ملخص
تهدف الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى القضاء على "حماس"
تسعى إسرائيل، بدعم أميركي، إلى "استنساخ نموذج الضفة الغربية" في قطاع غزة، عبر تسلم السلطة الفلسطينية مهام عملها فيه، وذلك بعد القضاء على حكم حركة "حماس"، بهدف إنهاء التهديد الأمني في القطاع، ومنع تكرار هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتهدف الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة إلى القضاء على الحركة بذراعيها العسكري والسياسي، وإعادة عشرات الأسرى الإسرائيليين من القطاع.
المسؤولية الأمنية
ومع دخول الحرب الإسرائيلية شهرها الثاني، قتلت إسرائيل أكثر من 10 آلاف فلسطيني، وأجبرت مئات آلاف الفلسطينيين على النزوح إلى جنوب قطاع غزة. وفي وقت تعارض الإدارة الأميركية إعادة إسرائيل احتلال قطاع غزة، فإنها ترفض بقاء سيطرة "حماس" على القطاع كي "يستخدم منصة للإرهاب، أو هجمات عنيفة أخرى، ويتكرر هجوم السابع من أكتوبر".
وتعتزم إسرائيل "تحمل المسؤولية الأمنية الكاملة في غزة لفترة غير محددة بعد انتهاء الحرب"، وفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وفي تفسيره لتصريحات نتنياهو، أوضح مستشاره مارك ريغيف أن الوجود الأمني الإسرائيلي في القطاع "لا يعني إعادة احتلال غزة، ولا يعني أن إسرائيل موجودة لحكم سكان قطاع غزة".
إطار عسكري
و"لن تبقى حركة (حماس) بعد الحرب موجودة كإطار عسكري وسلطوي في غزة"، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، مضيفاً "لن يكون هناك تهديد أمني من غزة على إسرائيل، وستكون للجيش الإسرائيلي حرية عمل كاملة من دون قيود على ممارسة القوة"، لكن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن شدد على أن واشنطن ترفض "حصار غزة"، أو "أي تقليص لمساحة أراضيها"، وشدد على ضرورة "وجود فترة انتقالية لما بعد حكم (حماس)"، على أن يتولى ذلك "وجود سلطة فلسطينية واحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ووضع آلية مستدامة لإعادة البناء"، ووفق بلينكن، فإن ذلك يجب أن يأتي ضمن "مسار يسمح الفلسطينيين والإسرائيليين بالعيش إلى جانب بعضهم بعضاً، ويضمن الكرامة لهما، وإقامة دولة فلسطينية".
وخلال لقائه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مطلع الأسبوع الجاري، طالب بلينكن من السلطة الفلسطينية لعب "دور مركزي في ما سيأتي بعد ذلك في قطاع غزة".
طموحات الفلسطينيين
ووفق مسؤول أميركي، فإن الرئيس الفلسطيني "بدا مستعداً للقيام بدور في القطاع"، وأبلغ عباس وزير الخارجية الأميركي بأن السلطة الفلسطينية "ستتحمل مسؤولياتها كاملة في إطار حل سياسي شامل على كل من الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعربت الإدارة الأميركية عن تقديرها للدور الذي تقوم به السلطة الفلسطينية للحفاظ على الاستقرار في الضفة الغربية، وشددت على تمسكها بضرورة إقامة دولة فلسطينية تحقق طموحات الفلسطينيين. ومع أن السلطة الفلسطينية لم تنفِ الانخراط مع الإدارة الأميركية في ترتيبات ما بعد الحرب، فإنها شددت على أن "حركة (حماس) مركب أساس في المشهد السياسي الفلسطيني".
حل شامل
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن الشعب الفلسطيني "يجب أن يكون موحداً"، رافضاً "الحلول الجزئية للضفة الغربية أو قطاع غزة، أو إقامة حكومة فيشي في قطاع غزة". وطالب بحل "شامل يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية على الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس كي لا يتكرر هجوم (حماس)".
وفي ردها، قالت "حماس" إن إدارة قطاع غزة "شأن فلسطيني خاص"، مؤكدة "عدم نجاح أية قوة على الأرض في تغيير الواقع أو فرض إرادتها". وقال المتحدث باسم الحركة عبداللطيف القانوع إن "(حماس) حركة تحرر وطني وتتربع في كل بيت فلسطيني، وهي جزء أصيل من شعبنا ومن حقها مقاومة الاحتلال وفق كل القوانين والأعراف".
واعتبر مدير مركز دراسات الخليج في جامعة "قطر" محجوب الزويري أن حديث نتنياهو عن تحمل إسرائيل المسؤولية الأمنية في غزة يهدف إلى "ابتزاز واشنطن والحصول على مزيد من التنازلات منها لاستمرار الحرب، وتهيئة الأرضية لخلق وضع جديد في قطاع غزة". وقال إن نتنياهو "يضغط بذلك من أجل الحصول على مزيد من الوقت، ومساعدته في إيجاد البديل لحكم قطاع غزة، وتنفيذ ذلك".
إضعاف السلطة الفلسطينية
وتابع الزويري أن "إسرائيل تعمل على إضعاف السلطة الفلسطينية سياسياً واقتصادياً، وقضت على هيبتها". وأوضح أن بلينكن يدرك أن السلطة الفلسطينية "غير قادرة على القيام بأية مهمة في غزة بسبب عدم وجود قاعدة اجتماعية لها في القطاع". وأشار إلى وجود "عقبات لوجيستية تمنع تحمل إسرائيل المسؤولية الأمنية في القطاع لأن ذلك يحتاج إلى قوة عددية من الجيش الإسرائيلي بشكل دائم"، ومع ذلك، لفت الزويري إلى أن السيطرة الأمنية الإسرائيلية "لا تحل المشكلة، فإسرائيل جربت في السابق مشاريع مشابهة، وستخرج حركات مقاومة غير (حماس) ضد إسرائيل لأن تاريخ المقاومة الفلسطينية زاخر بذلك".
واعتبر الباحث المتخصص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية عامر سبايلة أن حرب إسرائيل ليست رداً على هجوم "حماس" فقط، لكنها تهدف إلى "اجتثاث الحركة من قطاع غزة ومن كل أماكن وجودها في دول الإقليم، وما قامت به (حماس) نقل المعركة إلى داخل إسرائيل"، معتبراً أن هذا الأمر "غير مسبوق، ولن تسمح إسرائيل بتكراره"، وأوضح أن إسرائيل "ستشرف على خطة أمنية في القطاع، وإيجاد شريك فلسطيني يضمن عدم تشكيل الخلايا المسلحة في داخله".
وحذر سبايلة من أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة "ستؤدي إلى تدويل القطاع"، مضيفاً أن واشنطن "ستعمل على تغير الواقع فيه عبر البوابة الإنسانية"، وأن إسرائيل تسعى إلى "التنسيق الأمني مع طرف فلسطيني في غزة مثل السلطة الفلسطينية في الضفة"، ورجح "اندلاع صراع فلسطيني - فلسطيني وإقليمي في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب".
نموذج الضفة
ورأى المتخصص في مجال العلوم السياسية بجامعة "الخليل" بلال الشوبكي أن تل أبيب وواشنطن تسعيان إلى "إقامة نموذج الحكم الموجود في الضفة الغربية بقطاع غزة"، لكنه أشار إلى أن ذلك "عملية معقدة وتحتاج إلى نفس طويل وتدخل أطراف دولية مثل أميركا للمساعدة على إيجاده". وأضاف أن الأمر "يتطلب تغيير بنية قطاع غزة وتقطيع أوصال القطاع إلى أجزاء"، مشيراً إلى أن المقاومة الفلسطينية لن تسمح بذلك بسهولة.