Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تأثرت "كتائب القسام" بأنور باشا التركي؟

المنظمة التي أنشأها تم تدريبها بصورة جيدة واتبعت استراتيجية المقاومة التركية نفسها في الأناضول

فرّ عز الدين القسام إلى فلسطين ووجد أن الجبهة الفلسطينية أكثر أهمية (أ ف ب)

ملخص

شخصيتان رئيسيتان تأثرت بهما "القسام" اليوم، أنور باشا وعمر المختار

كانت هناك شخصيتان تاريخيتان مهمتان لهما تأثير على كتائب "القسام" بصورتها في المقاومة والتنظيم، وهما أنور باشا وعمر المختار.

وعندما صدر "وعد بلفور" كان المسلمون في الشرق الأوسط إما مهزومين في جميع الجبهات أو اُحتلت بلادهم بما في ذلك الأراضي التركية، وهذا الإعلان (وعد بلفور) الذي سمي على اسم وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور جعل منه برنامجاً حزبياً لطرد الأتراك من الأناضول إن أمكن وإبقاء إسطنبول تحت الاحتلال، فكان له مثل تأثير زلزال في الشرق الأوسط، وأعلن بلفور الوعد بالعبارات التالية "تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر".

وبعد ظهور هذا الإعلان بدأت فترة طويلة من الصمت للجغرافيا في المنطقة حتى أشعلت منظمة تدعى "اليد السوداء" نار التمرد، وبما أن البريطانيين واليهود حينها اعتادوا الخمول السياسي للمسلمين، فلم يعرفوا في البداية كيفية التصرف في مواجهة هذه المقاومة حتى تم الكشف عمن يقف وراء حركة التمرد هذه، وهم محمد عز الدين وعبدالقادر ومصطفى القسام الذي لم يكن مجرد داعية، بل سبق له أن حارب الإيطاليين في طرابلس بالتعاون مع أنور باشا ثم مع عمر المختار حتى أصبح لاحقاً رمزاً للمقاومة ضد الفرنسيين خلال الحرب العالمية، وشكلت تعاليمه حول ثقافة المقاومة في ما بعد أساس الجناح العسكري المسمى اليوم "كتائب القسام".

جمع الجنود والسلاح للأتراك

ولد عز الدين القسام عام 1882 في اللاذقية بسوريا والتحق بالأزهر في مصر عندما كان عمره 14 سنة، وأكمل تعليمه الديني عام 1909، وعندما احتل الإيطاليون طرابلس وجد نفسه منخرطاً في السياسة وقام بتنظيم مسيرات من خلال جمع الجنود والمال والأسلحة للأتراك، وبعد انهيار الجيش العثماني شكل "القسام" تنظيماً لمواجهة الانتداب الفرنسي لسوريا، وعندما كشف الفرنسيون هويته فرّ إلى فلسطين حيث وجد أن الجبهة الفلسطينية أكثر أهمية، وسرعان ما شكل منظمة مقاومة سرية هناك، وقام بأول عمل مسلح جدي في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1935، التاريخ الذي صادف ذكرى "وعد بلفور".

وكانت منظمة المقاومة التي أنشأها على عكس الحركات الأخرى فقد دُربت بصورة جيدة واتبعت استراتيجية المقاومة التركية في الأناضول نفسها، وتصرف "القسام" كجيش إذ كان يجمع المعلومات الاستخباراتية ويفضل قتال العدو وجهاً لوجه، وقد أدى هذا النهج في البداية إلى حدوث انقسامات في المنظمات التي تقاتل من أجل فلسطين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اختبأ عز الدين القسام في المنازل وكان يتنقل في كثير من الأحيان مع 10 أو 15 رجلاً، وخلال تنقلاته هذه جمع مئات الرجال في وقت قصير ليتحول إلى تهديد هائل لأمن المنطقة، ولم ينشئ مقراً رئيساً له في أي منطقة، ولم يقع في أي تسلسل هرمي، واستراتيجية القسام هذه حولت كل قروي فلسطيني إلى جندي محتمل وضابط استخبارات مما أسهم في تزايد التهديد وقوته يوماً بعد يوم، وكان البريطانيون أيضاً على علم بهذا الوضع وساروا نحو القسام وحددوا موقعه وهاجموه بقوة قوامها 500 شخص، وعندما حاصروه كان معه 15 شخصاً، ليحيد في هذه المعركة التي وقعت في الـ 20 من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1935.

ثورة استمرت 3 أعوام

ولكن بدلاً من القضاء على المقاومة أشعل مقتل القسام ثورة استمرت نحو ثلاثة أعوام، حتى إن بعضهم قبل بتسميتها "الانتفاضة الأولى"، وعندها حاولت المفوضية العليا البريطانية قمع موجة التمرد هذه من خلال تطبيق الإجراءات الاقتصادية والحصار، وعندما لم تسفر هذه الإجراءات عن أي رد بدأ الجيش البريطاني بمذبحة كبيرة بدعم من اليهود، فبين عامي 1936 و1939 قتل نحو 10 في المئة من السكان الفلسطينيين، فسببت هذه المجازر صدمة كبيرة في مصر وسوريا والعراق والأردن، وفي نهاية المطاف شكلت أساس الحرب العربية - الإسرائيلية الشهيرة عام 1948.

حياة ونضال عز الدين القسام شكلتا جذور سلسلة من الأحداث التي أثرت في بعضها بعضاً، وهذا ما جعل اسمه يطلق على "كتائب القسام"، وبالتأكيد فليس من المقبول قتل المدنيين، لكن يمكننا القول باختصار إن هناك شخصيتين رئيستين تأثرت بهما "القسام" اليوم، وهما أنور باشا وعمر المختار، وهذا الجانب الذي يمسنا في هذه القصة.

 الآراء الواردة في هذه المقالة تخص المؤلف ولا تعكس بالضرورة السياسة التحريرية لصحيفة "اندبندنت تركية".

نقلا عن "اندبندنت تركية"

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير