Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 أفلام الرقص... الجسد في كامل بهجته

بدأ سيرته في المسرح قبل أن يقتحم المجال السينمائي

لقطة من فيلم step Up الراقص (مواقع التواصل)

ملخص

 لم يكن ينظر إلى الرقص كفن تعبيري بل كممارسة تخدم الحياة الاجتماعية في النظام القديم.

يعتبر الرقص أحد أبرز الأشكال التعبيرية القوية التي استطاعت في الزمن المعاصر فرض نفسها، لا باعتباره شكلاً تعبيرياً يخلق الترفيه للناس، وإنما كشكل فني تعبيري يقودهم نحو الانخراط في حميمية الواقع.

وعلى مدار تاريخه ظل مفهوم الرقص يختلف من حضارة إلى أخرى، فتارة يدخل ضمن الأعراس والحفلات وأحياناً عن الطقوس الجنائزية، كما هو الأمر في أفريقيا، وتارة أخرى من أجل التعبد والتقرب من الآلهة كما هو الحال في الحضارة الهندية.

وعلى رغم اختلاف مفهوم الرقص وممارسته داخل الحضارات القديمة لم يكن ينظر إليه كفن تعبيري بل كممارسة تخدم الحياة الاجتماعية في النظام القديم، فالرقص القديم يختلف كلياً عن نظيره المعاصر، فالأول يدخل ضمن أولويات الإنسان في حياته الشخصية كممارسة يومية يصعب فصلها، في حين يبقى الرقص المعاصر أحد الأشكال التعبيرية غير الوظيفية المرتبطة بخدمة شيء ما، بقدر ما يحمل في طياته بعداً تعبيرياً حول بعض مظاهر الذات مثل الألم والحزن والفرح والمتعة والرغبة.

من المسرح إلى السينما

ويعتبر الجسد ملحاً للرقص، فهو الآلة التي تنتجه، كما تعتبر الخشبة المكان الآمن للرقص وبخاصة الأمكنة والفضاءات المفتوحة التي تتيح للجماهير المعاصرة إمكان التقرب من أساليب الرقص الجديدة.

 

 

وعلى رغم المكانة التي حظي بها الجسد بمختلف تعبيراته من مكانة كبيرة داخل الأنثروبولوجيا المعاصرة، إلا أن الجسد كقضية فكرية قابلة للتحليل لم يحظ بأهمية خاصة، لا سيما داخل مجالات تتعلق بالسينما والمسرح والرقص، ذلك أن فكرنا العربي لم يستسغ بعد هذه التحولات التي باتت تعرفها الأنظمة الفكرية الرمزية في علاقتها بالعالم المعاصر، إذ يستحيل العثور على دراسات حول الرقص المعاصر في علاقته بفنون بصرية، لأن هذا الفكر لم يحقق بعد قفزته النوعية على مستوى التفكير في مواضيع جديدة ذات صلة بواقعه، على رغم توفر شروط الحداثة فيما له علاقة بالأشكال الفنية التعبيرية في العالم العربي.

وفي المقابل غدا الرقص في الأزمنة المعاصرة شكلاً فنياً حداثياً يقع على حدود الصناعة الفنية، ففي كل الألوان الفنية التعبيرية المعاصرة يحضر الرقص كممارسة جادة وأصيلة تصنع العمل الفني وتعطيه شهرة وذيوعاً، غير أن استخدام الرقص بين المسرح والسينما يختلف بحسب نوعية العمل الفني والسياق الجمالي الذي يدافع عنه.

لقد تراجع الرقص داخل المسرحيات العربية في وقت كان يشغل فيه مكانة بارزة داخل نصوصها، فقد تحول المسرح من كونه مكثفاً وجامعاً للفنون إلى مسرح خال من الإبداع والابتكار. لكن إذا تأملنا الأمر سنجد أن السينما أسهمت من دون وعي منها في تهميش المسرح بعدما غدت الصور في السينما والتلفزيون تحرض الناس على ارتياد عوالمها، وكان ذلك يمثل قطيعة فنية مع بعض النماذج المسرحية التقليدية، لكنه فتح في آن واحد إمكانات تخييلية أخرى للدخول إلى عالم السينما ومتخيلها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتراجع الرقص في ذهنية المشاهد بعدما كان يلعب دوراً مركزياً داخل المسارح العربية، لكنه لم ينتقل بقوة إلى السينما العربية إلا من خلال التعامل معه كموضوع صغير، إذ لا نعثر في السينما العربية على أفلام خاصة بالرقص كما هو الحال في نماذج سينمائية غربية شهيرة.

جماليات الأداء

بدأ الرقص سيرته في المسرح قبل أن يقتحم المجال السينمائي، فقد اعتمد المسرحيون العرب على الرقص في مسرحياتهم وفق إمكانات فنية تخدم نصوصهم، وهكذا اشتهرت كثير من الرقصات التي تستوحي ملامحها التعبيرية والجمالية من الحضارة العربية، بل إن توظيف الرقص أعطى لكثير من المسرحيات شهرة واسعة في العالم العربي، لأنه غدا مكوناً جمالياً قوياً للعمل المسرحي، في حين ظلت السينما فيما بعد بمنأى عن الاهتمام بالجسد ومتخيله التعبيري، لذلك وجدت نفسها ضمن أفلام سياسية رتيبة تحاكي الأجندات السياسية والمشاهد الاجتماعية من دون أن تقدم تشريحاً دقيقاً لرغبات الجسد في علاقته بالرقص.

 

 

وفي السينما الأميركية نعثر على كثير من أفلام الرقص التي تأتي وفق زوايا نظر مختلفة، فتارة يحضر الرقص بوصفه عملاً مؤسساً للفيلم السينمائي، وتارة أخرى كموضوع هامشي يسهم في تأجيج الأحداث ويدفعها إلى حدودها الدرامية القصوى.

وتحقق هذه الأفلام مثل  stepUp (2006) وغيره مكانة كبيرة داخل الصالات السينمائية، فعائداته كبيرة مقارنة بأفلام اجتماعية أو سير ذاتية. كما أن هذا النوع من الأفلام يعتبر من الأشكال المركبة لأنه يضمر في باطنه اشتغالاً قوياً لا على الموضوع فقط، ولكن على طريقة استعراض الرقصات وإمكانات تحقيق تناسق بين الممثلين بما يجعل المخرج يشتغل إلى جانب الفريق التقني والسينمائي مع فريق آخر خاص بتصميم الرقصات وجمالياتها.

لكن ما يميز أفلام الرقص الهندية التي يدور موضوعها حول الرقص مثل الفيلم الشهير ABCD: Any Body Can Dance (2013) أنه فيلم مبني على خصوصية سينمائية تتعلق بمفهوم الحكاية، فالفيلم الغربي هش ويعطي فقط انطباعاً بانشغال المخرج على الرقص، في حين يبلور الفيلم الهندي اشتغالاً جمالياً يوازي فيه بين جماليات الرقص وفتنة الحكاية.

وهذه الخصوصية جعلت الفيلم يحقق منذ عرضه عام 2013 شهرة واسعة لدرجة أنه أسهم في شهرة عدد من الراقصين الذين سنعثر عليهم داخل تجارب سينمائية جديدة وضخمة.

اقرأ المزيد

المزيد من سينما