مع بدء تشكيل أجهزة الحكم المدني الانتقالي في السودان، التي ستمارس مهامها التنفيذية مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل، ظهرت القوى السياسية المعارضة، خصوصاً تلك المحسوبة على الحركة الإسلامية، على المسرح السياسي معلنةً رفضها سياسة الإقصاء التي اتبعتها قوى الحرية والتغيير، وتصدّيها لأي محاولة تسعى إلى انتقاص حقوقها المكفولة بالقانون. لكن سياسيين مناصرين للحكومة الانتقالية اعتبروا في حديثهم إلى "اندبندنت عربية" انتقادات القوى المعارضة مجرد مزايدة سياسية.
التعامل بالقانون
أشار القيادي في قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل إلى أن أي حديث يطلق حول الإقصاء خلال الفترة الانتقالية هو مجرد مزايدة سياسية، مؤكداً أن المعارضة القانونية والمسؤولة مطلوبة وأنها ستتمتع بكامل الحقوق والحريات في إطار القانون السائد، مضيفاً "هناك أحاديث كثيرة ظهرت في الآونة الماضية مصدرها أحزاب الحركة الإسلامية وتحديداً المؤتمر الشعبي، تدور حول عدم اعترافهم بالوثيقة الدستورية واتهام قوى الحرية والتغيير بإقصاء الآخرين، وهذا حديث ليس في مكانه. فهذا الحزب يريد فقط أن يكون له دور في المشهد السياسي وهو جزء من النظام السابق حتى آخر أيامه".
ونوّه فيصل إلى أن قوى الحرية والتغيير ترحب بأي عمل معارض يسعى إلى مساعدة الحكومة الجديدة في السير في الاتجاه الصحيح، وعندها ستجد المعارضة الاحترام والتقدير من الشارع السوداني، الذي يُعتبر الحكم الحقيقي وحارس الديمقراطية. لكن إذا حادت هذه المعارضة عن الخط السلمي وسعت إلى إحداث فوضى وانقلاب على الديمقراطية سيُصار إلى التعامل معها بالقانون، مشدداً على أن الوثيقة الدستورية التي تنظم العملية السياسية ومهام أجهزة الحكم الانتقالي وصلاحياتها وسلطاته الثلاث (مجلس السيادة ومجلس الوزراء والمجلس التشريعي) أتاحت كل شيء ولم تترك ثغرة في الممارسة الديمقراطية.
إجهاض الديمقراطية
في السياق نفسه، أوضح مساعد رئيس حزب الأمة القومي وعضو المكتب السياسي اسماعيل آدم أن الحكومة الانتقالية المقبلة هي حكومة مهام محددة ببرنامج زمني مدته ثلاث سنوات وثلاثة أشهر، بعدما اتفق الجميع على أن تُدار هذه الفترة بواسطة فريق عمل يتمتع بخبرات وكفاءات عالية لإنقاذ البلاد من الحالة المتردية التي خلّفها النظام السابق، خصوصاً في الجانب الاقتصادي الذي يشهد حالة متدنية شبيهة بالانهيار، مشيراً إلى أن المعارضة المنضبطة مطلوبة في هذه المرحلة المهمة من تاريخ السودان لتكون رقيباً على البرامج والسياسات التي ستُنفّذ سواء كانت اقتصادية أو اجتماعية أو غيرها في المجالات الأخرى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكد آدم أن مكونات قوى الحرية والتغيير ترغب في ترسيخ الحكم الديمقراطي العادل والنزيه من دون إقصاء أو عزل لأحد، وهذا ما شدّدت عليه في حفل مراسيم التوقيع على الوثيقة الدستورية بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري بحضور المجتمع الدولي والإقليمي.
وذكر أن الفترة الانتقالية هي بمثابة حلقة وصل لتحقيق أهداف محددة هي السلام ومعالجة الوضع الاقتصادي المتأزم وإجراء انتخابات عامة حرة ونزيهة في البلاد لكي يأتي بعدها من يفوضه الشعب، داعياً القوى السياسية التي ستقف في المعارضة إلى بناء نفسها والاستعداد للانتخابات المقبلة والابتعاد عن الأساليب والممارسات التي من شأنها إجهاض الديمقراطية.
معارضة مسؤولة
من جانب آخر، قال نائب رئيس حزب الإصلاح الآن عثمان رزق "نعتبر الحكومة الانتقالية الجديدة أمراً واقعاً، ووقوفنا في خانة المعارضة أمر واقع أيضاً. وبالتالي، سندعم أي عمل إيجابي، لكن سنتصدى لأي محاولة تسعى إلى الانتقاص من حقوقنا"، متهماً قوى الحرية والتغيير بأنها قوى إقصائية لا تريد مشاركة الغير وأن حديثها عن إتاحة كامل الحقوق للمعارضة مجرد شعار وكلام للاستهلاك.
وأكد رزق أنهم عازمون على ممارسة معارضة مسؤولة بعيداً من العنف والتخريب، لكن في المقابل، "لا بد من تمتعنا بحقوقنا كافة من الخروج في مسيرات احتجاجية وعقد ندوات وامتلاك صحف تعبّر عن توجهاتنا".
وطالب بضرورة تضمين الشريعة الإسلامية في الوثيقة الدستورية كمصدر للتشريع، معرباً عن أمله في أن تعمل الحكومة المقبلة على بناء دولة قائمة على الصدق والأمانة.