنع تجربة مختلفة عن التجربة السوفياتية، قال للمسؤول السوفياتي الأسبق فياتشيسلاف ميخائيلوفيتش مولوتوف، بحسب مذكراته تحت عنوان "مولوتوف يتذكر"، "هل تصدق أنني لم أقرأ كتاب ’الرأسمال‘ لكارل ماركس، وأنا حزين لأن جوزيف ستالين لم يوسع القمع ولأن نيكتيا خروشوف بقي حياً".

وحين انهار الإتحاد السوفياتي سارع فرنسيس فوكوياما إلى الكتابة عن"نهاية التاريخ" وانتصار الديمقراطية السياسية واقتصاد السوق، لكن الأزمات التي ضربت النظام الرأسمالي المالي في أميركا وكل الغرب دفعت رئيس أساقفة ميونيخ رينهارد ماركس إلى مخاطبة كارل ماركس في كتاب جديد سماه "الرأسمال"، وقال في مخاطبته "هناك سؤال لن يتركني في سلام: في نهاية القرن الـ 20 عندما هزمت رأسمالية الغرب شيوعية الشرق، هل كنا سريعين جداً في رفضك ورفض نظرياتك الاقتصادية؟".

ومهما يكن فإن سياسات التنمية التي يجب أن تكون محل سياسات الأسلحة والحروب تحتاج إلى عامل مهم جداً وهو الحوكمة، حوكمة المؤسسات للخروج مما يسميه خبراء الأمم المتحدة "الفقر في الحوكمة" والحرص على التنمية المستدامة، والحوكمة هي ما سيجعل الشرق الأوسط يصل إلى سن الرشد، ولا مهرب من الصراع والتسويات.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء