Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سوريا عادت إلى البيت العربي ولم تغادر أزماتها

الأحداث الأخيرة وحربا غزة والسودان أبعدتا سوريا من أولويات العرب

من اجتماع القمة العربية بجدة في مايو (أيار) 2023 بمشاركة سوريا (أ ف ب)

لم يشأ هذا العام الرحيل من دون أن يضع مكسباً سياسياً ودبلوماسياً في يد العاصمة دمشق، طال انتظاره لأكثر من 11 عاماً حين اتخذ مجلس الجامعة العربية قراراً بإنهاء القطيعة مع سوريا عبر إعادة مقعدها، والبدء بإجراءات تقارب دبلوماسي وفتح البعثات الخارجية.

ومهما بدا 2023 كارثياً على الصعيد الاقتصادي، لا سيما التضخم الحاصل في العملة وانخفاض القدرة الشرائية، وما جاء بعد ذلك من كارثة زلزال السادس من فبراير (شباط) 2023 على الصعيد الإنساني، لكن النتيجة جاءت بأن كسرت عزلة أعوام طويلة مهما انقسم الشارع السوري بين مؤيد للأمر من قبل الموالين أو رافض له من المعارضة.

الخطوة بخطوة

وكانت الجامعة العربية أعلنت في السابع من مايو (أيار) موافقة وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم بالقاهرة على عودة سوريا لمقعدها، في حين أظهرت الدوحة العاصمة القطرية معارضتها، وأبدت عدم رغبتها بالتطبيع مع حكومة النظام السوري.

ولعل مشوار ذوبان الثلج بين سوريا والعرب مر بكثير من الجولات واللقاءات وصولاً إلى مبادرة "مبدأ خطوة بخطوة" بما ينسجم مع القرار الأممي (2254) إثر اجتماع خماسي في عمّان ضم وزراء خارجية  الأردن وسوريا ومصر والسعودية والعراق، إذ اتفقت هذه الدول على تجديد سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها.

ورقة المبادرة

وجاء في ورقة المبادرة ضرورة خروج سوريا من أزمتها ومواصلة تكثيف الجهود العربية الرامية إلى إيصال المساعدات الإنسانية وفق آليات مجلس الأمن ذات الصلة، وتوفير البيئة الآمنة للنازحين واللاجئين، ومنح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين حق الوصول الكامل إلى المناطق المعنية بما في ذلك ضمان عدم اضطهاد العائدين وتمويل مشاريع التعافي الباكر.

وسعت المبادرة العربية نحو التخفيف التدريجي من العقوبات المفروضة على النظام االسوري وتسهيل عودتها للمحافل الدولية، وكذلك إعلان وقف إطلاق النار في جميع أنحاء البلاد وانسحاب القوات غير السورية من خطوط المواجهة والمناطق الحدودية مع دول الجوار، ووقف جميع العمليات العسكرية السورية والأجنبية بما في ذلك القصف الجوي والغارات، علاوة عن منع ووقف تجارة المخدرات العابرة للحدود.

مبادرة متعثرة

وإزاء ذلك عادت دمشق للجامعة العربية ومعها حضرت قمة القادة العرب في جدة في الـ 19 من مايو (أيار) 2023 وسرى في ذلك الوقت تفاؤل في الشارع السوري بتغييرات نحو الأفضل وفق بنود المبادرة ولا سيما خروج القوات الأجنبية، والتي تعد أكثر التحديات التي تواجه تنفيذ المبادرة، فالحرب لا تزال مشتعلة في الشمال والشمال الشرقي، وقابل ذلك عجز حكومة دمشق عن الحد من تجارة الـ "كبتاغون" على رغم إعلان ضبطتها كميات كبيرة على الحدود البرية الجنوبية.

تكنولوجيا نقل المخدرات

وبعد شهر يونيو (حزيران) 2023 تداولت الأوساط السياسية الاستياء العربي مما وصفه مراقبون وسياسيون تقصيراً في معالجة البند المتعلق بوقف تهريب المخدرات، بل تطورت الأساليب المستخدمة بإدخال تكنولوجيا واستخدام الطائرات المسيرة في نقل الحبوب المخدرة، ويعد الأردن أكثر المتضررين من ذلك، إذ يؤثر عدم الاستقرار في سوريا في أمنه القومي حيث يشترك معها بحدود طولها 378 كيلومتراً.

دبلوماسية الكوارث

ويرى مراقبون أن حكومة النظام السوري تمكنت من تحويل كارثة زلزال فبراير لمصلحتها، واستخدام دبلوماسية الكوارث إذ بدت أولى خطوات التقارب العربي من الباب الإنساني بزيارات وفود عربية كسرت الطوق المفروض على دمشق، بل دفعت تحت ضغط الرأي العام العالمي الولايات المتحدة الأميركية إلى تجميد عقوباتها أبرزها "قانون قيصر" لمدة ستة أشهر بعد أيام من الزلزال المدمر الذي ألحق دماراً واسعاً في الشمال والشمال الغربي من سوريا، إضافة إلى المدن الساحلية وتركيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي المقابل راقبت الدول الغربية وواشنطن هذا التطور بكثير من التحفظ، ورفضت التقارب الحاصل مع دمشق بل ظلت متمسكة بتنفيذ القرارات الدولية ومنها (2254) ووقف إطلاق النار وإجراء حل سياسي لإنهاء أزمة البلاد.

وبعد عودة سوريا للجامعة والبطء في تنفيذ بنود المبادرة يمكن ملاحظة تراجع أو تحفظ عربي في إقامة علاقات اقتصادية أو تطور العلاقات السياسية، ولعل الفتور الحاصل يرده خبراء إلى الضعف بمكافحة المخدرات، وبالتالي دفعت الأردن إلى التحرك نحو الحدود وتكثيف حربها على الـ "كبتاغون" وملاحقة عصابات التهريب.

الأزمات والحروب في المنطقة العربية والتي اندلعت هذا العام كحرب السودان وحرب غزة جعلت من القضية السورية خارج أولويات القادة العرب.

إلى ذلك تواصل إسرائيل قصفها المطارات السورية ومواقع المقاومة، واتسعت الغارات أكثر منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

اتفاق مبادرة الخطوة بخطوة أو ما يسمى "إعلان عمّان" صار حبراً على ورق بعد كل هذه التطورات العسكرية المتلاحقة، فمن المحال وفق الشارع السوري الموالي أن يتخلى النظام السوري عن القوات الإيرانية والروسية الحليفة وتخرجها من الديار.

ويأتي كل ذلك بينما لا تزال أجزاء واسعة من إدلب وشمال غرب سوريا على صفيح ساخن، وتضم أكثر الفصائل المتشددة مثل هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، فضلاً عن استمرار التهديدات الإسرائيلية جنوباً، ولعل تقهقر مبادرة خطوة بخطوة تبدو جلية على خلفية صراع القوات الأميركية في شرق سوريا من طرف والفصائل الموالية لإيران من جهة ثانية، وهذا ما سيقوض تنفيذ أبرز بند من بنود المبادرة وهي إخراج القوات الأجنبية، في حين يبقى المكسب الدبلوماسي بعودة العاصمة السورية لمقعدها في الجامعة خلال عام حافل بالأحداث والحوادث.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير