Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونس تواجه رزنامة سداد مزدحمة بالديون الخارجية في 2024

متخصصون يرون العام المقبل "الأصعب مالياً" على البلاد وسط دعوات لضغط الإنفاق

شهرا فبراير وأكتوبر 2024 سيكونان الأصعب في قيمة خلاص الديون الخارجية (أ ف ب)

ملخص

3 حلول اعتبرها بعض المحللين أساساً للتقليص من حدة الصعوبات والإشكالات المالية القادرة نسبياً على إيفاء تونس بتعهداتها الخارجية

تدخل تونس عام 2024، برزنامة مثقلة ومزدحمة بسداد الديون الخارجية، ما قد يضاعف مشاقها المالية داخلياً وخارجياً في ظل تواضع مواردها وتعطل أغلب رافعات الاقتصاد، لا سيما الاستثمار والادخار الوطني وجهاز تصديري لا يزال يلتقط أنفاسه.

وتواجه البلاد العام المقبل وقبل الأخير في تنفيذ مخطط النمو للفترة 2023-2025، بخاصة تنظيم الانتخابات الرئاسية في خريف العام المقبل، عبئاً مالياً خارجياً قد يعمقه عجز تجاري لم يتقلص بالشكل المطلوب مع استحقاقات متنامية تتعلق بارتفاع حجم توريد المواد الغذائية جراء استفحال الجفاف وتأثيره في القطاع الزراعي بشكل لافت.

ويجمع عدد من المتخصصين على أن 2024 ستكون ربما الأصعب مالياً على تونس في السنوات الأخيرة من حيث ضخامة سداد ديونها الخارجية بالعملة الأجنبية، ما قد يهدد مخزونها من احتياط النقد الأجنبي، بالتالي مزيد من اهتراء سعر صرف عملتها المحلية الدينار.

وأظهرت وثيقة الموازنة العامة، أن تونس ستسدد ديوناً خارجية بقيمة 12.3 مليار دينار (3.9 مليار دولار) في 2024، بزيادة 40 في المئة عن 2023، وسط ندرة التمويل الخارجي للدولة التي تجد صعوبة في إصلاح ماليتها العامة.

وتتوقع الحكومة أن يصل تراكم الدين العام في 2024 إلى نحو 140 مليار دينار (45.1 مليار دولار)، أي نحو 79.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

رزنامة مزدحمة

في غضون ذلك، تخطط تونس لتسديد أصل ديون خارجية وداخلية لقرابة 11 قرضاً وآلية تمويل، مما يتطلب توفير مليار يورو (1.09 مليار دولار) وزهاء 909 ملايين دولار، إلى جانب الدفع بالعملة المحلية في بلد من المتوقع أن يسجل ارتفاعاً لخدمة الدين بنحو 18.7 في المئة خلال 2024. وكشفت الحكومة، في تقريرها حول مشروع موازنة عام 2024، عن أن خدمة الدين متوسط وطويل المدى، سترتفع من 20.8 مليار دينار (6.7 مليار دولار) خلال 2023، إلى مستوى 24.7 مليار دينار (7.9 مليار دولار) العام المقبل.

وستبدأ تونس خلال 2024 تسديد أصل ديون جهات مانحة، وتتضمن القائمة تسديد 850 مليون يورو (902.42 مليون دولار) خلال فبراير (شباط) المقبل، للقرض الرقاعي باليورو لعام 2017، في حين ستقوم خلال أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بتسديد قرض رقاعي بضمان ياباني بقيمة 50 مليار ين (0.33 مليار دولار).

وتتضمن قائمة الالتزامات دفع أقساط قرض صندوق النقد الدولي بعنوان أداة التمويل السريع لعام 2020، بقيمة 360 مليون دولار موزعة بين يناير (كانون الثاني) وأبريل (نيسان) ويوليو (تموز) وأكتوبر 2024 بمبلغ 90 مليون دولار لكل شهر.

وستسدد تونس قرض صندوق النقد الدولي بعنوان تسهيل الصندوق الممدد 2016-2019، بنحو 256 مليون دولار موزعة على 10 أقساط شهرية إلى جانب دفع 105 ملايين دولار للبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد لعام 2022، موزعة على ثلاثة أقساط.

وستخصص تونس مبلغ 100 مليون دولار لتسديد قرض السعودية خلال يناير إلى يوليو 2024، و70 مليون دولار لصندوق النقد العربي موزعة بين يناير إلى أغسطس (آب) من العام المقبل.

عام صعب للغاية

وجزم المتخصص في الأسواق المالية معز حديدان أن عام 2024 سيكون عاماً صعباً على بلاده، على الصعيد المالي، ومسألة سداد الديون الخارجية للبلاد. وقال لـ "اندبندنت عربية" إن الديون الخارجية لتونس العام المقبل المقدرة بـ 16 مليار دينار (5.1 مليار دولار) بين أصل وفائدة تعد مرتفعة في ظل تواجد عجز ميزان خارجي جار، أثر سلباً في عجز الميزان التجاري. وتتمثل صعوبة الوضعية ودقتها، وفق المتحدث نفسه، في أن الحكومة الحالية برمجت اقتراضاً خارجياً بمبلغ 14 مليار دينار (4.5 مليار دولار) في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، أو برمجة حصول قروض من الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لتونس.

وزاد في تحليله أن الحكومة دبرت مصادر الحصول على أربعة مليارات دينار (1.2 مليار دولار) بينما الـ 10 مليارات دينار (3.2 مليار دولار) المتبقية مجهولة المصدر، وأنها لم تحدد ذلك بطريقة مفصلة في مشروع الموازنة، ما يطرح وفق المتحدث عديداً من التساؤلات حول صعوبة الوضعية المالية للبلاد. وبالتوازي مع الرزنامة المزدحمة لخلاص الديون سواء كانت داخلية أو خارجية، رأى أن شهري فبراير وأكتوبر من العام المقبل من أهم وأبرز الأشهر في جدول تسديد تونس للقروض الخارجية من خلال خلاص 25 و20 في المئة على التوالي من حجم القروض الخارجية.

ثلاثة حلول

وضبط حديدان ثلاثة حلول اعتبرها أساساً للتقليص من حدة الصعوبات والإشكالات المالية القادرة نسبياً على إيفاء تونس بتعهداتها المالية، وفي مقدمتها وجوب أن تنتهج الحكومة سياسة الضغط على المصاريف والتقليص من نفقاتها. ودعا في هذا الإطار إلى القيام بمجهود وطني جماعي، والإقدام بكل شجاعة على إصلاح منظومة الدعم من خلال تحرير أسعار عدد من المنتجات المدعومة شريطة توفيرها بالكميات المطلوبة في السوق الداخلية على غرار القمح.

ويتعلق الحل الثاني من وجهة نظره في إجراء إصلاح هيكلي للشركات الحكومية بالتفويت في الشركات غير الاستراتيجية مستغرباً من تمسك الدولة بأسهم في عدد من المصارف (13 بنكاً)، داعياً في هذا السياق إلى بيع هذه الأسهم للحصول على عائدات مالية وجب توظيفها في الإصلاحات الاقتصادية وتعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وتحسين بيئة الأعمال، بما يدر لاحقاً عائدات مالية على موازنة البلاد.

أما الحل الثالث فيتمثل في إصلاح منظومة الضرائب في البلاد بالاتجاه نحو توسيع القاعدة الضريبية، بخاصة العمل على تحصيل الأموال من التهرب الضريبي الذي قدره معز حديدان بنحو 10 مليارات دينار (3.2 مليار دولار)، ما سيساعد على خلاص ديونها بكل أريحية.

كسب تحدي 2023

وخلافاً لتوقعات عديد من الأطراف في إمكان تعثر تونس عن الإيفاء بالتزاماتها المتعلقة بالدين الخارجي، فقد تمكنت البلاد من سداد حوالى 74 في المئة من خدمة دين خارجي متراكمة، نقلاً عن بيانات البنك المركزي التونسي.

وبلغت قيمة الديون التي تم خلاصها 6653.1 مليون دينار (2146 مليون دولار) في 10 سبتمبر (أيلول) الماضي، من جملة 8945 مليون دينار (2885.4 مليون دولار) مبرمجة لعام 2023.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبرزت بيانات مؤسسة الإصدار أن خدمة الدين الخارجي غطتها مداخيل السياحة وتحويلات التونسيين في الخارج إلى حد كبير، إذ بلغت مجتمعة 10.7 مليار دينار لتصل بذلك نسبة التغطية 161 في المئة.

ومنذ مطلع العام الجاري، خططت الحكومة التونسية لتعبئة موارد اقتراض خارجي بقيمة 14.85 مليار دينار (4.77 مليار دولار)، وموارد اقتراض داخلي بقيمة 9.53 مليار دينار (3 مليار دولار)، لكنها لم تتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي لمنحها قرضاً بقيمة 1.9 مليار دولار.

وضعية حرجة

بدوره، تساءل المتخصص المالي بسام النيفر عن مصادر تمويل مبلغ اقتراض بقيمة 3.2 مليار دولار مشدداً على أن هناك مواعيد مهمة مع الأسواق المالية لسداد ديون خارجية حل موعد خلاصها في 2024. ولاحظ أن تونس ستنهي 2023 بنوع من الأريحية على مستوى توفر احتياط النقد الأجنبي، مبرراً ذلك بالتشدد الذي انتهجته الحكومة في فرض رقابة صارمة على الواردات، بخاصة من الكماليات ما خفف تدريجاً من وطأة عجز الميزان التجاري.

وفي ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي يفتح الآفاق للاقتراض من الأسواق العالمية والحصول على تمويل للموازنة، لفت إلى أن رزنامة سداد تونس ستؤثر بشكل كبير في التوازنات المالية العامة، وقد يكون للنسق المتواتر لسداد الديون الخارجية تأثير سلبي في الاحتياط من النقد الأجنبي. وأفاد بأن فبراير المقبل سيكون شهراً صعباً جداً على البلاد، إذ ستكون مضطرة إلى خلاص قرض بقيمة 2904 مليون دينار (936.7 مليون دولار) في فترة حساسة مع بداية العام.

ولأجل ذلك، دعا بسام النيفر إلى مزيد العمل على تحسين بيئة الأعمال لاستقطاب المستثمرين الأجانب، بخاصة الحفاظ على النسق الإيجابي للقطاع السياحي لتحقيق عائدات محترمة فضلاً عن مزيد الاهتمام بالمغتربين التونسيين لمضاعفة التحويلات عبر إقرار حوافز وتشجيعات. وخلص بالتأكيد على أهمية استرجاع نسق جيد ومهم لتصدير الفوسفات كما هو ملحوظ في العام الحالي.

اقرأ المزيد