تطرّق وزير الدفاع السابق في الولايات المتحدة جيمس ماتيس في كتاب مذكّراته إلى موضوع مغادرته إدارة ترمب.
وشغل السيد ماتيس منصب وزير الدفاع لمدّة تناهز السنتين في ظل حكم دونالد ترمب فأصبح بالتالي أحد المسؤولين الذين استمرّوا في منصبهم للمدّة الأطول داخل الإدارة المضطربة. ويقول في مذكّراته التي وضعها بالاشتراك مع الكاتب العسكري ومساعد وزير الدفاع السابق بينغ ويست إنه صمّم أن يكون مفيداً في عمله فكتب "بذلت قصارى جهدي لأطول مدة ممكنة. "
ويكتب في مذكراته الجديدة التي ستصدر الأسبوع المقبل "برأيي الشخصي، عندما يطلب الرئيس إليك أن تقوم بعملٍ فلا تتردّد وتعتصر نفسك بل تطبّق شعار تلك الشركة الرياضية الأميركية العظيمة الذي يقول "فلتفلعها". طالما أنت جاهزٌ للعمل، فردّك الوحيد هو القبول."
ويقرّ السيد ماتيس أيضاً بمغادرته الإدارة حين شعر بأنّ الرئيس لم يعد يأخذ بنصيحته.
ويقول "عندما لم تعد حلولي الواقعيّة ونصائحي الاستراتيجية تلقَ آذاناً صاغية، ولا سيّما تلك المتعلقة بالاستمرار على العهد مع الحلفاء، حان وقت استقالتي، رغم الفرح العارم الذي غمرني بسبب خدمتي إلى جانب قواتنا دفاعاً عن الدستور."
صرّح وزير الدفاع في وقت سابق أنّ الكتاب سيركّز على مسيرته المهنية التي أوصلته إلى هذا المنصب وليس على علاقته الفاشلة بالرئيس الذي يفتقر للخبرة العسكرية. لكن ربّما لا تُلبّى أمنيته لأنّ المذكرات تخضع منذ الآن للتمحيص بحثاً عن دلائل تفسّر القرارات العسكرية الطائشة التي تتخذها إدارة ترمب. إنّما على الرغم من ذلك، يتناول الكتاب بالفعل دور الوزير السابق ويلقي الضوء بشكلٍ خاص على دهشته إزاء تلقّيه طلب تولّي هذا المنصب.
وعن صدمته جرّاء اتصال نائب الرئيس المنتخب مايك بنس به لمناقشة تفاصيل الوظيفة يكتب "اعتقدت أنّ دعمي القوي لقوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) ورفضي لممارسة التعذيب على المعتقلين سيدفعان بالرئيس المنتخب إلى البحث عن مرشّحٍ آخر لهذا المنصب."
ثمّ يصف حدوث لقاء "لطيف" في نادي ترمب الوطني للغولف في مدينة بيدمنستر التابعة لولاية نيوجيرسي خلال عيد الشكّر في العام 2016 بعد أن شبّه دوره بوضع قناع الأكسيجين خلال حادث تحطّم الطائرة الذي تخيّل وقوعه أثناء رحلته عبر البلاد متّجهاً إلى النادي.
ويقول في أحد مقتطفات الكتاب التي حصلت عليها صحيفة وول ستريت جورنال "أثناء وجودي على متن الرّحلة المنطلقة من مدينة دنفر استرعت انتباهي إرشادات السلامة الاعتيادية التي تقول: في حال هبوط الضغط في المقصورة ستسقط أقنعة الأكسيجين تلقائياً...احرصوا على وضع قناعكم أولًا قبل مساعدة غيركم من المسافرين. في تلك اللحظة أحسست بأنّ هذه العبارات المألوفة ما هي إلّا تعبيرات مجازية تقول لي إنه من أجل الحفاظ على دورنا القيادي، علينا أن نرتّب بيتنا الداخلي أوّلاً ولا سيّما إن أردنا مساعدة الآخرين."
حصل السيد ماتيس فعلياً على إذنٍ خاصّ لتولّي منصب وزير الدفاع إذ لم يمضِ على تسريحه من الجيش في ذلك الوقت سوى ثلاثة أعوام، فيما ينصّ القانون الفدرالي على ضرورة أن تفصل فترة سبعة أعوام بين نهاية الخدمة العسكرية وتولّي المنصب الوزاري. ويعبّر في كتابه الجديد عن دهشته إزاء تلقّيه طلباً بتجاوز هذه القاعدة. ويصرّ أنه كان ليستلم المنصب بغضّ النظر عن انتماء الرئيس الحزبي.
ويشير إلى أنّه "عندما يتعلّق الموضوع بالذود عن تجربتنا الديمقراطية وطريقة حياتنا، يجب أن تُسقط المعتقدات الإيديولوجية من الحسابات كلياً. لو طلب منك ديمقراطي أو جمهوري أن تتولّى المنصب، تتولّاه ببساطة."
إستقال ماتيس في ديسمبر (كانون الأول) 2018 وكتب في رسالة استقالته "لأّنه من حقّك أن يعمل تحت إمرتك وزير دفاع آراؤه أقرب إلى آرائك في هذه القضايا وغيرها، أعتقد أنّه من الصائب لي أن أستقيل من منصبي."
ويرفض أن يشرح هذه الآراء في مذكراته غير أنّه يبدي قلقه تجاه ما يسمّيه "انقسام داخلي" تعيشه البلاد حالياً. ويقول في مقتطف من الكتاب "نتحوّل إلى قبائل متناحرة تهتف الواحدة منها ضد الأخرى وتغذّي خلافاتها عواطف جياشة واحتقار متبادل ما يضع مستقبلنا في خطرٍ بدل أن نعيد اكتشاف المشترك بيننا وأن نسعى إلى إيجاد الحلول". أمّا قصده من الحديث فغير واضح.
© The Independent